شاءت الأقدار أن يلعب، نائب وزير العدل الأميركي، رود روزنستاين دورًا كبيرًا في التحقيقات الروسية، بعدما عمد رئيسه جيف سيشنز إلى تحييد نفسه، وترك أمر مراقبة عمل روبرت مولر إلى نائبه.

إيلاف من نيويورك: إذا كان دونالد ترمب وروبرت مولر يخطفان إبصار الأميركيين، فإن روزنستاين يملك وحده مفتاح باب التحقيقات، فالمحقق الخاص سيعود إليه في كل شاردة وواردة، هو من يعطي الإذن بوصول التقارير إلى الكونغرس، وإن أراد فيمكنه حجبها حتى إشعار آخر.

روزنستاين مفتاح الحل والربط
نشرت "نيويورك تايمز" تقريرًا عن الخطوات التي بإمكان المحقق الخاص القيام بها عند الانتهاء من تحقيقاته، واللافت أن جميع الطرق تمر عبر روزنستاين، الذي رجح ستيفن بانون، كبير مساعدي ترمب السابق، طرده من منصبه خلال فترة قصيرة.

السيناريو الأفضل
السيناريو الأمثل بالنسبة إلى الرئيس الأميركي، يكمن في توصل مولر إلى قناعة تفيد بعدم ارتكاب ترمب أي خطأ، ويرسل تقريرًا موثوقًا إلى روزنستاين، الذي قد يحتفظ به لنفسه من دون إرساله إلى الكونغرس، ولكنه قد يواجه ضغوطات كبيرة في نهاية المطاف تدفعه إلى الرضوخ لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، فيرسل إليهم تقريره.

الخطوة الأقل عدوانية
مولر يمكنه القيام بثلاث خطوات في حال وجد أن ترمب خرق القانون، وتتدرج هذه الخطوات من الأقل عدوانية إلى الأكثر عدوانية، فالخيار الأول يحتم عليه كتابة تقرير يتضمن خروقات الرئيس يرفعه إلى روزنستاين، على أمل أن يرسله الأخير إلى الكونغرس. 

نائب الوزير، وتحت الضغط السياسي، قد يرسل التقرير إلى الكونغرس، أو يرفض إرساله، مكتفيًا بإخطارهم بانتهاء التحقيقات فيقوم النواب بتوجيه استدعاء إليه للحصول على المعلومات، أو توجيه استدعاء إلى مولر لتقديم شهادته بخصوص تحقيقاته، وعندما يحصل الكونغرس على التقرير فيمكن إما تجاهله، أو توجيه الاتهام والبدء بإجراءات المحاكمة.

الخيار الثاني
كذلك يمكن لمولر استخدام هيئة المحلفين الكبرى لنشر مضمون التحقيقات في حال وجد أدلة تدين ترمب، وبمقدوره الإعلان أن الأخير متعاون غير متهم في اتهامات تطال آخرين، ويحق له الطلب من هيئة المحلفين إرسال تقرير إلى اللجنة القضائية في مجلس النواب مدعم بالأدلة الدامغة. 

لكن كل هذه الخطوات مرتبطة أولًا بالحصول على موافقة روزنستاين، الذي بإمكانه إما الموافقة على طرح المحقق الخاص، والطلب من هيئة المحلفين اعتبار الرئيس متآمرًا غير متهم، أو عدم الموافقة وإخبار الكونغرس عن الأسباب التي دفعته إلى رفض الاقتراح، وكما في الحالة الأولى بمقدور الكونغرس إما تجاهل المعلومات، وبالتالي بقاء الرئيس في منصبه، أو المباشرة بإجراءات المحاكمة.

البلبلة الأكبر
السيناريو الأكثر عدوانية يكمن في قيام مولر، وبعد الحصول على إذن روزنستاين، بتوجيه اتهامات مباشرة إلى الرئيس استنادًا إلى أدلة دامغة تدينه، والطلب من هيئة المحلفين توجيه اتهامات. 

وهنا تبرز معضلة وزارة العدل التي تتخذ موقفًا يقول إن الدستور لا يسمح بإدانة رؤساء خلال فترة وجودهم في الحكم، ويمكن لترمب طرد نائب وزير العدل، وتعيين آخر مكانه، ثم تسحب لائحة الاتهام، وهناك فرصة أمام محاميه للطعن، أو يقوم الرئيس بإصدار عفو عن نفسه، لينتقل الصراع إلى المحكمة العليا، ويمكن لروزنستاين أيضًا رفض لائحة اتهامات مولر ضد ترمب.

خطوات العزل
تشير بعض التكهنات إلى أن مولر قد يطلب إذنًا من المشرف على تحقيقاته لتوجيه اتهام إلى ترمب، والتأكد من وصول التقرير إلى الكونغرس، الذي إما سيتجاهل معلومات أو يبدأ في إجراءاته، يمكن للكونغرس عزل الرئيس في حالات الخيانة، الفساد، أو جرائم كبرى أخرى، وتبدأ إجراءات التصويت على الإقالة في مجلس النواب، وتلعب الأكثرية الحزبية المسيطرة دورًا في هذه الحالة، لأن المطلوب تصويت الأكثرية لنقل الملف إلى مجلس الشيوخ.

في حال تصويت الكونغرس على إقالة الرئيس، يبحث مجلس الشيوخ في الاتهامات، وتجري المحاكمة بإشراف رئيس المحكمة العليا، ويلعب أعضاء مجلس الشيوخ دور هيئة المحلفين، ويكون أعضاء مجلس النواب بمثابة المدعين العامين، ويقوم محامو ترمب بتمثيله، وبعد الانتهاء من المحاكمة يُصار إلى التصويت، فإذا صوّت ثلثا أعضاء المجلس لمصلحة إدانة الرئيس يُعزل، ويتولى نائبه الحكم، علمًا أنه لم يسبق لمجلس الشيوخ أن عزل رئيس طوال التاريخ.