إيلاف من القاهرة: تتهم أوروبا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بممارسة سياسات في منطقة الشرق الأوسط تشعل فتيل الحرب فيه، والتي كانت آخرها تمزيق الاتفاق النووي مع إيران، الذي يراه الاتحاد الأوروبي وطهران نص مقدس غير قابل للتغيير وأن لا خطة عمل بديلة عنه.

النووي الإيراني

واستمع لما يسمى بـ "الفصيل المعتدل" في طهران، وستسمع على الأرجح إلى سلسلة من المشكلات، التي ترددها بعض الدوائر الأوروبية، حول محاولات مزعومة من جانب إدارة ترامب لدفع منطقة الشرق الأوسط نحو حرب جديدة. والفكرة الرئيسية هي الادعاء بأن ما يسمى "الصفقة النووية"، التي تعرف أيضاً باسم خطة العمل المشتركة الشاملة، هي أشبه ما تكون بالنص المقدس الذي لا ينبغي تعديله أو تحسينه.

نص مقدس!

وسبق أن صرح الرئيس الإيراني حسن روحاني بقوله "لن نقبل بذرة تغيير في هذا النص". وأعلنت فيديريكا موغيريني، المتحدثة باسم السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أنه لا يوجد بديل لخطة العمل المشتركة الشاملة. كما أشار أليستير بيرت، الرجل المسؤول عن ملف منطقة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية البريطانية، إلى أن ما تسمى بـ "لصفقة النووية" عبارة عن "نص غير قابل للتغيير"، ولا يمكن إعادة التفاوض بشأنه، ناهيك عن صعوبة إدخال أية تعديلات عليه.

وهي التصريحات التي دفعت البعض في المقابل إلى الاستفسار عن السر وراء ذلك، وما الذي يميز تلك الصفقة بهذا الشكل، ولما يجب التعامل معها على أنها نص مقدس بنسخة وحيدة لا يمكن تغييرها ؟ - وأكد مراقبون أن جميع الدساتير الوطنية مفتوحة للتنقيح والتعديل في السياق العلماني للأمور، وبالنظر إلى الدستور الأميركي على سبيل المثال، يمكن معرفة أنه خضع للتعديل ما لا يقل عن 27 مرة. 

وفي بعض الأحيان قد يلقى دستور وطني بأكمله في سلة المهملات ويتم استبداله بواحد آخر جديد، كما سبق أن حدث في فرنسا 5 مرات خلال قرن واحد، إلى جانب تغيير الدستور الايطالي 6 مرات منذ تأسيس الدولة الإيطالية عام 1861، وعدم وجود دستور مكتوب من الأساس في المملكة المتحدة التي تكتفي بالتقاليد والحلول الوسط.

إعتراف دولي

وبالمقارنة بالوثائق المذكورة بالأعلى، تعتبر "الصفقة النووية" أقل في درجة القدسية، فهي تفتقر بادئ ذي بدء لنسخة معترف بها دوليا كما أنها صادرة بـ 3 نسخ مختلفة ( اثنتين بالفارسية وواحدة بالإنكليزية ) مع وجود فوارق كبيرة فيما بينهم.

كما تم التوصل إليها بعد مفاوضات اقتصرت على ايران ومجموعة 5+1 (وهي المجموعة التي لا تحظي بأي صفة قانونية ) فضلا عن عدم صدور بيان مهام وعدم وجود مساءلة على أي أحد. والأمر الأخير هو أن الصفقة لم يوقع عليها أحد ولم يناقشها أي مجلس وزراء أو هيئة تشريعية ولم يوافق عليها قانونا، وسبق لايران ومجموعة 5+1 أن انتهكوا جوانب رئيسية من الصفقة مراراً وتكراراً.

وما زالت إيران تخضع لعقوبات شديدة، في حين أنها فشلت في إرسال كل مخزونها من اليورانيوم المخصب خارج البلاد وألغت إعادة تصميم مصنع البلوتونيوم الخاص بها من منطلق أنها لم تجد أي شريك يساعدها على القيام بذلك. 

تمرير الصفقة

وفي سياق متصل، فإنه ومن ضمن التصريحات التي حاول أن يضغط بها جون كيري، وزير خارجية أميركا الأسبق، لتمرير تلك الصفقة النووية، ما قاله عن أن الخيار القائم الآن هو إما الصفقة أو الحرب، وهنا علَّق محللون ومراقبون بقولهم "لما يتعين علينا أن نحد من اختياراتنا لابتلاع كذبة خوفا من حرب وهمية ؟"، وطالب المحللون في نفس الوقت بضرورة أن تتم أي مفاوضات مستقبلية في إطار نظام القانون الدولي الشفاف، أي بين مجلس الأمن الدولي وإيران كعضو في الأمم المتحدة. 

اهمية المفاوضات

وستؤسس المفاوضات الجديدة لنص واحد جديد، سيتم اقتباس جزء منه من أقسام من خطة العمل المشتركة الشاملة الحالية، بكافة اللغات الرسمية للأمم المتحدة وبمستوى من الدقة تفتقر إليه الآن خطة العمل المشتركة الشاملة. 

وبمجرد الانتهاء من وضع نص واضح، فإنه يجب أن يتم تقديمه للبرلمانات المعنية، بما في ذلك الكونغرس الأميركي والبرلمان الإيراني، بغية التصديق عليها لتصير معاهدة، وهو ما تفتقر إليه خطة العمل المشتركة الشاملة. وشريطة استمراريتها في منصبها الأوروبي، فإن موغيريني قد تدعو المجلس الأوروبي لكي يصادق على المعاهدة الجديدة.

وفي الأخير، دعا المحللون إلى ضرورة عدم استخدام عذر الحرب الوهمية بغية الترويج لسلام وهمي مزيف، والأفضل التحضر لتسوية حقيقية للنزاع النووي الإيراني.


رابط النص الأصلي ادناه
https://www.gatestoneinstitute.org/12377/iran-nuclear-deal-war-peace#.Wwpwrf7GJLM.whatsapp