أحمد قنديل من دبي: تستعد الإمارات على قدم وساق للزيارة التاريخية المرتقبة لرئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ التي تبدأ يوم الخميس المقبل، والتي تعد أول زيارة خارجية له بعد إعادة انتخابه رئيساً لبلاده، كونها تكتسب أهمية خاصة تصب في صالح البلدين وتعزز تعاونهما الذي ينمو بشكل سريع في العديد من المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية والثقافية والسياحية، كما أنها توثق جذور الصداقة بين الإمارات والصين، فضلاً عن دورها الكبير في تعزيز حضور الصين سياسياً في قضايا المنطقة والقضايا العربية.

وحسب موقع وزارة الخارجية الإماراتية، تبشر زيارة الرئيس الصيني بانتعاش اقتصادي بين البلدين من خلال النمو المتوقع والصعود الكبير في المشاريع المشتركة. وهناك اهتمام كبير وعلى كل المستويات بهذه الزيارة التي يعول عليها الجانبان كثيرا من أجل بناء شراكة طويلة المدى اقتصاديا وسياسا وثقافيا.

مستقبل الاقتصاد

وذكرت الخارجية الاماراتية إنّ ترحيب قيادة الإمارات بزيارة الرئيس الصيني إلى البلاد تنبع من الرغبة الأكيدة في ترسيخ أواصر التعاون بين البلدين، وصولا إلى تحقيق دور محوري يسهم في استقرار المنطقة وتعزيز مستقبلها الاقتصادي، فضلاً عن بذل الجهود المشتركة لتدعيم السلام والتنمية في العالم، كما أنها تؤسس لعهد جديد من العلاقات الاستراتيجية المتينة والشاملة في شتى المجالات، وتزيد من صلابة الأرضية المشتركة بين البلدين.

البداية في 1984

وتأتي زيارة الرئيس الصيني، حسب موقع الوزارة، في وقت تنتعش فيه العلاقات الإماراتية الصينية بعد أن انطلقت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 1 نوفمبر 1984، وقامت دولة الإمارات بفتح سفارة في العاصمة الصينية بكين في 19 مارس 1987، كما قامت الإمارات بافتتاح ثلاثة قنصليات عامة لها في جمهورية الصين الشعبية، في هونغ كونغ أبريل 2000، وفي شنغهاي يوليو 2009، وفي غوانغ جو يونيو 2016.

رئيس دولة الامارات في الصين - أرشيفية 

وافتتحت سفارة جمهورية الصين الشعبية في أبوظبي في أبريل 1985، كما قامت جمهورية الصين الشعبية بإفتتاح قنصليتها العامة في دبي في نوفمبر عام 1988م.
ونمت تلك العلاقات وتعززت في المجالات كافة ثقافيا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وتعد علاقات البلدين نموذجا عالميا قائما على الاحترام والتفاهم والمصالح المشتركة، وطموحه التعاون المثمر والمستقبل الواعد.

الإمارات تحتضن 200 ألف صيني و4000 شركة

تعد دولة الإمارات محط نظر جمهورية الصين خاصة أنها تحتضن أكثر من 200 ألف مواطن صيني، وتضم 4000 شركة تجارية، كما تجاوز حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين الـ 50 مليار دولار، ما جعل الإمارات على مدى سنوات متتالية ثاني أكبر شريك تجاري للصين في العالم، كما أنها الشريك الأكبر للصين في المنطقة العربية، حيث تستحوذ الإمارات على 23 في المائة من حجم التجارة العربية مع الصين. ونحو 60 في المئة من التجارة الصينية، يعاد تصديرها من خلال دولة الإمارات وموانئها إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والدول الأفريقية بشكل عام، حيث تعتبر الصين، دولة الإمارات بوابة العبور الأولى لها إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نظرا للسمعة العالمية التي تتمتع بها الإمارات والتسهيلات التي تقدمها للمستثمرين في جميع المجالات.

50 مليار دولار حجم التبادل التجاري

شهدت مؤشرات النمو في أرقام التجارة السنوية بين البلدين، نموا مطردا بعد أن كانت في بداية الثمانينيات نحو 60 مليون دولار، حيث وصلت في 2017 إلى 50 مليار دولار، أي أكثر من 800 ضعف تقريبا، وهذا دليل واضح على الجهود التي تبذلها قيادتا الدولتين من أجل تعميق أواصر التعاون وزيادة الترابط في العلاقات الاقتصادية.

