القاهرة: اصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر قرارا يقضي بعودة الضباط الملتحين للخِدمة الفعلية العاملة بهيئة الشُّرطة، وإلغاء قرار وزير الداخلية الذي أبعدهم عن وظائفهم، الامر الذي رآه البعض مرتبطا بحقبة الاخوان، فيما أشار اخرون انه لا يوجد نص خاص باللحى في مهنة الضابط.

وتزامنًا مع الذكرى الخامسة لثورة 30 يونيو التي أطاحت بنظام حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، قضت محكمة القضاء الإداري العليا، بإلزام وزارة الداخلية المصرية بإعادة الضباط الملتحين إلى عملهم مرة أخرى، بذات أقدميتهم السابقة، مثلما كانوا بين أقرانهم، وإلغاء قرار وزير الداخلية بعزلهم من وظيفتهم.

وأثار الحكم الكثير من الجدل في مصر، لاسيما أن ظاهرة الضباط الملتحين ارتبطت بنظام حكم جماعة الإخوان المسلمون.

ضباط ملتحون
وصدر الحكم بناء على دعوى أقامها ضابط شرطة برتبة عقيد ممن أطلقوا لحاهم، طعنا حمل رقم 10113 لسنة 61 ق ضد وزير الداخلية، على قرار مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة بعزله من وظيفته.

وجاء الحكم تأييدًا لحكم سابق صدر في العام 2013 بأحقية الضابط الملتحي في العودة إلى عمله، وعدم جواز نقله للاحتياط أو وقفه عن العمل، واعتبرت وجوده في جهاز الشرطة لا يمثل خطرا على الجهاز، ولا يؤثر في كفاءة عمله.

حيثيات الحكم
وحصلت "إيلاف" على حيثيات الحكم، الذي أثار الكثير من الجدل في مصر، لاسيما أن ظاهرة الضباط الملتحين ظهرت أثناء تولي جماعة الإخوان المسلمون الحكم في الفترة ما بين عامي 2012 و2013.

واعتبرت المحكمة أن إطلاق اللحية من الحريات الشخصية، وتطبيقًا للدستور المصري الذي اتخذ من الدين الإسلامي مصدرًا رئيسيًا للتشريع.

وقالت في حيثيات حكمها إن قانون هيئة الشّرطة أنشأ نظاما منفرداً لإحالة ضباط الشرطة إلى الاحتياط، فأجاز لوزير الداخلية أن يحيل الضباط- غير المعينين في وظائفهم بقرار جمهوري- إلى الاحتياط، لمدَة لا تزيد على السنتيْن، بناءً على طلبهم، أو طلب أجهزة وزارة الداخلية، لأسباب صحية تقرّها الهيئة الطبية المختصة، أو إذا ثبتت ضرورة وأسباب جدية تتعلَّق بالصالح العام لهيئة الشرطة أو للبلاد عموما، وذلك للضباط مِن دون رتبة "اللواء"، وبعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشُّرطة في أي من هذا، على أن يعرَض أمر الضَّابط المحال، قبل انتهاء مدة الإحالة، على المجلس الأعلى للشرطة مِن جديد، لتقرير إحالته إلى المَعاش أو إعادته إلى الخِدمة العامِلة، تَبَعاً لاستمرار الأسباب الجِدِية للإحالة إلى الاحتياط مِن عدمها.

نظام التأديب
وأضافت المحكمة: "ومن ثم يضحي نظام الإحالة إلى الاحتياط مختلفاً ومستقلاً تماماً في طبيعته القانونية وأهدافه وإجراءاته، عن نِظام تأديب ضباط الشُّرطة، ويمسى هو الأَولى بالاتباع مِن قِبل الجهة الإدارية القائمة على مرفق الشرطة في الحالات التي تتعلق جدياً بالصالح العام والتي تدخل في زمرتها وقائع الاختلاف المستمر للمسلك الانضِباطي للضابط في المجمل، عَن الأعراف والتعليمات الشرطية الانضباطية، خاصة مع صعوبة معالجة بعض هذه الوقائع بنِظام التأديب لأن احتمالات العودة إليها أقرب مِن درئها، فضلاً عن أنَ سلطة الإدارة التقديرية في الإحالة إلى الاحتياط، ثم إقرار عودة الضابط مِن الاحتياط إلى الخِدمة العامِلة أو إحالته إلى المَعاش، تخضع كلية للرقابة القضائية".

