بيروت: سيطر تنظيم داعش الجمعة على أجزاء من مدينة البوكمال في شرق سوريا في هجوم هو الأعنف في المنطقة منذ أشهر، ويأتي في وقت يكثف فيه الجهاديون المتوارون في الصحراء من عملياتهم ضد قوات النظام.

بعد خسارته الجزء الأكبر من مناطق سيطرته في سوريا بينها مدينة البوكمال في العام 2017، لم يعد تنظيم داعش يتواجد الا في جيوب محدودة موزعة بين البادية السورية ومحافظة دير الزور وجنوب البلاد.

وطالما حذر مراقبون بعد انتكاسات التنظيم من هجمات مفاجئة لجهادييه وخلاياهم النائمة ضد مناطق أنشأوا عليها لسنوات "الخلافة الإسلامية".

وبدأ التنظيم المتطرف هجومه الجمعة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، "بشن عشر عمليات انتحارية، بينها اربع بسيارات مفخخة، وستة انغماسيين" قبل أن يتمكن لاحقاً من دخول المدينة الواقعة في ريف دير الزور الشرقي والسيطرة على أجزاء منها.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "إنه الهجوم الأكبر للتنظيم على مدينة البوكمال منذ سيطرة قوات النظام وحلفائها عليها" في نوفمبر الماضي. واضاف "المعارك لا تزال مستمرة، والجهاديون يسيطرون حاليا على شمال وغرب المدينة فيما هناك تعزيزات اضافية للنظام والإيرانيين في المنطقة".

وأسفرت المعارك عن مقتل 18 جهادياً، بينهم الانتحاريون العشرة. ولم تتدخل حتى الآن الطائرات الحربية الروسية، وفق المرصدـ دعماً لقوات النظام في البوكمال. ولم يصدر أي تعليق من جهات رسمية سورية حتى الآن حول الأمر.

تكثيف الهجمات 
وفي شرق سوريا، يتواجد التنظيم المتطرف في البادية السورية في جيب بين مدينة تدمر الأثرية (وسط) وجنوب البوكمال. كما في منطقة محدودة على الجهة المقابلة للبوكمال عند الضفة الشرقية لنهر الفرات الذي يقسم محافظة دير الزور إلى قسمين.

وتحاول قوات سوريا الديموقراطية، فصائل كردية وعربية مدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، طرده من الضفة الشرقية.
ضاعف تنظيم داعش أخيرًا من هجماته ضد قوات النظام التي تسيطر على الضفة الغربية للفرات، منذ طرده من أحياء في جنوب دمشق الشهر الماضي بموجب اتفاق إجلاء جرى خلاله نقل مقاتليه إلى مناطق محدودة تحت سيطرته في البادية السورية.

وقتل قبل أيام 45 مسلحاً موالياً للنظام جراء هجمات متتالية للتنظيم المتطرف ضد قوات النظام في قرى شمال غرب البوكمال، وتمكن الجهاديون من قطع الطريق بين البوكمال ومدينة دير الزور، مركز المحافظة.

وتُعد المناطق الصحراوية الأكثر مناسبة للجهاديين للتواري عن الأنظار وشن هجماتهم، بعدما باتوا يسيطرون على نحو ثلاثة في المئة من الأراضي السورية فقط. وفي جنوب دمشق، قُتل 22 مقاتلاً موالياً للنظام الخميس في هجمات مفاجئة أيضاً شنها التنظيم المتطرف ضد مواقع لهم في بادية محافظة السويداء وهي من المناطق القليلة في سوريا التي بقيت الى حد ما بمنأى عن المعارك والهجمات خلال سنوات النزاع.

وبعد هجمات الجمعة، ارتفعت حصيلة قتلى قوات النظام في سوريا جراء هجمات التنظيم إلى 209، مقابل 110 جهادياً، وفق المرصد.

قتلى في إدلب
على جبهة أخرى في سوريا، قتل 51 مدنياً بينهم تسعة اطفال ليل الخميس في "غارات يرجح أن طائرات روسية" نفذتها مستهدفة بلدة في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، وفق المرصد السوري. واستهدف القصف الجوي ليلاً منطقة سكنية في وسط بلدة زردنا في ريف ادلب الشمالي الشرقي.

وارتفعت حصيلة القتلى تدريجًا، بحسب عبد الرحمن، مع انتشال مزيد من القتلى من تحت الأنقاض ووفاة مصابين متأثرين بجروحهم. ونفت روسيا شنها للغارات، واعتبرت وزارة الدفاع ان تلك التقارير "لا تمت الى الواقع بصلة".

وشاهد مراسل فرانس برس في المكان رجالاً مرميين على الأرض بين الركام، ويصرخ أحد عناصر الدفاع المدني لزميله "أطلب ارسال شباب لنقل هؤلاء الشهداء".

وتسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الاكبر من محافظة ادلب مع تواجد محدود لفصائل إسلامية اخرى. وقد استعادت قوات النظام اثر هجوم عنيف في نهاية العام الماضي السيطرة على عشرات القرى والبلدات في ريفها الجنوبي الشرقي. 

ولطالما شكلت إدلب خلال السنوات الماضية هدفاً للطائرات الحربية السورية والروسية. وتراجعت وتيرة القصف الجوي بشكل كبير خلال الأشهر الماضية في المحافظة التي تشكل إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق عملياً في ادلب في سبتمبر الماضي.