لندن: برزت أصوات إيرانية مؤخرا، تدعو القيادة الايرانية إلى التفاهم مع الولايات المتحدة بدلا من مواجهتها، وأخرى تنصح بمراجعة جوانب السياسة الإيرانية، فيما تحاول شخصيات رسمية طمأنة واشنطن بعدم وجود نيات إيرانية للقيام بعمل عسكري "إلا إذا تعرضت للهجوم"، وذلك عقب سلسلة من المطالب أعلنتها أميركا عقب تمزيق ترمب للاتفاق النووي.

تبدو خريطة الطريق الاميركية لايران التي اعلنها وزير الخارجية مايك بومبيو مؤخراً ، من الوهلة الأولى، وصفة لتغيير النظام. 

وتبدى هذا الانطباع في تصريحات اطلقها الاتحاد الاوروبي عندما قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون ومفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغريني ان بومبيو ربما يحاول تنفيذ اجندة خفية ضد النظام الايراني. 

ولهذا الرأي ما يبرره. فإن بومبيو ومستشار الامن القومي الجديد جون بولتن يدعوان الى تغيير النظام في ايران منذ ما يربو على 20 عاماً. 

الاتفاق ذريعة

وكان بومبيو حاول ربط الاتفاق النووي بقضية اوسع هي عربدة ايران في منطقة حساسها وتهديدها مصالح اميركا وحلفائها.

مطالب أميركية

وطرح وزير الخارجية الاميركي جملة مطالب اولها ان تقدم ايران تقارير عن كل الجوانب العسكرية السابقة لبرنامجها النووي الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. 

والمطلب الثاني هو ان تتوقف ايران عن تخصيب اليورانيوم وألا تسعى الى اعادة معالجة البلوتونيوم وان تغلق مفاعل الماء الثقيل. 

مطلب بومبيو الثالث ان تسمح ايران لمفتشي الوكالة بدخول أي موقع يرون من الضروري تفقده. 

اما المطلب الرابع هو ان تكف ايران عن تطوير صواريخ باليستية وصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية. 

وكان مطلب بومبيو الخامس هو الافراج عن رهائن اميركيين أو من دول حليفة وهناك منهم 32 رهينة، بينهم 10 على الأقل مواطنون اميركيون وبريطانيون كانوا مدافعين متحمسين عن النظام الايراني، بمن فيهم مؤسسو المجلس الوطني الايراني الاميركي الممول من طهران لمساعدتها على الالتفاف على العقوبات الدولية والاميركية والاوروبية.

وعن مطلب الاميركي السادس أوضح، بومبيو انه توقف ايران دعمها جماعات ارهابية مثل حزب الله اللبناني وحركة الجهاد الفلسطينية وحماس. 

ومطلب وزير الخارجية الاميركية السابع قد يكون قيد التنفيذ بفضل التطورات داخل العراق نفسه وخارج ارادة ايران. إذ تراجعت ايران عن موقفها العدائي لنتائج الانتخابات العراقية التي اسفرت عن فوز قائمة مقتدى الصدر بأكبر عدد من المقاعد. وفي غضون 48 ساعة توقفت حملات الاعلام الرسمي الايراني على الصدر.

ومطلب بومبيو الثامن هو الكف عن دعم المتمردين الحوثيين في اليمن يلقى دعماً داخل ايران نفسها. وبحسب مصادر ايرانية واوروبية، فإن خفض الدعم للحوثيين كان احد التنازلات التي قدمها وزير الخارجية الايراني جواد ظريف لنظرائه الاوروبيين خلال اجتماعهم معه في بروكسل مؤخراً.

وطالب بومبيو في مطلبه التاسع بانسحاب ايران من سوريا الذي يحظى الآن بدعم روسيا ضمناً على الأقل في حين ان الاتحاد الاوروبي سيجد أن من الصعب معارضته فضلا عن الأعباء المالية والعسكرية التي ترهق كاهل ايران.

مطالب اخرى

اما المطالب الأخرى على قائمة بومبيو مبهمة وعمومية بما فيه الكفاية لطمسها مثل دعم ايران لطلبان في افغانستان. ويمكن تنفيذ مطلب ايقاف الهجمات الصاروخية على السعودية من خلال انهاء الدعم للمتمردين الحوثيين. 