الطاعن.. ضابط ملتحي
وتابعت المحكمة: "الثابت في الأوراق، أنَ الطاعن (الضابط الملتحي) قد ارتضى طواعية واختيارا بإرادته الحرة، الانخراط في العمل بمرفق الشُّرطة المِصريَّة، وأقسَم قبل مُباشرة أعمال وَظيفته اليَمين القانونية باحترام الدُّستور والقانون ومُراعاة سلامة الوَطَن وأداء واجبه بالذِّمَّة والصِّدق، ومَارَس أعماله كضابِط شُرطة لسنوات طِوال، مُلتزِماً بضوابط هذا المِرفق ذي الطَّبيعة الخاصَّة والتي مِن بينها الالتزِام بزيٍّ خاص ومَظهر لائق يحكمه القانون والقرارات والتَّعليمات الانضباطية، ومتدرجًا في الرتب والوظائف الشُرطية وَسْط أقران دُفعته دون تضييق مِن الجهة الإدارية المَطعون ضدها، عليه في ممارسة شعائرَ الدين الإسلامي الحَنيف، مثله مِثل أقرانه طوال خِدمته الوظيفية".

وقالت: "فكان على الطاعن (الضابط الملتحي) إكمال أعمال وظيفته داخل مِرفق الشُّرطة على الوجه الذي أوجبه القانون والتَّعليمات والانضِمام إلى زملائه الضباط في مَسيرتهم الأبية نحو إمعان الأمن والأمان في البلاد وسط ما تتعرض له مِن المَوجات الإجرامية والإرهابية وخِلافه، وله في ذات الوقت، مِثل بقية أقرانه مِن الضباط وكافَّة موظفي الدَّولة، حرية ممارَسة الشعائر الدينية وفق المَنظومة التَّشريعية المِصرية التي اتخذت دستوريًا مِن الإسلام دين الدَولة، ومِن مبادئ الشّريعة الإسلامية مَصدراً رئيسياً للتشريع".

وختمت المحكمة حيثيات الحكم قائلة: "أما وقد أعفَى الطَّاعن لحيتَه، اعتقاداً مِنه بمُخالَفة قصها لأحكام الدِّين الإسلامي الحَنيف، على الرغم مِن كونها مِن الأمور المختلف فيها بين العلماء على النَّحو السالف إيضاحه تفصيلاً، مخالِفاً بذلك القانون والتَّعليمات الانضباطية داخل مِرفق الشرطة، وأصرَّ على المضي في نهجه، مفضلا الاستمرار في الجَدل بالقضايا الفقهية الخِلافية، دون أنْ يستقيل أو يلتمس عملاً آخرا، فإنَّه يكون مرتبكًا ذنباً إدارياً مَسلكياً لا يجب التّهاون في شأنه، إذ يأبى الخُضوع لقواعد النظام مع الالتزام به". 

حكم نهائي
من جهته قال عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة الأسبق الدكتور محمود كبيش، إن حكم المحكمة الإدارية العليا بعودة الضباط الملتحين لمناصبهم نهائي وبات.

وأضاف كبيش، في تصريحات له أن عودة الضباط لمناصبهم، يعني استفادتهم من مناصبهم طوال الشهور الماضية تماما كما لو لم يتم إعفاءهم.

ولفت إلى أن الحكم يرى أن اللحية لا تخل ولا تمنع الضابط من ممارسة عمله، وأنه لا يعتقد أن هناك نصًا خاصًا باللحى في آداب مهنة الضابط، بحسب قوله.

وأشار كبيش، إلى أن وزير الداخلية هو المنوط بتنفيذ الحكم القضائي لأنه المختصم في الدعوى، هو وزير الداخلية.

وأضاف: "إذا ثبت أن أحد هؤلاء الأشخاص، يرتكب ما يمكن أن يحاسب عليه كجريمة فهذا أمر آخر، أما المحكمة فترى أن سلوك تربية اللحية لا يستوجب عزله من مهنته".

معارضون للقرار
بينما هاجم الإعلامي أحمد موسى، المقرب من الأجهزة الأمنية في مصر، ائتلاف الضباط الملتحين، وقال إنه حاول اغتيال الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقال إن "هذا الائتلاف عبارة عن مجموعة إرهابيين".

وأضاف "موسى"، في برنامجه "على مسؤوليتي" بفضائية "صدى البلد"، أنهم أعدوا قائمة باغتيالات، على رأسها الرئيس السيسي، وكذلك اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية الأسبق، وشخصيات أخرى، مشيرًا إلى أن "محمد السيد البكاتوشي، هو مؤسس مجموعة الضباط الملتحين، والذي خطط مع مجموعته لاغتيال الرئيس السيسي".