الرباط: في أول ظهور رسمي له حول تداعيات حملة المقاطعة غير المسبوقة على قطاع إنتاج الحليب بالبلاد، اعترف عزيز اخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري المغربي، أن الحملة أضرت بعدد كبير من الفلاحين الصغار محذرا من تأثير تداعياتها على التوازنات الاقتصادية للمملكة.

وقال اخنوش في لقاء مع البرلمانيين بلجنة القطاعات الانتاجية بمجلس النواب، ليلة الثلاثاء/الأربعاء، "كلنا متضررون و متألمون .أنا متذمر من هذا الوضع"، في تأكيد على عدم رضاه على حملة المقاطعة وتداعياتها.

وأضاف وزير الفلاحة المغربي مخاطبا نواب الأمة "جئت وسط هذه الأجواء لأبين لكم أهمية قطاع سلسلة إنتاج الحليب ، وحذاري من المس بالتوازنات لأن هذا أمر خطير"، وذلك في رسالة واضحة إلى المقاطعين لهذا المنتوج الحيوي.

وزاد اخنوش مبينا " هذا غير معقول وهذه صرخة ولا يمكن اللعب بمصير الفلاحين". وأكد أن الفلاح الصغير "لا ينبغي أن يعاقب بهذه الطريقة، وما بنيناه منذ الاستقلال سيتراجع وهذه مسألة اقتصادية واجتماعية خطيرة"، حسب تعبيره.

وأشار أخنوش في عرض قدمه حول المخطط الأخضر، إلى أن مليون و400 ألف شخص يعيشون من سلسلة إنتاج الحليب، مبرزا أن القطاع هو الثاني من حيث توفير فرص الشغل بعد قطاع الحبوب ضمن مجال الفلاحة، إذ يوفر 400 ألف منصب شغل مباشر. 

وتعهد أخنوش بأن الحكومة ستقدم المساعدة للفلاحين الصغار، كما أعرب عن أسفه للأوضاع التي يعانونها بسبب حملة المقاطعة، حيث قال: "الحالة النفسية للفلاحين تضررت وهم يعانون ولا يعرفون ما ينتظرهم في المستقبل"، مشددا على أنه يعتبرهم "مستثمرين كباقي المستثمرين يمكن أن يبيعوا ما يملكون من أبقار ويلتحقون بالمدن"، وزاد محذرا "لكن هذا الشيء مجرد بداية وأحذر من اختلال التوازنات".

واعتبر أخنوش أن المغرب استثمر الكثير من الجهد في سبيل تأمين مادة الحليب وتوفيرها للمواطنين، متسائلا: "هل نريد الاستدامة لهذه السلسلة؟ وهل بهذه الطريقة سنبني البلاد؟"، مسجلا أن الحكومات المتوالية اشتغلت بجدية على هذا الملف وأصبح الحليب موجودا بكثرة نتيجة العمل الجاد للفلاحين بعدما كنا نستورده قبل 15 سنة".

وأفاد أخنوش بأن المقاطعة كانت لها تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني وستضعف ثقة الاستثمارات الأجنبية بالبلاد، مؤكدا أن الأزمة أحدثت صعوبات ومشاكل كبيرة تهدد التطور والمستقبل، كما شدد على ضرورة معرفة أصل المشكل، رافضا تحميل المسؤولية للحكومة وحدها لأنها "إشكالية جماعية وكل واحد ينبغي أن يتحمل مسؤوليته فيها".

من جهته، قال لحسن الداودي، الوزير المنتدب المكلف الشؤون العامة والحكامة، إن الإشكالية المطروحة هي أن القدرة الشرائية للمواطن لا تساير الأسعار، مؤكدا أن الرفع من القدرة الشرائية للمواطنين وجلب الاستثمارات من أكبر انشغالات الحكومة.

وأفاد الداودي ، في كلمة بالمناسبة، أن تراجع لاستثمارات والصورة التي بدأت تتشكل مع المقاطعة ليست في صالح جلب الاستثمارات الأجنبية ولا يخدم تلميع صورة البلد، مبرزا أن هذه الإشكالية "مطروحة بقوة والإعلام الدولي يعطيها أبعادا أخرى استثمر فيها". 

وسجل الداودي بأن الحكومة تتابع عن كثب الإشكالات المطروحة بسبب حملة المقاطعة التي تواجهها مادة الحليب، معلقا على شعار #خليه_يريب (دعه يفسد)، (فين غادي يريب سيروب في القادوس(أين سيفسد سيتم طرحه في قنوات الصرف الصحي؟).

ولم يقف الداودي عند هذا الحد، بل ذهب إلى القول: "هذه المقاطعة تهدد المغرب ، وكلنا في نفس الباخرة"، وذلك في إشارة واضحة إلى أن الأزمة استفحلت وأصبحت تشكل تهديدا حقيقيا للاقتصاد الوطني وسلامته.

وشهد اللقاء توجيه انتقادات حاد للحكومة ووزرائها من طرف جل الفرق النيابية، سواء أحزاب الغالبية الحكومية أو المعارضة، إذ اعتبر إدريس الأزمي رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، أن الاجتماع يأتي في "سياق صعب"، وأكد أن المقاطعة أثرت بشكل كبير على "الفلاح الحلقة الضعيفة وهو الذي يؤدي الثمن". 

وشدد الازمي على أهمية طرح الأسئلة الحقيقية حول الموضوع، وهي "لماذا وصلنا إلى هذا المستوى في التعبير الشعبي؟ وما هي الدوافع الحقيقية لها؟"، منتقدا التأخر الحاصل في طرح هذه القضية مع البرلمان.

وأكد على أن القطاع ينبغي أن يعرف "منافسة حقيقية ودعم التعاونيات بإمكانيات إضافية وتطوير السلسة وإمكانيات محاربة المضاربين والوسطاء في القطاع"، لافتا إلى أن الحكومة تواجه "أزمة ينبغي أن نعترف بها وما هي الدروس المستخلصة وكيف يمكن تجاوزها".

وانتقد الأزمي ما سماه "التعالي على الشعب واستفزازه"، معتبرا أن أزمة التواصل مع مطالب الشعب حد التضارب بين أرقام الحكومة والشركات عكست حالة تخبط الشركات الكبرى في تدبير الأزمات "لا يمكن أن تتعامل بالاستخفاف مع المواطنين".

وأوضح المتحدث ذاته" نحن مطالبون أن نواصل الجدية في الإصلاح على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وينبغي أن نسير في الإصلاح من دون تردد".

من جانبه، سجل النائب عمر بلافريج المنتمي لفيدرالية اليسار الديمقراطي، بأن المقاطعة "شكل جديد من أشكال الاحتجاج، وعلى الحكومة أن تستخلص منها الدروس".

وأضاف بلافريج مخاطبا أخنوش "أنتم كفاعل اقتصادي يمكن أن تكون جزء من الحل"، وزاد متسائلا "هل انخفض استهلاك الحليب بصفة عامة؟ ينبغي أن تكون عندنا الأرقام حول الموضوع"، وذلك في طلب منه لأخنوش بكشف حقيقة الأرقام التي تروج حول تراجع استهلاك الحليب والشركات التي استفادت من تراجع الإقبال على منتوج شركة سنترال .

وأشار بلافريج إلى أن هناك "أزمة في البلاد لا تتمثل في المقاطعة، بل إن المغاربة يعبرون من خلال هذه الرموز عن الحقيقة"، مشددا على أن أهمية إيحاد حلول للخروج من الأزمة "يجب أن نكون في مستوى تطلعات المجتمع ،والحلول الهامشية لا يمكن أن تثمر نتائج".