الموصل: لم يستخدم اطفال مدينة الموصل خلال الاحتفال بعيد الفطر العابا مشابهة لاسلحة بلاستيكية في سبيل طي صفحة العنف التي خلفها تنظيم "داعش" ودفعت ثمنه المدينة وسكانها طوال ثلاث سنوات.

وينتظر الاطفال عيد الفطر للحصول على العاب، وكانت المسدسات البلاستيكية التي تثير حماستهم هي اكثر ما يبحثون عنه.

لكن بعد ثلاث سنوات من حكم جائر فرضه التنظيم المتطرف الذي الغى دروس الرياضيات واحل مكانها الرصاص والقنابل اليدوية، اصبحت هذه الالعاب غير مرحب بها في هذا العيد.

وتحتفل الموصل التي شهدت حرب شوارع طوال تسعة اشهر ومازال العديد من أحيائها عبارة عن أنقاض خصوصا المدينة القديمة، بالعيد من دون استخدام العاب تعيد الى الاذهان العنف الذي يحاول الجميع نسيانه.

رسالة

ورفض علي مؤيد (38 عاما) شراء لعبة مسدس لابنه الصغير .وقال لفرانس برس ان "اعتقد بانها فكرة خاطئة، على كل حال فأنا لم اجد هذه السنة" هذه الالعاب.

وعلى مسافة ليست بعيدة، في أزقة سوق تاريخي في حي النبي يونس، مازالت هناك اسلحة بلاستكية معروضة للبيع.

وبادر رجل فضل عدم كشف اسمه الى شرائها بالكامل.

وقال لفرانس برس "احاول ان ابعث برسالة الى التجار ليتوقفوا عن وضعها في الاكشاك".

واضاف قبل ان يتوجه الى كشك اخر قريب لشراء مسدسات والعاب نارية قبل ان يصل اليها الاطفال "اتمنى الحصول على حظر رسمي لمنعها بسبب الضرر الكبير الذي تسببه على الاطفال بشكل عام".

ومع بزوغ فجر الجمعة، أقيمت صلاة العيد في مساجد المدينة رغم تعرض كثير منها لدمار شبه كلي.

وطالب خطباء العيد، بمنع شراء الاسلحة البلاستيكية والمفرقعات، ودعوا التجار واصحاب المحلات الى عدم أستيرادها.

ودعا احد الخطباء "اهالي الموصل الى اشاعة مشاعر ومظاهر الفرح والتفاؤل بالعيد وترك الاحزان والقنوط رغم الحزن على فقدان احبائهم ودمار منازلهم".

ويبدو ان الرسالة وصلت الى عدة احياء في الموصل، حيث لم يسمع صوت المفرقعات النارية للمرة الاولى في العيد.

وعلى ضفة الشرقية لنهر دجلة الذي يقطع المدينة الى شطرين، كان الضحك وصراخ الاطفال يتعالى بين عائلات تتنزه في الحدائق.

كابوس وانتهى

والقى الشيخ علي حاتم خطبة العيد في مسجد الباهر في وسط المدينة القديمة.

يواصل رجل الدين الحفاظ على التقاليد، رغم كل ما حوله من دمار وخراب وسيارات محترقة وجثث وتكدس الانقاض.

وقال خلال خطبته "نصر على اداء الصلاة في هذا الجامع تحديدا وسنعمل على اعادة اعماره (...) وسنصلي فيه العيد المقبل" في اشارة الى تعرض غالبية مواقع المدينة المهمة الى الدمار.

فقد اختفت منارة الحدباء التأريخية، التي تعد ابرز المعالم التأريخية في الموصل وتعرضت للتجريف كما هو حال العديد من المساجد والمواقع الاخرى والمنازل وبات بعضها ركاما بسبب العمليات العسكرية والانفجارات.

ورغم كل ما شهدته الموصل من دمار ومقتل الاف في معارك استعادة السيطرة عليها،تقول ام سرمد موظفة حكومية (32 عاما) انها "شعرت بالسعادة في هذاالعيد بعد نهاية كابوس داعش".

وكانت الموصل على مفترق طرق تجارية ثم حولها الجهاديون خلال ثلاثة اعوام الى عاصمة دولة "الخلافة".

واضافت المراة "علينا ان ندع الحزن وراءنا إذا أردنا أن تعود مدينتنا الحبيبة الى حياتها الطبيعية" .

ويبدو ان عودة الموصل الى سابق عهدها حقيقة، كما تقول ام سرمد لان "النساء لا ترتدي النقاب ولم يعد الرجال يرتدون الملابس الافغانية، عادت اليوم كل تقاليد وعادات العيد التي منع وحرم داعش الكثير منها كالاحتفالات وارتياد المقاهي وزيارة القبور".

بدورها، تقول ام ماهر (41 عاما) "كنت ابكي في البيت خلال الاعياد الماضية، لعدم تمكني من زيارة قبر امي وابي، او اصطحاب الاطفال للالعاب أو زيارة الاقارب خوفا من داعش".

وتابعت مبتسمة "لقد تحررنا وتخلصنا من المجرمين".