اللافت ان قائمة بومبيو لم تأتِ على ذكر احترام حقوق الانسان أو على الأقل انهاء القمع داخل ايران. 

تغيير النظام

وهو ما يكشف ان بومبيو يسعى الى تغيير سلوك طهران بشأن جملة قضايا في مجال السياسة الخارجية وليس تغيير النظام ، كما يقول البعض، وهذا ما عرضه الرئيس ترمب على الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون ايضاً مع بعض التغييرات. 

ولا يُعرف كيف سيرد المرشد الأعلى علي خامنئي المعجب بكوريا الشمالية. ولكن من الجائز في الوقت الحاضر أن يحاول تهدئة الاميركيين بدلا من استفزازهم الى القيام بعمل قوي ضد النظام. 

الموقف الإيراني 

ويبدو هذا واضحاً من تصريحات وتعليقات رسمية على مطالب بومبيو ، بما في ذلك افتتاحية لوكالة الانباء الايرانية الرسمية حاولت فيها طمأنة الولايات المتحدة واسرائيل الى ان القوات الايرانية في سوريا ولبنان ، بما فيها حزب الله ، لن تتحرك ضد أحد "إلا إذا تعرضت للهجوم".

وعزف المقطوعة نفسها الجنرال يحيى رحيم صفوي، القائد السابق لقوات الحرس الثوري الايراني ومستشار خامنئي حالياً، الذي قال ان الايرانيين موجودون في العراق وسوريا كمستشارين فقط ولا يشاركون في أي قتال. 

ونقلت صحيفة كيهان التي تعكس آراء خامنئي، موقفاً مماثلاً بشأن اليمن وافغانستان. 

وترتفع بعض الأصوات لدعوة القيادة الايرانية الى التفاهم مع الولايات المتحدة بدلا من "الوقوع في مصيدة المواجهة". 

تحليل إيراني

وبثت وكالة الانباء الايرانية مقابلة مع المحلل السياسي علي رضا علوي بناه، يدعو فيها الرئيس حسن روحاني الى "مراجعة جوانب من سياساتنا"، ومن دون ان يسمي خامنئي بالاسم ذهب الى حد التلميح الى تجاوز المرشد الأعلى قائلا "إن الرئيس لا يحتاج الى موافقة أحد لتعديل السياسة". 

وفي الوقت نفسه، حذر الباحث سعيد هاجريان من ان روحاني سيفقد ما تبقى له من تأييد "الحركة الاصلاحية" إذا لم يغتنم الفرصة لتقديم طريق بديل. 

وترى وجهة النظر هذه انه من دون معرفة على الثمن الحقيقي للسياسات الراهنة، بما في ذلك التدخل في شؤون دول أخرى ، لن يكون هناك تأييد لاستراتيجية "تصدير الثورة" التي يمثلها الجنرال قاسم سليماني.

تقديم تنازلات

ويقول مراقبون إن توافقاً ربما اخذ يتشكل حول ضرورة الحفاظ على النظام حتى إذا كان ذلك يعني تقديم تنازلات مهينة. 

وبحسب آية الله جعفر صبحاني، فإن "الأولوية هي حماية النظام الاسلامي ويجب ألا نثق بالاوروبيين الكفار لحماية نظامنا وتفادي الدخول في معركة غير متكافئة لا نستطيع ان نربحها في الوقت الحاضر".

قال خامئني خلال استقباله 220 من كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين مؤخراً لبحث "وصايا بومبيو" إن نزاع ايران مع الولايات المتحدة يذكره بأفلام توم وجيري للصور المتحركة حيث ايران هي الفأر. واضاف "كل ما على الفأر أن يفعله هو الافلات من القط".

وحقيقة ان بومبيو لم يذكر تغيير النظام تساعد من يُسمون "دعاة التفاهم"، الذين يريدون القيام بانسحاب تكتيكي الى ان تهتز رئاسة ترمب أو تنتهي بعد الانتخابات النصفية.

 ولكن تبقى هناك عناصر تبحث عن مواجهة مع الولايات المتحدة. وما زالت نتيجة النقاش في طهران معلقة في الميزان. 

اعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "غيتستون انستيتيوت". الأصل منشور على الرابط التالي:
HYPERLINK "https://www.gatestoneinstitute.org/12379/iran-pompeo-wish-list" https://www.gatestoneinstitute.org/12379/iran-pompeo-wish-list