مليون سائح صيني سنويا

يبلغ عدد السياح الصينيين الذين يزورون الإمارات سنويا نحو مليون سائح تقريبا، وهناك جهود ملموسة تبذلها دولة الإمارات لجذب السياح الصينيين، وهناك العديد من الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها طيران الإمارات والاتحاد للطيران، من أجل تعريف الصينيين بمعالم دولة الإمارات وتحفيزهم على زيارتها.

الإعفاء من تأشيرات الدخول

في إطار العلاقات الثقافية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية قامت قيادتا البلدين بخطوات مهمة في هذا الجانب تمثلت في الإعفاء من تأشيرة الدخول للمواطنين الإماراتيين والصينيين للبلدين، وكان لذلك أثر كبير في تقوية العلاقات الثقافية بين الشعبين، 
وشهدت العلاقات بين البلدين نموا ملحوظا في هذا الجانب وهناك أنشطة ثقافية متبادلة.

دبلوماسية قريبة

على الصعيد السياسي يتمتع البلدان بعلاقات دبلوماسية وسياسية مميزة ومتقاربة الرؤي في الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، فهما من أكثر الدول التي تدعو إلى احترام القانون الدولي والالتزام بقرارات الشرعية الدولية ومراعاة مبادئ حسن الجوار وعدم الاعتداء وحل النزاعات بالطرق السلمية، كما أنهما يحرصان على أن تلعب الأمم المتحدة دورا أكبر في حل الصراعات الدولية وحفظ الأمن والسلم الدوليين.

زايد في بكين 1990

أسهمت الزيارات المتبادلة بين المسؤولين من كلا البلدين وعلى أعلى المستويات في تعزيز هذه العلاقات والارتقاء بها. وكانت الزيارة التاريخية التي قام بها الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الإمارات إلى الصين في مايو عام 1990 قد فتحت الباب واسعا وأسست لعلاقات متينة نرى آثارها وثمارها وانعكاساتها الإيجابية في مجمل العلاقات بين البلدين بشكل جلي، حيث أسس الشيخ زايد مركز الشيخ زايد لدراسات اللغة العربية والدراسات الإسلامية في العاصمة الصينية بكين.

كما كان للقاءات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مع الفعاليات الاقتصادية الصينية خلال زيارته للصين عام 2008 دورها في استكشاف الفرص الاقتصادية المتبادلة، حيث بدأت تتدفق الاستثمارات بين البلدين بشكل أكبر.

زيارات متبادلة رفيعة المستوى

وكذلك، عكست الزيارات المتتالية التي قام به الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لجمهورية الصين الشعبية في الأعوام 2009 و2012 و2015 مدى الاهتمام الذي توليه قيادة الإمارات وعلى رأسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة للصين، حيث وقعت خلال تلك الزيارات العديد من الاتفاقيات التي أسهمت في تحقيق قفزات نوعية في العلاقات بين البلدين وفتحت آفاقا واسعة للتعاون وخاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية.

وقد أكد الشيخ محمد بن راشد والشيخ محمد بن زايد متانة العلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الوثيقة التي تربط الإمارات بجمهورية الصين الشعبية وأن البلدين يؤديان دورا محوريا في استقرار المنطقة ومستقبلها الاقتصادي. وهناك الكثير من الرؤى المشتركة في تنسيق المواقف قد انعكست من الكثير من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية والحرص على التعاون وتعبئة الجهود الدولية من أجل إيجاد حلول وتسويات سياسية للحروب والصراعات القائمة في المنطقة والعالم.

وهناك محادثات دائمة بين القيادة السياسية في كلا البلدين، وتبادل للرؤى والأفكار من أجل نشر السلام في العالم، وتذليل المعوقات أمام الشعوب التي تعاني الكثير من المشاكل.

عدم الاعتراف بتايوان

تدعم دولة الإمارات الصين في الكثير من المحافل الدولية لإحباط محاولات تايوان بالحصول على اعتراف من قبل الدول، وقد عبّرت الحكومة الصينية عن شكرها للإمارات لإحباط محاولة تايوان لانجاز المشروعات المتعلقة بها في اجتماعات الدورة الـ122 للمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية.

