«إيلاف» من دبي: التقت الزيارة الرسمية التي يقوم بها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد مع الأحكام الصادرة بحق مقتحمي البرلمان، مع الحديث الساخن عن الوضع في الكويت ومستقبل الحكم السياسي فيها. 

وتقول مصادر «إيلاف» إن الظروف الحالية في البلد الخليجي تمر بمجموعة من التحديات بسبب عدم وضوح مسألة الخلافة والتنافس بين أجنحة داخل الحكم. 

وكان النظام الدستوري في الكويت قد رسم إطاراً عاماً ومحدداً للعلاقة بين أسرة آل الصباح الحاكمة والشعب الكويتي، من خلال عقد اجتماعي - سياسي التزمه الطرفان، حصر الإرث السياسي في الكويت بآل الصباح، وتحديدًا بذرية الشيخ مبارك الصباح بين الذكور، قسمة بين أجنحة مختلفة في العائلة.

تستذكر مصادر مطلعة انتقال الحكم إلى الأمير الحالي الشيخ صباح الأحمد، بعد وفاة الأمير الراحل الشيخ جابر الصباح، وقبل وفاة الشيخ سعد العبدالله الصباح، وهو ولي العهد الذي منح لقب الأمير الوالد قبيل مبايعة البرلمان الكويتي الشيخ جابر الصباح أميراً.

تم في الوقت نفسه اختيار الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيساً للوزراء، لكنه أُعفي وتمت تولية الشيخ جابر المبارك مكانه، فكان حصر تداول الحكم في أحد أجنحة العائلة، وإبعاد أجنحة أخرى، ما أثار حفيظة الذكور في الأجنحة المستبعدة.

واختار أفراد الأسرة الحاكمة التحالف مع نواب في مجلس الأمة الكويتي، ما وسّع الهوة السياسية بين الأطراف المتناحرين.

وتقف المصادر المطلعة على الشأن الداخلي الكويتي عند ندرة الحلول المطروحة، لكنها تؤكد أن لا حل لهذه المعضلة إلا بإعادة التوازن إلى العلاقة بين أجنحة الأسرة الكويتية الحاكمة. 

ومن الحلول المطروحة إتاحة الفرصة لجيل من الشباب من الأجنحة المختلفة بتجاوز التراتبية العمرية. ربما يشكل هذا الحل مخرجاً للكويت من حالة عدم الاستقرار السياسي، وهذا سيساعد الكويت كي تستعيد زخمها وحضورها في المشهدين الإقليمي والدولي، انطلاقًا من استقرارها الداخلي. فترتيب البيت الداخلي يعطي الدولة دفعة قوية نحو حسم الملفات السياسية والمالية الملحة، من خلال اتخاذ قرارات ركنها الأساس العزيمة الإصلاحية الجادة.

في هذا السياق، لا مفر من الاعتراف بأن للكويت دور إقليمي لافت تؤديه في الملفات الإقليمية المستعرة، خصوصًا في ملف النزاع العربي - الإسرائيلي، الذي تسعى الإدارة الأميركية الحالية إلى إيجاد حل نهائي له. 

من هذا المنظور، سلط تقرير نشرته صحيفة "نيويورك بوست" الأميركية على تمسك الكويت بموقفها من إسرائيل. فوفق التقرير، حمل سفير الكويت لدى الأمم المتحدة أخيراً على إسرائيل، وقال إنها تستخدم ترسانة ضخمة من الأسلحة المتطورة ضد شعب أعزل. 

بعد هذا الهجوم، نفى رجل دين كويتي الهولوكوست وغرف الغاز النازية ضد اليهود، قائلاً إن عملية كهذه مستحيلة. تساءل: "كم فُرناً تحتاج لحرق 6 ملايين إنسان؟"

يقول التقرير إن هذه التصريحات تبقي الكويت ممانعة بصلابة، وتبقى ضمن الدول الخليجية المحافظة التي تدين إسرائيل بانتظام، "فحتى قطر التي تدعم حماس تحافظ على علاقات مع إسرائيل. كما تحافظ على موقف محايد مع إيران. 

معادلة مربحة

يقول تقرير «نيويورك بوست» إن معاداة إسرائيل سياسة مربحة لنظام الكويت السياسي. ويفند التقرير الآتي: "في أكتوبر الماضي، حمل رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم على عضوين في الكنيست الإسرائيلي، واصفاً إياهما بأنهما «محتلان وقاتلا أطفال». 

ووسط عاصفة من التصفيق، صرخ الغانم على الإسرائيليين أن يأخذا حقائبهما ويغادرا القاعة، فسماه الفلسطينيون «شخصية العام 2018». وفي مايو، هاجم النائب الإسلامي وليد الطباطبائي الإسرائيليين بأبشع العبارات، بعدما ضرب الجيش الإسرائيلي أهدافاً إيرانية في سوريا. والمعروف أن الطباطبائي زار فصائل سورية مسلحة في إدلب وجرى تصويره يرتدي ملابسها القتالية ويحمل سلاحاً. وفي أوائل يونيو، شكر نائب آخر الشعب الكويتي والأمير والحكومة على ردهم الحازم دائماً على «الاحتلال الصهيوني». 

يمكن تفسير الشعبية التي يحظى بها شجب إسرائيل في النظام السياسي الكويتي بانتشار السلفية. فقوة السلفيين السياسية مستمدة في أحد أسبابها من عدائهم الشديد لإسرائيل ومعاداتهم الصريحة للسامية.

وكانت الكويت تحالفت مع الاسلاميين. إلا أن نفوذ السلفيين يمكن أن يفسر سجل الكويت البائس في تمويل الارهاب. فثلاثة أفراد مشمولون الآن بعقوبات أميركية لتمويل تنظيم القاعدة هم أيضًا أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة الكويت الحكومية، ويحصلون على منافع عامة من ذلك. وما زالت جمعية إحياء التراث الإسلامي تعمل في الكويت، وهي التي أدرجتها وزارة المالية الأميركية على قائمة المنظمات الإرهابية في عام 2008 بسبب تمويلها «تنظيم القاعدة». 

قصيراً وعاصفاً

تصاعد عداء الكويت لإسرائيل منذ أصبحت عضواً غير دائم في مجلس الأمن الدولي. وأجهضت الكويت جهود الولايات المتحدة لشجب الزعيم الفلسطيني محمود عباس على خطابه المعادي للسامية، وحالت دون إدانة الولايات المتحدة هجمات حماس ضد اسرائيل من قطاع غزة. 

وفق تقرير «نيويورك بوست»، تشير تقارير إلى أن جاريد كوشنر الذي شعر أن جهود الكويت تضعفه، عقد اجتماعاً «قصيراً وعاصفاً» مع السفير الكويتي في واشنطن. 

لكن، إذا أُعلنت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام في المنطقة خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، فربما تجد الكويت نفسها أمام قرار صعب، إذ أن تحدي الولايات المتحدة يختلف تمامًا عن الحفاظ على موقف مستقل في نزاع داخل مجلس التعاون الخليجي. ومن المستبعد أن يكون هناك مجال لعدم الانحياز في استراتيجية ترمب لاحتواء إيران. ​​