توفي برنارد لويس المؤرخ والباحث البارز في تاريخ الشرق الأوسط عن عمر ناهز 101 أعوام. فمن هو برنارد لويس؟

ولد لويس في لندن لعائلة يهودية من الطبقة المتوسطة ودرس في جامعات لندن وباريس قبل أن يصبح أستاذا مساعدا للدراسات الإسلامية في كلية الدراسات الشرقية عام 1938 وخلال الحرب العالمية الثانية عمل في الاستخبارات البريطانية في الشرق الأوسط وهي الفترة التي تعلم فيها أن استرضاء الطغاة كارثة.

وفي الفترة بين عامي 1949 و1974 عمل استاذا لتاريخ الشرق الأدنى والأوسط في كلية الدراسات الشرقية وقد أصدر العديد من الدراسات المميزة وكان من الكتاب المفضلين لرئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة غولدا مائير.

وفي عام 1974 انهار زواجه الذي استمر 27 عاما وطلق زوجته الدنماركية اليهودية روث هيلين بعد علاقة قصيرة بأميرة عثمانية. وقد أثر انهيار زواجه على صداقاته بالنخبة الثقافية اليهودية في بريطانيا مثل إيلي كيدوري الذي كان صديقا لروث فهاجر برنارد لويس للولايات المتحدة حيث احتل مقعدا بمعهد دراسات الشرق الأدنى ليبدأ رحلته في التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية وعلى صناع السياسة في واشنطن.

هجمات سبتمبر: مشاهد راسخة في ذاكرة التاريخ

قاض أمريكي يرفض اسقاط دعوى لمقاضاة السعودية بسبب هجمات 11 سبتمبر

وكانت رسالة لويس السياسية لأمريكا بشأن الشرق الأوسط عام 2001 بسيطة وهي "القسوة أو الخروج"، محذرا من أن المفجر الانتحاري قد يصبح رمزا للمنطقة بأسرها التي تغرق في الكراهية والغضب والقمع والفقر.

وقد أطلق البعض على رسالة "القسوة أو الخروج" اسم "مذهب لويس" Lewis Doctrine. وعرفت صحيفة وول ستريت جورنال نظرية لويس بـ "زرع الديمقراطية في دول الشرق الأوسط الفاشلة للتصدي للإرهاب."

العراق

وقد كان لويس يدعو لاستخدام الحد الأدنى من القوة الغربية لأقل وقت لبث الحياة في المؤسسات السياسية في الشرق الأوسط بداية بالعراق الذي يتوفر به الثروة النفطية وطبقة متوسطة كبيرة وماضي عريق ومجتمع علماني وبالتالي فإن للديمقراطية فرصة للتجذر هناك أكثر من أي مكان آخر في العالم الإسلامي، وذلك بحسب لويس.

بوش
Getty Images

وكانت هذه رسالته إلى البيت الأبيض لدى دعوته لإلقاء خطاب في العاملين بمقر الرئاسة الأمريكية عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول حيث تحدث عن شعور القاعدة بالدونية والكراهية تجاه الغرب الناجم عن ثلاثة قرون من التراجع الإسلامي والعربي ثقافيا وعسكريا وتكنولوجيا منذ فشل العثمانيين في الاستيلاء على فيينا عام 1683.

ولم يلق اللوم قط على أمريكا حيث قال في حديث إذاعي:" لا يمكن أن تكون غنيا وقويا وناجحا ومحبوبا وخاصة من جانب أولئك الذين يفتقدون للقوة والثراء والنجاح لذلك فإن الكراهية شيء بديهي. والسؤال يجب أن يكون هو لماذا لا يحبوننا أو يحترموننا؟"

بعد 15 عاما على الحرب: ماذا قال قادة العالم عن غزو العراق؟

ويقول السياسي الأمريكي ريتشارد بيرل :" إن برنارد لويس كان أكثر المثقفين تأثيرا فيما يتعلق بإدارة النزاع بين الإسلام الراديكالي والغرب وكان هنري كيسنغر يرجع له."

وعندما سأل في هارفاد: هل يجب أن نتفاوض مع نظام آيات الله في طهران؟ أجاب على الفور: بالطبع لا.

وقد وصل تأثيره إلى قمة صناعة القرار السياسي في أمريكا فبعد هجمات سبتمبر شوهد الرئيس السابق بوش يحمل مقالاته التي من الواضح أن مستشارته للأمن القومي كوندوليزا رايس أمدته بها.

غضب

وقد أثارت آرائه غضب العديد من الأكاديميين في بريطانيا وأوروبا فرغم أنه يجيد بطلاقة العربية والفارسية والتركية والفرنسية والألمانية وإصداره 11 جزءا في كامبريدج عن تاريخ الإسلام وخبرته التي تمتد لعقود في هذا المجال وكونه كبير محرري إنسكلوبيديا الإسلام على مدار 31 عاما فإن البعض انتقده على خلفية وصف إدارود سعيد له بأنه "مستشرق من الطراز القديم ليست لديه مشاعر تجاه دول المنطقة باستثناء تركيا."

ومن آرائه التي أثارت السخط موقفه من التدخل في العراق، وقد نفى لويس تأييده لغزو العراق، قائلا إنه كان يدعو إلى تقديم مساعدات أكبر إلى الأكراد المتحالفين مع الغرب في شمال العراق كقوة موازية لنظام بغداد.

مذابح الأرمن
AFP

كما ينكر مذابح الأرمن حيث رفض تسمية ما حدث بالمجزرة واعتبارها "أعمال مؤسفة أودت بحياة أتراك وأرمن على حد سواء".وأدى موقفه هذا إلى محاكمته في فرنسا.

وعرف عنه أيضا انتقاداته للفكر الوهابي وتمويل السعودية له وثقافة تبعية المرأة. وكان كتابه أزمة الإسلام من أكثر الكتب مبيعا وفيه يشير إلى أن الإسلام يفتقر إلى النقد التاريخي للنصوص الدينية كما حصل في المسيحية الغربية.

تركيا تحتج على خطط لنصب تمثال بالدنمارك يخلد "مذابح الأرمن"

وقد طرح برنارد لوس أكثر من 30 مؤلفا ومئات المقالات والمحاضرات بأكثر من 10 لغات، تحدث معظمها عن خطوط ومعالم الشرق الأوسط الحديث، كالانقسامات الطائفية وصعود "الإسلام الراديكالي" و"الدكتاتورية الراسخة" المدعومة نسبيا من الغرب.

وقال لويس :" إنه أراد عام 1938 أن يصبح مؤرخا لأنه أراد رؤية التاريخ من الجانب الآخر. وبعد عقود طويلة قضاها في الظل مؤثرا على الأحداث بهدوء وجد نفسه في السنوات الأخيرة من حياته على الجانب الآخر.. في الضوء.