في عملية "جايمس بوندية" مثيرة، ومصورة، تسلل عملاء الموساد إلى مستودع سرّي في طهران، بقوا فيه 6 ساعات و29 دقيقة، ففتحوا 32 خزنة عملاقة، وخرجوا حاملين 50 ألف صفحة من الوثائق... التي تصفها طهران بالمزوّرة.

إيلاف من دبي: تتردد أصداء العملية الاستخبارية التي نفذها الموساد الإسرائيلي في إيران، وتمكن من تهريب وثائق نووية غاية في الأهمية، يعود تاريخها إلى عام 2003، ساهمت على ما يبدو في اتخاذ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قراره الانسحاب من الاتفاق النووي. إلا أن إيران أكدت أن الوثائق التي سرقها الإسرائيليون مزوّرة كلها، بحسب تقرير نشرته وكالة أسوتشيدبرس.

بشكل ممنهج
بحسب ما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأحد، أثبت بعض الوثائق المسربة أن إيران كانت تجمع كل ما تحتاجه لإنتاج سلاح نووي بشكل ممنهج. إلا أن الصحيفة استدركت لافتة إلى إمكانية إخفاء الموساد أي مستندات تنفي هذا الأمر من الوثائق التي عرضت على مراسلها.

وفي الوقائع التي نشرتها الصحيفة نفسها، والتي زوّدتها بها إسرائيل نفسها، تسلل عملاء الموساد في 31 يناير الماضي إلى مستودع في حي تجاري في طهران، ليخرجوا منه بعد 6 ساعات ونصف ساعة حاملين نصف طن من الوثائق والمواد السرية الخاصة ببرنامج إيران النووي، وذلك بعدما عطلوا أجهزة الإنذار، وتجاوزوا بابين مصفحين، وفتحوا 32 خزانة عملا

عملاء الموساد تمكنوا من الفرار قبل انكشاف أمرهم

تبيّن من التفاصيل أن العملية ما كانت وليدة ساعتها، بل أتت عن سبق إصرار وترصد. فقد راقب عملاء الموساد المستودع عامًا كاملًا، وتأكدوا جديًا أن فريق الحراسة الصباحي يصل في السابعة تقريبًا، فكانت الخطة أن يغادر عملاء الموساد المستودع قبل الخامسة، ليكون لديهم متسع من الوقت للفرار، فالحراس سيدركون ما حصل ما أن يصلوا، وسيعرفون أن ثمة من استولى على ملفات توثق أعوامًا من العمل المضني على تطوير أسلحة نووية وتصميمات لرؤوس حربية وخططًا سرية للإنتاج.

في 6 ساعات
في العاشرة والنصف ليلًا، تسلل عملاء الموساد إلى داخل المستودع، حاملين شعلات تذويب تصل درجة حرارتها إلى 3600 درجة، وفتحوا بها أقفال 32 خزانة حديدية عملاقة موجودة في المستودع، لكن لضيق الوقت استهدفوا أولًا كل خزانة تحتوي على أغلفة سوداء، وفيها أكثر التصميمات حساسية، وصور لتجارب على صواعق تفجيرية يمكن استخدامها في تفجير نووي.

قبل الخامسة فجرًا، غادر عملاء الموساد المستودع متجهين نحو الحدود، ومعهم 50 ألف صفحة و163 قرص ذاكرة مضغوطة، وفيديوهات ورسومات غرافيك وبيانات كانت في المستودع، الذي لم يستخدم إلا بعد توقيع الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة في عام 2015. 

بحسب "هآرتس" الإسرائيلية، تبيّن الوثائق أن إيران تلقت مساعدةً في تطوير برنامجها النووي من أطراف عدة، بينها باكستان وخبراء مستقلون آخرون. وقالت القناة الثانية الإسرائيلية إن من ضمن الوثائق التي حصلت عليها إسرائيل كتابات تعود إلى باحثين إيرانيين كتبوها في عام 2003، يتحدثون عن البرنامج النووي الإيراني السرّي، وعن تمهيد الطريق للحصول على قنبلة نووية. وأضافت أن عملية الإستيلاء على الوثائق صُوّرت في فيلم كامل.

من جانبها، قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية إن عملاء الموساد اضطروا إلى ترك باب المستودع السري مفتوحًا، للحصول على أكبر قدر من تلك الوثائق، في وقت اندفع حارس المستودع يعلن النفير العام. بعدها تقاطر عشرات الضباط الإيرانيين إلى المكان، لكن عملاء الموساد كانوا قد تمكنوا من الهرب.

خدعت العالم
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو كشف في وقت سابق من العام الحالي عن وثائق نووية إيرانية استولى عليها الموساد بشكل غير مشروع. 

وكان نتانياهو قد قال إن آلاف الصفحات من المواد التي حصلت عليها إسرائيل توضح أن إيران خدعت العالم بإنكارها أنها كانت تسعى إلى إنتاج أسلحة نووية، متهمًا إيران بأنها كانت تطبق برنامجًا للتسلح النووي حتى عام 2003، وكان يطلق عليه سرًا اسم "مشروع عماد". يضيف نتانياهو أن إيران استمرت في برنامجها للتسلح النووي حتى بعد إغلاق "مشروع عماد".

ردت إيران على المزاعم الإسرائيلية على لسان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الذي قال في تغريدة إن الأدلة "إعادة صياغة لمزاعم قديمة"، تعاملت معها بالفعل، وكالة الطاقة النووية التابعة للأمم المتحدة.

وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن إسرائيل أفسحت المجال لعدد من كبار الصحافيين حول العالم للوصول إلى الوثائق التي استولت عليها في هذه العملية، وبعضهم حصل على نسخ مصورة من هذه الوثائق، وبيّنت أن إيران حصلت فعلًا على معلومات حساسة ودقيقة جدًا، كفيلة بإيصالها إلى إنتاج القنبلة النووية. وأظهرت الوثائق الذكاء الإيراني في تحصيل تلك المعلومات، بما لا يمكن الآخرين من كشفها، ومن الوثائق المتوافرة صور للغرف التي شهدت القيام بالتجارب لإنتاج القنبلة النووية.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "نيويورك تايمز". الأصل منشور على الرابط:
https://www.nytimes.com/aponline/2018/07/15/world/middleeast/ap-ml-israel-iran.html