أثارت تعديلات أقرها البرلمان المصري على قانوني إقامة الأجانب والجنسية جدلا داخل وخارج مجلس النواب.

وأدخل التعديل على القانون فئة جديدة من الإقامة تحت اسم "إقامة الأجنبي بوديعة"، وذلك بالإضافة إلى ثلاث فئات يشملها القانون بالفعل، وهي: إقامة الأجانب المؤقتة، والعادية، والخاصة.

ويمنح التعديل لوزير الداخلية سلطة منح الجنسية المصرية للفئة الجديدة من المقيمين بوديعة قيمتها سبعة ملايين جنيه (350 ألف دولار أمريكي)، بعد نصف المدة المنصوص عليها سابقا (خمس سنوات بدلا من عشر سنوات)، شريطة أن تؤول قيمة الوديعة للخزانة العامة للدولة.

وقال رئيس مجلس النواب علي عبد العال خلال الجلسة التي شهدت التصويت على القانون "بالأمس تمت الموافقة على مشروع قانون منح الجنسية في مجموعه، ودار الكثير من اللغط حوله في بعض وسائل الإعلام، وللإيضاح فإن هناك أولا منظومة قانونية منظمة لإجراءات منح الجنسية، كما أن قانون الجنسية الحالي المعمول به في مصر منقول من القانون الفرنسي وبعض القوانين الوضعية التي تجيز منح الجنسية بعد قضاء إقامة طويلة في البلاد".

البرلمان المصري يقر قانونا يحصن "كبار ضباط الجيش" قضائيا ودبلوماسيا

ورفض 11 نائبا تعديل القانون الذي أقره مجلس النواب الذي يضم 596 نائبا.

من هؤلاء النائب سيد عبد العال رئيس حزب "التجمع" المعارض، الذي يرى أن هذا القانون يمثل "خطورة على الأمن القومي المصري"، وأن اشتراط إيداع هذا المبلغ يمثل تمييزا بين المقيمين الأجانب.

وفي تصريح لبي بي سي، قال عبد العال "مصر تخوض حاليا حربا ضد الإرهاب، فكيف تمنح الجنسية بموجب هذا الشرط السهل في ظل هذه الظروف؟ وفي مصر الآلاف من المقيمين السوريين مثلا، فكيف نمنح الجنسية لمن يملك قيمة الوديعة منهم وغيرهم لا؟".

"الجنسية لا تُشترى"

مجلس النواب المصري
Reuters

بدوره، انتقد حزب "الإصلاح والتنمية" القانون في بيان بوصفه "فكرة غير مقبولة"، معتبرا أن "الجنسية لا يتم شراؤها بالمال".

وحذر رئيس الحزب محمد أنور السادات من عواقب هذه الخطوة، متسائلا "من سيأتي لطلب الجنسية؟ هل المواطن الأمريكي أو الفرنسي مثلا يحتاج للجنسية المصرية؟ يجب الحذر وإدراك مخاطر وصول ممنوحي الجنسية المصرية إلى مناصب حيوية كالبرلمان، إلى جانب مقتضيات الأمن القومي التي يجب وضعها في الاعتبار قبل الظروف الاقتصادية".

لكن يحيى الكدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بالبرلمان، كان له رأي مختلف.

وقال الكدواني لبي بي سي إن "هذا الموضوع تحت السيطرة الأمنية الكاملة وسيكون تحت رقابة سلطات الدولة التي لن تسمح لأي شخص ذي توجهات معادية بالحصول على الجنسية المصرية، فضلا عن كونه معمول به في دول عديدة. أتوقع أن يعزز هذا التعديل من حوافز الاستثمار للأجانب المقيمين كما يوفر للبلاد العملة الصعبة".

وأعطى القانون لوزير الداخلية سلطة تحديد المرخص لهم بالإقامة ومدتها، وقيمة الوديعة ونوع عملتها، وتنظيم إيداعها واستردادها، والبنوك التي يتم الإيداع بها.

وقال الكدواني "عدد الأجانب المقيمين في مصر يتراوح بين ثلاثة ملايين إلى أربعة ملايين نسمة، وهذا القانون يعالج مشكلة وجود أجانب مقيمين يتمتعون بكافة حقوق المواطنين بما فيها الدعم الذي توفره الدولة".

وناقش أعضاء مجلس النواب المصري مواد القانون في جلسة أمس الأحد لكن التصويت عليه بصورة نهائية أجري اليوم الاثنين لاكتمال النصاب القانوني وحضور أكثر من ثلثي الأعضاء.

ادخار أم استثمار؟

وتعقيبا على القانون، يقول المحامي الحقوقي نجاد البرعي إنه "لا يمثل انتهاكا للدستور. فهذه القاعدة مطبقة في دول عديدة في أرجاء العالم. قد تكون المشكلة في بعض التفاصيل وقمية المبلغ لكنها في النهاية مسألة ينظمها القانون ولوائحه التنفيذية".

وأضاف البرعي "أعتقد أن القانون محاولة أخرى من الحكومة، نتمنى أن تنجح، لاجتذاب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية. لقد أجرت الحكومة عددا من التعديلات في السابق لمعالجة عزوف المستثمرين الأجانب".

لكن النائب المعارض سيد عبد العال قال إن "إيداع مبلغ من المال في بنك ما يمثل ادخارا وليس استثمارا. ولو أن مستثمرا أجنبيا أقام في مصر مشروعا بعشرات الملايين فإن القانون لا يعطي له الحق في الحصول على الجنسية كمن احتفظ بهذا المبلغ كوديعة".

وأردف "نحن نتفهم أن مصر تعاني من صعوبات اقتصادية ولكن أي تعديل قانوني سيكون له تأثير على مدى أجيال قادمة".

وتبحث مصر عدة إجراءات لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة بعد فترة من الاضطرابات السياسية والأمنية عصفت بالبلد بعد اندلاع الاحتجاجات ضد الرئيس السابق حسني مبارك في يناير/ كانون الثاني 2011.