ساو باولو: فرضت البرازيل على المدارس تعليم مادة التحليل الاعلامي في قرار يهدف الى التصدي لظاهرة تفشي "الاخبار الكاذبة" على شبكة الانترنت.

ويشهد العالم نقاشات متزايدة حول مشكلة اجتياح المعلومات المتفلتة من اي ضوابط لوسائل التواصل الاجتماعي، والتي يتم تحميلها بواسطة اشخاص لا يقيمون اي اعتبار لاخلاقيات الصحافة، ولعدم الانحياز او حتى للحقيقة.

ويشكل مدى الاثر الذي يمكن ان تخلفه هذه المعلومات المضللة لدى الاشخاص الاكثر عرضة لتأثيرها مصدر قلق بالغ.

ويقول لياندرو بيغوسي مدير التحرير في معهد خبراء التعليم نوفا ايسكولا إن "الهدف هو تعليم التلاميذ كيفية رصد الاخبار الكاذبة، والآن اصبح ذلك ضمن المناهج الدراسية الوطنية لان البلاد ارتأت ضرورته".

ويتابع بيغوسي ان "انتشار شبكات التواصل الاجتماعي خلق اوضاعا طارئة" في هذا الاطار.

وفي ديسمبر 2017 فرضت البرازيل تعليم مادة التحليل الاعلامي، علما ان بعض المدارس كانت ادرجتها منذ سنوات ضمن المنهج الدراسي الى جانب المواد التقليدية كالرياضيات والتاريخ.

وتقول التلميذة كايو رودريغيز (14 عاما) إن الصحافة البرازيلية ليست كاملة، لكنها تلعب دورا اساسيا في التصدي ل"الاخبار الكاذبة" لان "الانترنت أو وسائل التثبت من الحقائق ليست متاحة للجميع".

وتسجلت رودريغيز في برنامج "الصحافة الشابة" الذي اطلق قبل ست سنوات في مدرسة "كازا بلانكا" الرسمية في ساو باولو.

وتعلّم المدرستان لوسيلان فيرانداس وهيلدينور غوميش دو سانتوس تلاميذهما الذين تتراوح اعمارهم بين 8 و14 عاما عدم الاخذ بصحة كل ما يشاهدونه او يقرؤونه من دون تحقق.

"التفكير في النقرات"

وتقول هيلينا فيتال (11 عاما) وهي ابنة لمدرسين "عندما تصلني معلومة، اجري بحثا عنها على شبكة الانترنت واتساءل عما اذا كانت صحيحة".

وتقول فيتال إن البرنامج علمها النظر الى وسائل الاعلام من زاوية مختلفة.

وتضيف فيتال "اعلم الآن ان الامور ليست بهذا السوء، البلاد لن تنهار"، معتبرة ان الاخذ بالاخبار من دون التشكيك فيها "يجعل الناس تعساء" وان "امورا سلبية كثيرة ليست حقيقية".

وتقول فارانداس التي تسعى الى اقامة تعاون بين وكالات التثبت من الحقائق من اجل توسيع تربية الاطفال إن هؤلاء لا يملكون وسائل التحقق من كل شيء، لكنهم "ينظرون الى المقالات، ومن كتبها، ومن قد تهمهم واين نشرت، وهي كلها وسائل للتشكيك في صحة المعلومة".

ويبدو ان الاجراءات تحقق هدفها على الرغم من صغر سن الاطفال.

وتقول رودريغيز التي يملك والدها متجرا وتعمل والدتها في تدريم الاظافر "لا يتطلب تشارك الاخبار الكاذبة سوى نقرة: هذا المشروع يعلمني ان افكر في نقراتي" خلال تصفحي للانترنت.

ويحلل التلاميذ المسجلون في برنامج "الصحافة الشابة" كذلك الاخبار المنشورة في الاعلام المحلي حول المشروع، وقد وجدوا مغالطات.

وستخضع التغطية التي تجريها وكالة فرانس برس للتدقيق.

وتتمتع البرازيل التي يبلغ عدد سكانها نحو 208 ملايين نسمة بحضور ضخم على وسائل التواصل الاجتماعي مع 120 مليون مستخدم لتطبيق واتساب واكثر من 100 مليون مستخدم لفيسبوك واكثر من 50 مليون شخص على انستغرام.

ويقول بيغوسي وهو يعمل في التدريب الصحافي "في الماضي كان الاهل يعلمون اولادهم، لكن الآن اصبح ذلك يمر عبر مجموعة من الوسائل، ما يغير الدور الذي تلعبه المدرسة".

ويضيف "المثير للاهتمام في البرازيل هو ان الاعلام والمعرفة التكنولوجية يعتبران باهمية المعرفة الكلاسيكية".

"ابناء العصر الرقمي"

وينفي بيغوسي ان يكون التحليل الاعلامي بشكل عبئا اضافيا على النظام التعليمي، بقوله إنه يشكل "سياقا لتحسين التربية". ويقول "نحن نتحدث عن امور هي جزء من عالم التلميذ".

وبحسب فيرونيكا مارتنز كاناتا منسقة التكنولوجيا والتواصل في مدرسة دانتي اليغييري الخاصة إن على الاطفال تحمل قسطهم من المسؤولية في ما يتعلق بالاخبار الكاذبة.

وتقول "التكنولوجيا سهلت التواصل لكن حان الوقت للتشكيك في محتواها". وتضيف "كابناء للعصر الرقمي، على الاطفال والمراهقين تحمل المسؤولية بتحليل المحتوي قبل اعادة نشره".

وتدرس "دانتي الييغري" التحليل الاعلامي منذ 11 عاما وقد ادخلت المعركة ضد الاخبار الكاذبة الى قاعات التدريس.

 وتقول مارتنز كاناتا إن الاطفال يكونون سذجا في البداية لكنهم سرعان ما يكتسبون نظرة نقدية تغير طريقة استهلاكهم للمعلومة.

الا ان دراسة التحليل الاعلامي لن تخلق بالضرورة جيلا جديدا من المراسلين. وتعتبر فيتال ان الصحافة تنقصها المصداقية في بعض الاحيان، ولدى سؤالها حول ما اذا كانت ترغب بان تصبح صحافية اجابت فيدال "افضل السباحة".