ورفضت الإمارات الطلب الذي تقدمت به تايوان للانضمام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" بصفة مراقب. وقد حاولت تايوان سابقاً أن تؤثر علي الدول الفقيرة في أفريقيا وأمريكا الجنوبية وذلك بتقديم المساعدات المالية لها.

وتقول الإمارات إن موضوع زيارة التايوانيين لأراضيها أمر تجاري بحت لا يؤثر على الموقف الرسمي لدولة الإمارات ولا يشكل اعترافا بتايوان، بحسب موقع وزارة الخارجية.

الذكاء الاصطناعي والمدن الذكية

وهناك تعاونا بين البلدين في العديد من المجالات منها نقل التكنولوجيا والفضاء والذكاء الاصطناعي والمدن الذكية، إلى جانب الطب والسياحة العلاجية.

ومن المتوقع أن تسفر الزيارة المقررة للرئيس الصيني لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي ستبدأ الخميس المقبل، عن توقيع البلدين على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والمشاريع المشتركة، التي تصب جميعها في صالح تقوية أوصر العلاقات التي تجمعهما في إطار الشراكة الاستراتيجية التي يتمتع بها البلدان.
وسيتم كذلك توقيع اتفاقيات بين البلدين في مجالي التغير المناخي والأمن الغذائي.

من التعاون إلى الشراكة

وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ إن العلاقات بين الصين والشعوب العربية ستنتقل من مرحلة التعاون إلى الشراكة، لافتا إلى أن هذه العلاقات ستشهد نقلة استراتيجية، وأن دولة الإمارات من أولى الدول التي تطلعت إلى الشراكة الاستراتيجية مع الصين التي تعد ثاني أقوى اقتصاد في العالم.

طريق واحد.. حزام واحد

وكان الرئيس الصيني بينغ قد أطلق في عام 2013، بعد توليه مقاليد الحكم، مبادرة "طريق واحد.. حزام واحد"، موضحا أن هذه المبادرة ستعمل على ربط الصين بالعديد من دول العالم، ومنها دولة الإمارات، وسيكون لها أثر كبير وواضح في تلك الدول التي تربطها مع الصين علاقات ليست تجارية فحسب، وإنما سياحية وثقافية، ما سيعمل على ترسيخ الاستقرار والعلاقات الجيدة بين الدول المشاركة في هذه المبادرة، التي ستفتح المجال للاستثمار والتبادلات التجارية بينها وبين جمهورية الصين الشعبية.

الأسبوع الإماراتي الصيني

وكانت الإمارات أعلنت السبت الماضي عن إطلاق الأسبوع الإماراتي - الصيني الذي يستمر من 17 يوليو الجاري لغاية 24 من هذا الشهر بالتزامن مع زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للبلاد الخميس المقبل.

واستضاف مسرح منارة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، الأحد، حفل تدشين كتاب الرئيس الصيني شي جين بينغ بنسخته العربية، حول "الحكم والإدارة، الذي يلخص إنجازات الرئيس الصيني ورؤيته الواسعة وروحه الريادية وقيادته الملهمة". وذلك على هامش ندوة ثقافية عن الكتاب، لمتحدثين من الإمارات والصين.

الحكم والإدارة

وقال نائب الرئيس التنفيذي لدائرة الإعلان والترويج للحزب الشيوعي الصيني اللجنة المركزية، وانغ شياوهوي، إن كتاب الرئيس الصيني حول الحكم والإدارة يعد من الكتب الموثوق بها والتي تؤدي إلى استيعاب وفهم أفكار "شي جين بينغ" حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الحديث.

وأشار إلى أن فصول الكتاب تكشف رؤية الرئيس الصيني وآراءه حول السياسة والاقتصاد والمجتمع والشؤون العسكرية والدبلوماسية، إضافة إلى المجالات الثقافية والحياة، وطرح خبرته الكبيرة في إدارة شؤون البلاد، وقد حظي الكتاب باهتمام كبير عالميا وعربيا، خاصة اهتمام دولة الإمارات ودول الشرق الأوسط.