مشهد قد يكون الأكثر تعبيرًا عن الحملة الانتخابية في المكسيك: مرشح للنيابة يلتقط صورة سلفي مع مناصرة له حين يقترب رجل يعتمر قبعة من الخلف، ويطلق رصاصة في رأسه.

مكسيكو: فرناندو بورون مرشح الحزب الثوري الدستوري هو واحد من 136 سياسيًا اغتيلوا منذ بدء الحملة الانتخابية بحسب مركز "إيتيليكت" للدراسات، ما يجعل هذه الحملة للانتخابات العامة المقررة الأحد الأكثر دموية التي يشهدها المكسيك.

قتل بورون (43 عامًا) في الثامن من يونيو، فيما كان يغادر مناظرة تعهد فيها علنًا التصدي لكارتيلات المخدرات، مذكرًا بالجهود التي بذلت ضدها في ولاية كواهولا (شمال) حيث كان رئيسًا للبلدية.

يوضح "إيتيليكت" أن ما مجموعة 48 مرشحًا لانتخابات الأول من يوليو تم اغتيالهم، وهو رقم أكبر بكثير مما سجل العام 2012 حين اغتيل تسعة سياسيين إضافة إلى مرشح.

كذلك، قتل صحافي بالرصاص ليل الجمعة السبت في ولاية كوينتانا رو (شرق) ما يرفع إلى ستة عدد الصحافيين الذين قتلوا في العام 2018 في المكسيك، إحدى الدول الأكثر خطورة بالنسبة إلى من يمارسون هذه المهنة. وتقول جمعيات للدفاع عن حرية التعبير إن أكثر من مئة صحافي قتلوا في المكسيك منذ العام 2000.

هذا الرقم المقلق يظهر تنامي الجريمة المنظمة على الصعيد المحلي. ويسعى القتلة إلى السيطرة على السلطات السياسية المحلية للحفاظ على مناطق نفوذهم أو توسيعها، إضافة إلى الاستيلاء على الموارد العامة، وفق خبراء.

ويعتبر المحلل كارلوس أوغالدي المسؤول السابق في السلطة الانتخابية الفدرالية أن على المسؤولين المحليين أن "يمتثلوا لأوامر القتلة أو زعماء العصابات" الذين يسيطرون على السوق. يضيف لفرانس برس "إذا اعتقدوا أن سياسيًا ما يرفض العمل معهم أو التفاوض أو الخضوع فإنهم يقتلونه".

استراتيجية فاشلة 
يندرج العنف السياسي الانتخابي ضمن موجة عنف شاملة تطاول مختلف أنحاء المكسيك. وفي هذا السياق، قتل أكثر من مئتي ألف شخص منذ 2006، العام الذي اضطرت فيه حكومة فيليبي كالديرون (2006-2012) إلى نشر الجيش في الشوارع للقضاء على الكارتيلات.

أدت هذه الاستراتيجيا إلى تفكيك المجموعات الإجرامية التي تحوّلت خلايا أصغر حجمًا، ولكن أشد عنفًا. يقول مدير "إيتيليكت" روبن سالازار الذي يوجّه انتقادًا شديدًا إلى الاستراتيجية التي تنتهجها السلطات "برز عدد لا متناه من الخلايا الإجرامية التي تسعى في شكل متزايد إلى السيطرة على مناطق المخدرات وطرقها".

تعوّل هذه الخلايا على تجارة المخدرات، لكنها تلجأ أيضًا إلى عمليات الابتزاز والخطف وسرقة الوقود. وكما ارتفعت نسبة الجرائم في مقاصد سياحية معروفة على غرار لوس كابوس في شمال غرب البلاد، لم توفر أيضًا المناطق الأكثر تهميشًا مثل ولاية غيريرو في الجنوب.

تراوح مشاهد الرعب التي باتت جزءًا من يوميات المكسيكيين بين جثث ممزقة ومحروقة ملقاة على الطرق ومجرمين مدججين بالسلاح يهاجمون عناصر الشرطة والعسكريين وجثث قطعت رؤوس أصحابها تطفو على الأنهار.

شكل العنف العنوان الرئيس للحملة الانتخابية في بلاد تعد 120 مليون نسمة، يفتك الفقر بأكثر من خمسين مليونًا منهم، لكنه بات جزءًا لا يتجزأ من العملية الانتخابية في شكل غير مسبوق.

يصعب غالبًا تحديد الأسباب التي تدفع إلى تصفية رجل سياسي. فإذا كان بعض السياسيين مثل بورون أعلنوا عزمهم التصدي للعصابات فإن آخرين يتم استهدافهم أحيانًا لكونهم مرتبطين بمجموعات إجرامية منافسة.

يعلق أوغالدي "علينا أن نتساءل عن عدد المرشحين الذين قتلوا لضلوعهم في الجريمة المنظمة. إنها المشكلة الرئيسة". ويرى سيرجيو أغوايو الخبير في الأمن في جامعة مكسيكو أن البلاد تواجه مشكلة خطيرة تتمثل في "التواطؤ بين الموظفين والمجرمين".

بمعزل عن التوجه الذي ستتخذه انتخابات الأحد، فإن هذا التواطؤ مؤشر مقلق بالنسبة إلى مستقبل الديموقراطية في المكسيك. ويقول أغوايو "لا أعرف بلدًا آخر تزداد فيه سطوة الجريمة المنظمة كما يحصل في المكسيك".