إيلاف من بيروت: "بالنسبة إلى بعضهم أنا عبقري كبير، وإلى بعض آخر أنا تجسيد للشيطان". هكذا يصف المؤرخ برنارد لويس نفسه، وهو من قضى فترة طويلة من حياته في العمل الأكاديمي والتنظيري، وأسهمت أعماله في تشكيل وجهة النظر الغربية تجاه قضايا الشرق الأوسط.

وجهة نظر خاصة

بدأ لويس رحلته في التأثير في السياسة الخارجية الأميركية وصناع القرار في واشنطن بعد انهيار زواجه في عام 1974، فترك بريطانيا وهاجر إلى الولايات المتحدة حيث احتل مقعدًا بمعهد دراسات الشرق الأدنى.

قالت صحيفة واشنطن بوست، إن أعمال لويس كانت تحمل وجهة نظر خاصة تجاه الشرق الأوسط أبرزها إثارة الصراع الديني بين الطوائف ونشر الفوضى الخلاقة تمهيدًا لإعادة تقسيم المنطقة.

كان لويس، كما قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، منظرًا لسياسة التدخل الأميركية في المنطقة العربية في أثناء إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش وحربه ضد الإرهاب.

ويُعتبر واضع نظرية "صدام الحضارات" بين الإسلام والغرب، وهو يعتقد أن صراع الإسلام والمسيحية لم ينتج من الاختلافات بينهما بقدر ما نتج من تشابههما، فهما الديانتان الوحيدتان اللتان تدعيان الحقيقة الكونية، وأنه كل منهما رسالة الله النهائية للبشرية. لذا، لدينا ديانتان لهما تصور ذاتي مماثل، وخلفية تاريخية مشابهة، فيصبح الصراع حتميًا عندما يعيشان جنبًا إلى جنب.

كن قاسيًا

قدم لويس تشخيصًا لموقف المجتمع العربي المتداعي. وفي إحدى مقالاته بمجلة "ذا أتلانتك" في عام 1990، التي كانت تحمل عنوان "جذور غضب المسلمين"، استخدم عبارة "صدام الحضارات"، لوصف ما اعتبره خلافًا حتميًا بين العالم الإسلامي والغرب، مقتبسًا هذا التعبير من العالم السياسي صموئيل هانتنغتون في مقالة بارزة له في عام 1993.

كتب لويس في مقالته: "حقق الإسلام الراحة وهدوء البال لملايين من الرجال والنساء. ومنح الكرامة لكثير من الفقراء. وعلم الأجناس المختلفة التعايش في أخوة، وعلم أصحاب العقائد المختلفة التعايش جنبًا إلى جنب في تسامح. وخلق حضارة عظيمة عاش فيها المسلمون وغير المسلمين حياة مبدعة ومفيدة، أثرت العالم بأكمله من خلال إنجازاتها".

تابع: "مع ذلك، شهد الإسلام كغيره من الديانات فترات أثارت خلالها روح الكراهية والعنف في نفوس بعض أتباعها. ولسوء حظنا، تمر هذه المنطقة من العالم الإسلامي حاليًا بتلك الفترة، والكثير من تلك الكراهية موجّه ضد الولايات المتحدة".

كانت رسالة لويس السياسية لأميركا بشأن الشرق الأوسط في عام 2001 بسيطة وصارمة، مفادها: "إذا بقي الشرق الأوسط يسير في هذا المنحى، فإن المهاجم الانتحاري سيصبح رمزًا لكل المنطقة، ولن يكون هناك مخرج من مستنقع الكراهية والبغضاء والغضب وجلد الذات والفقر والطغيان". وكانت رسالته حول كيفية التعامل مع المنطقة واضحة وصارمة: "كن قاسيًا أو أخرج".

أطلق البعض على رسالة لويس اسم "مذهب لويس"، وعرفت صحيفة وول ستريت جورنال نظرية لويس بـ "زرع الديمقراطية في دول الشرق الأوسط الفاشلة للقضاء على الإرهاب".

مذهب لويس

تحدَّث كثيرون عن "مذهب لويس" الذي يتمثل في فرض الديمقراطية على الأنظمة الاستبدادية. أصبح كتابه "ماذا حدث؟ الصدام بين الإسلام والحداثة في الشرق الأوسط" (2002) دليلًا لفهم ما حدث في 11 سبتمبر (كان الكتاب قيد الطبع عند وقوع الهجمات).

تمت مناقشة المقالات التي كتبها في صحف "نيويوركر" و "ذا أتلانتيك" و "وول ستريت جورنال" على نطاق واسع.

دعا لويس إلى استخدام الحد الأدنى من القوة الغربية لأقل وقت لبث الحياة في المؤسسات السياسية في الشرق الأوسط، بداية بـ "العراق الذي تتوافر فيه ثروة نفطية هائلة وطبقة متوسطة كبيرة وماضٍ عريق ومجتمع علماني، وبالتالي فإن للديمقراطية فرصة للتجذر هناك أكثر من أي مكان آخر في العالم الإسلامي".

أثارت آراؤه غضب العديد من الأكاديميين في بريطانيا وأوروبا، وانتقده بعضهم على خلفية وصف إدوارد سعيد له بأنه "مستشرق من الطراز القديم، من دون مشاعر تجاه دول المنطقة باستثناء تركيا". ومن مواقفه التي أثارت السخط موقفه من التدخل في العراق، وقد نفى لويس تأييده لذلك الغزو.​