تحاول السلطات الإيرانية، جاهدة احتواء الاحتجاجات التي تنطلق يوم الاثنين الماضي، في بازار طهران وبازارات أخرى، وأعلنت على لسان مدعي عام طهران، جعفري دولت آبادي، أن القوات الأمنية الإيرانية، ألقت القبض على عدد ممن وصفهم بـ"مثيري الشغب". 

و قال جعفري دولت آبادي في تصريح ادلى به للصحفيين، على هامش ملتقى السلطة القضائية المنعقد في طهران، إنه تم تحديد واعتقال الضالعين في الأحداث و" سيبقون رهن الاعتقال لحين اجراء المحاكمة ولن يتم الافراج عنهم".

وحول مجريات محاكمتهم المعتقلين، قال المدعي العام: "حق التظاهر محفوظ، لكن ضمن القانون، والذين تم إلقاء القبض عليهم، لن يتم الإفراج عنهم بكفالة قبل محاكمتهم، التي ستتم وفقا للقانون".

وهدد نواب في مجلس الشورى الإيراني ( البرلمان) باستجواب الرئيس حسن روحاني في حال استمرت العملة بالهبوط، وطالبوا الحكومة باتخاذ إجراءات فورية.

مظاهرت وشعارات

وخرجت مظاهرات عدة في العاصمة الإيرانية، طهران، يوم الاثنين، احتجاجا على الانهيارات المتواصلة التي منيت بها العملة الإيرانية أمام الدولار، حيث بلغ سعر الدولار الواحد 9000 تومان، في سوق الصرافة، ورافق المظاهرات إضرابات كبيرة شلت حركة بازار العاصمة.

ونشرت صفحات إيرانية ناشطة أيضا، على موقع تويتر، مشاهد لمتظاهرين في طهران، يطالبون حكومتهم بالخروج من سوريا، وردد المتظاهرون شعارات " اتركوا سوريا وفكروا في حالنا" و"لا نريد دولار بعشرة آلاف تومان".

وكانت وكالة (فارس) القريبة من الحرس الثوري الإيراني، نقلت تقريرا مصورا عن إضراب شبه كامل للمحلات التجارية، في بازار طهران، والذي يعتبر العصب التجاري في إيران، وشمل الإضراب كل من أسواق المجوهرات، وسوق الصاغة، وسوق باجنار، وسوق منتجي الأحذية في "جهار سوق الكبير"، وسوق الكيلو، وسبزه ميدان، وسراي ملي، وسراي بوعلي، و15 خرداد.

بازارات

وقالت تقارير، إن ارتفاع أسعار العملة الصعبة وهبوط العملة الإيرانية غير المسبوقين ترك تأثيرا كبيرا على البازارات في العديد من المدن، وأهمها بازار طهران الشهير الذي يمثل قلب الاقتصاد الإيراني النابض، ولم يتوقف عن العمل إلا في أيام العطل الرسمية. لكنه شهد إضرابا نادرا احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية، فيما اندلعت مواجهات محدودة بين عشرات الشبان وقوات الأمن وسط العاصمة.

وقالت (أ ف ب): بات انهيار العملة الوطنية الإيرانية يؤثر مباشرة على الحياة اليومية في الجمهورية الإسلامية، إذ أضرب تجار البازار في طهران في خطوة نادرة من نوعها. ويذكر أن إضراب بازار طهران عام 1979 وهو نبض الاقتصاد الإيراني كما يطلقون عليه، كان من بين العوامل الرئيسية في سقوط حكم الشاه، إذ أسهم إلى مدى بعيد في خروجه من البلاد دون عودة.

ارقام غير مسبوقة 

ووصل سعر الدولار والذهب إلى أرقام غير مسبوقة في عمر الجمهورية الإيرانية، إذ تخطى لأول مرة خلال 40 عاما، ثمانين ألف ريال إيراني. وخسر الريال نحو 50% من قيمته في ستة أشهر وأصبح سعر صرف الدولار 85 ألفا في السوق الموازية.

مطالب مشروعة 

وصرّح رئيس المجلس المركزي لإدارة البازار عبد الله أصفندياري لوكالة "إسنا" الطلابية أن "مطالب تجار السوق شرعية، يريدون توضيح وضع سوق الصرف بشكل نهائي".

وأشار إلى أن التجار "يحتجون على سعر الصرف المرتفع، تقلب العملات الأجنبية (...) وعرقلة البضائع في الجمارك والافتقار إلى المعايير الواضحة للتخليص الجمركي، وحقيقة أنهم في ظل هذه الشروط، غير قادرين على اتخاذ قرارات أو بيع بضائعهم".

وأكد تاجر سجاد يبلغ 45 عاما نشأ في محل العائلة قبل أن يصبح مالكا له، أن "الحال متشابهة في جميع أنحاء السوق" مضيفا "إنها المرة الأولى في حياتي التي أرى فيها ذلك". وأضاف "كل شيء مرتبط، (تدهور العملة الوطنية) يؤثر على كل قطاعات" الاقتصاد.