لندن: انشغل العرب عامة والتونسيون خاصة بالمباراة الأخيرة التي جمعت تونس بإنكلترا على الملاعب الروسية في المونديال هناك، وبالطبع كانت لتونس حصة الأسد من تشجيع البلاد العربية، لكن السؤال الذي يثير الفضول لدينا، إلى من كانت ولاءات المغتربين من العرب في اوروبا، وعلى وجه الخصوص المنتشرين في ارجاء المملكة المتحدة؟.

كانت عواطف رواد مقهى آدمس في منطقة شيبردس بوش وسط لندن متضاربة.

فرواد المقهى هم من جهة مغتربون تونسيون تجمعوا لتشجيع بلدهم الأصلي، ولكن من الجهة الأخرى كانوا شلة لندنيين يتابعون كرة القدم على فنجان شاي أو قهوة. 
ولم يكن من السهل معرفة ولاء رواد القهوة لأي من الفريقين، في ضوء التعليقات التي كانت تُسمع خلال المباراة.

مقهى تونسي في المملكة
يتحول المطعم والمقهى الذي فتحه التونسي عبد البوقرة مع زوجته الانكليزية فرانسيس قبل 30 عاماً الى نادٍ غير رسمي للمغتربين التونسيين في لندن. وبوجود 8000 مغترب تونسي في بريطانيا فانهم يشكلون عدداً صغيراً بالمقارنة مع المغاربة والجزائريين.

ولكن مقهى عبد البوقرة هو المكان المناسب لمتابعة أخبار الرياضة والسياسة وتناول طبق لذيذ من الكسكسي.

قبل المباراة توقع سامي تونسي فوز انكلترا بهدف أو هدفين نظيفين، مستنداً الى خبرته من حياته في لندن لمدة 15 سنة، وعمله في مجلس السياحة التونسي.

تشجيع تونس
ويرى سامي ان المنتخب الوطني التونسي اكتسب أهمية تفوق مستواه الحقيقي في تونس خلال السنوات الأخيرة. 

وقال "انه من الأشياء القليلة التي توحدنا"، مشيراً الى ارتفاع معدل البطالة وتفاقم اللامساواة منذ ثورة 2011. واضاف "نحن ننظر الى المنتخب الوطني ببعض الاثارة".

وتحولت غرفة المطعم الرئيسية الى مائدة كبيرة واحدة، فيما عُلقت أعلام بريطانيا وتونس على الجدران. 

وكان المطعم ممتلئاً قبل أن تنطلق صفارة الحكم، وحضر نائب المنطقة بعد 15 دقيقة على بدء المباراة وتعين عليه ان يتفرج واقفاً.

مشاعر متضاربة
وبدأت المباراة بإثارة مشاعر استغراب جماعية حين أضاع الفريق الانكليزي فرصاً عديدة.

وهنا أصبح توزع الولاءات واضحاً، وكانوا يريدون فريقهم أن يفوز بالطبع لكنهم يعرفون الفريق الانكليزي معرفة كافية للتعاطف مع معاناته أمام الهدف. وفي وقت ما من المباراة، انطلق تعليق يتسم بالتوازن بين الفريقين. 

وبعد الحماسة التي استقبل بها المشجعون الانكليز هدف هاري كين الأول، قال سامي "نحن احياناً مثل الانكليز في موقفنا. إذا هُزمنا يكون هذا حدثاً جللاً وتُبذل محاولة لإلقاء اللوم على أحد ما يكون عادة المدرب". 

انفجر الركن الهادئ من المطعم بالهتاف حين سجل المنتخب التونسي هدفه من ركلة جزاء. وتصاعدت تعليقات تقول إن خطة المدرب تُنفذ بنجاح.

وخلال فترة الاستراحة بعد الشوط الأول انطلق رواد المقهى في غناء جماعي، وقُدمت أطباق من الطاجين التونسي والكلماري المقلي بالزيت. 

عنصرية
التقى عبد وفرانسيس في باريس، حيث كان يعيش وقتذاك، لكنهما سعيدان بالاستقرار في انكترا. وهو يقول إن هذه هي خبرة العديد من المغتربين التونسيين مؤكداً "ان العنصرية أقل في لندن ومانشستر منها في القارة الاوروبية، والتونسيون الفرنسيون الذين يأتون للعمل في بنوك لندن لن تُتاح لهم هذه الفرصة ابداً في بلدهم".

في الشوط الثاني، يهتف الجميع مرحبين بنزول ماركوس راشفورد في الساحة وترتفع الهتافات درجة أعلى، عندما يفوت آشلي يونغ فرصة من ضربة حرة تمر فوق العارضة.

وحين تبدأ هتافات التعاطف مع انكلترا كلما يفوت لاعبوها فرصة للتهديف تزداد صعوبة التمييز بين ولاءات المتفرجين في المطعم، ولا يصبح ذلك واضحاً إلا في اللحظات الأخيرة. فعندما يسجل هاري كين هدف الفوز يسود الصمت في ثلاثة أرباع الغرفة. 


اعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الغارديان". الأصل منشور على الرابط التالي:
https://www.theguardian.com/football/2018/jun/19/silence-meets-sting-in-tail-tunisian-cafe-shepherds-bush?CMP=Share_iOSApp_Other