إيلاف من واشنطن: يطمح الرئيس الأميركي دونالد ترمب برغبة جامحة إلى تحقيق إنجاز سياسي يدخله التاريخ ويخرجه من أزمات بلاده الداخلية التي تلاحقه، معتمدا على نتائج "القمة التاريخية" المرتقبة بينه وبين نظيره الكوري الشمالي، وفي وقت تحاول بيونغ يانغ تأخير انعقادها، يبدو ترمب في تصريحاته الأخيرة يستجدي كيم للقاء.


وعلى غير عادته، اختار الرئيس الأميركي دونالد ترمب استخدام لغة هادئة تجاه كوريا الشمالية على مدى العشرة أيام الماضية، وبدا كأنه يتوسل رئيسها أن يعقد لقاء قمة معه، رغم تصريحات مسؤولي الدولة النووية التي اعتبرت في بعض الأحيان مستفزة لأكبر قوة بالعالم، ومنها ما وصف نائبة وزير خارجيتها الاربعاء تعليقات أدلى بها نائب ترمب مايك بينس "بالغبية والوقحة".

ترمب في ورطة

ويبدو أن الرئيس الأميركي في ورطة، فهو صرح على مدى أسابيع مؤكدا أن القمة التي سيعقدها مع رئيس كوريا الشمالية كيم يونج ين، سينتج عنها تنازل الأخيرة عن سلاحها النووي، وهي التعليقات التي ألتزمت تجاهها بيونج يانج الصمت ولم تنفها، حتى أكد البيت الأبيض موعد القمة التي من المفترض أن تعقد في يونيو المقبل في سنغافورة، ليبدأ المسؤولون الشماليون، وفقاً لمسؤولين أميركيين "بالتراجع عن ما ألتزموا به خلال المفاوضات غير العلنية مع واشنطن وحلفاءها، وأهمها استعدادهم التخلي عن السلاح النووي".

من جهتها نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين الاسبوع الماضي لم تسمهم، قولهم إن ترمب وضع بلادهم في موقف حرج بسبب تصريحاته التي أطلقها وأكد بقوة أن القمة ستعقد.

تجاوز الانتقادات

ووفقاً للصحيفة، فإن ترمب الذي يريد تجاوز الانتقادات بسبب انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني من خلال تحقيق إنجاز سياسي كبير عبر إنها الأزمة الكورية الأكثر تعقيدا، يجري مشاورات مكثفة مع معاونيه، لمعرفة إن كان عليه أن يمضي قدما في عقد القمة مع كيم يونج ين، بعد التصريحات التي أطلقها مسؤولون كوريون شماليون بأن لا نية لبلادهم بالتخلي عن سلاحها النووي.

ويخشى ترمب أن يحرجه الرئيس الكوري الشمالي علناً خلال القمة برفضه تقديم أي تنازلات وأهمها التخلي عن السلاح النووي.

لكن من الواضح أن الرئيس الأميركي مازال “يتوسل” اللقاء بخصمه الذي هدده العام الماضي بالسلاح النووي، فترمب الذي اجتمع الاثنين برئيس كوريا الجنوبية في البيت الأبيض، قال الأربعاء إنه مازال “يتشاور مع أطراف عدة إذا ما كانت القمة ستعقد أم لا".

وأضاف: "لكن لدي أمل كبير جداً أنها ستعقد بعد التزام كوريا الشمالية بالشروط (الوعود التي قطعته)، فهذا من صالحها، والأهم أنه من صالح العالم كله".

عدائية بيونغ يانغ

وبعكس ما هو متوقع، ردت بيونغ يانغ على تصريحات ترمب الإيجابية، بهجوم على نائبه مايك بينس بعدما حذر الأخير في مقابلة مع محطة فوكس نيوز "الرئيس كيم جونغ أون من المراوغة مع واشنطن والتلاعب بها قبل القمة".

ووصفت نائبة وزير الخارجية تشوي سون هوي في بيان نشرته الوكالة الرسمية تصريحات بينس "بالجاهلة والغبية والوقحة"، مؤكدة "أن التهديدات لن تجبرنا على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن". 

وتابعت هوي : "لن نتوسل الولايات المتحدة من أجل الحوار أو نتعب أنفسنا باللجوء إلى إقناعهم إذا كانوا يرفضون الجلوس معنا".

وتابعت: "في حال أساءت الولايات المتحدة إلى نوايانا الحسنة وتمسكت بتصرفات غير قانونية ومشينة، سأتقدم باقتراح لقيادتنا العليا لإعادة النظر بالقمة بين جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية والولايات المتحدة". 

رغبات ترمب

ومن المؤكد أن الرغبة الجامحة في تحقيق إنجاز سياسي يدخله التاريخ ويخرجه من أزمة التحقيقات الداخلية التي تلاحقه، دفع ترمب إلى أن يذهب بعيدا بتقديم وعود كبيرة جداً ستنتج عن القمة، التي رغم أنها لم تعقد بعد حتى الآن، إلا إن الرئيس الأميركي لم يجد حرجا من إعادة تغريدات تنادي بمنحه جائزة نوبل، على افتراض أنه لا محالة، سينهي قريباً الأزمة في شبه الجزيرة الكورية.