لا تزال الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ومقتل أكثر من 60 فلسطينيا من غزة برصاص القوات الإسرائيلية تتصدر اهتمام الصحف العربية على خلفية نقل واشنطن سفارتها من تل أبيب إلى القدس تنفيذا لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويحذر ماهر أبو طير في الدستور الأردنية من أن الأمر لا يقف عن حدود نقل السفارة إلى القدس "بل إن الأمريكيين منحوا الإسرائيليين الضوءَ الأخضر لتكريس اعتبار القدس، كل القدس، عاصمة لإسرائيل بعيدا عن قصة عاصمتين شرقية وغربية".

وقال أبو طير إن تصريح مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر في القدس بأن الوصاية على "القدس وما فيها" هي لإسرائيل، "يلامس هنا أمرين اثنين، أولهما الوصاية السياسية على القدس، من حيث شمولها إسرائيليا لكل المدينة، بما يعنيه ذلك من إلغاء فعلي لحل الدولتين، القائم على كون القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين، وإطلاق يد إسرائيل في كل القدس، من أجل تغيير واقعها الديموغرافي والثقافي والديني والاجتماعي، باعتبارها عاصمة موحدة لإسرائيل".

وأضاف الكاتب بأن "الوصاية الإسرائيلية المطلقة هنا، مسّت وفقا للتصريح الأمريكي الوصاية الأردنية الشرعية على المسجد الاقصى، إذ إن كوشنر الذي اعتبر أن إسرائيل وصية على القدس 'وما فيها' شمل بذلك الحرم القدسي، أي المسجد الاقصى ومسجد قبة الصخرة، اللذين هما في الأساس ووفقا لاتفاقية وادي عربة مع إسرائيل، تحت رعاية ووصاية الأردن، وبقبول فلسطيني، تم تأكيده عشرات المرات".

وتقول صحيفة الرياض السعودية إن نقل السفارة الأمريكية "يعطي شرعية للاحتلال على أرض لا تعترف دول العالم بتبعيتها لإسرائيل، بل تعتبرها أرضا محتلة لا يجب فرض أمر واقع عليها كما تحاول إسرائيل".

وتضيف أن "أية محاولات لـ(شرعنة) الاحتلال فإن ذلك يعني المزيد من التعقيدات والكثير من العنف والعنف المضاد، مما يعني أن السلام حلم بعيد المنال ولن يكون طالما تتخذ إجراءات غاية في السلبية تجعل من التوصل إلى حلول توافقية أمراً أشبه بالمستحيل".

ويتحدث سليمان جودة في المصري اليوم عن ترامب فيقول: "إننا أمام رجل يتكلم، ثم يحوّل كلامه إلى فعل، ويراهن من جانبه على أننا كعرب في المقابل، سوف نتكلم فقط، وسوف نستهلك طاقتنا في الكلام".

ويضيف: "ليس أمامنا سوى أن نواجه الفعل على مستواه، بفعل آخر على مستوانا. فعل يقول إن الولايات المتحدة الأمريكية إذا كانت قوية إلى هذا الحد، فإننا لسنا ضعفاء إلى هذه الدرجة".

"قوافل الشهداء"

ويثني عبد الباري عطوان، رئيس تحرير رأي اليوم الإلكترونية اللندنية، على مسيرات "العودة" في غزة التي سقط فيها أكثر من 60 قتيلا برصاص الجيش الإسرائيلي.

يقول عطوان: "هَؤلاء الشُّبّان الذين تَجري في عُروقِهم دِماء الكَرامة والعِزَّة الوطنيّة هم الذين يَردُّون الرَّد المُشرِّف على هذا التَّغوُّل الأمريكيّ الإسرائيليّ، ولم يَعودوا يَنتظِرون الجُيوش العربيّة وطائِرات 'إف 16' التي جَرى إنفاق مِئات المِليارات من الدُّولارات على شِرائِها، لأنّهم، باتوا مُتأكِّدين أنّ هذهِ الطَّائِرات لن تَقتُل إلا العَرب البُسَطاء، ولن تُدمِّر إلا المُدُن العَربيّة، ولن يَكون مُستَبعدا أن تُقاتِل جَنبا إلى جنب مع نَظيراتِها الإسرائيليّة ضِد الشَّعب الفِلسطيني نَفسِه".

وبالمثل، يقول حبيب راشدين في الشروق الجزائرية: "لم تكن صواريخ القسام عبثية كما قال المرجفة من الحكام العرب، بل العبث كل العبث أن يقاد الشباب والطفل الفلسطيني إلى مسيرات بلا مخالب، تحولت إلى مشاهد قنص يتندَّر بها عساكرُ الكيان الصهيوني على 'يوتوب'".

وفي العرب القطرية، يشيد ياسر الزعاترة بمسيرات "العودة" في غزة، واصفا إيّاها بـ"الملحمة".

يقول الزعاترة: "من هنا تكمن أهمية مسيرة العودة بكل فصولها، وفي المقدمة هذا الفصل الذي شهدناه يوم الإثنين، والذي عطّرته دماء الشهداء والجرحى، وجاء تزامنا مع حفل نقل السفارة، فهي تعيد التأكيد على أبجديات القضية، من حيث هي قضية لاجئين وشعب تم تهجيره من أرضه، فضلا عن رفعها شعار القدس التي لم ولن يتم التنازل عنها، مهما كانت التضحيات".