إيلاف من برلين: لا يستطيع كافة مرضى السكري من النوع الثاني ممارسة الرياضة بسبب تقدم السن، ويقول العلماء البرازيليون إنهم وجدوا في جهاز هز الجسم بديلًا معقولًا لهم. ومعروف في الطب أن الرياضة، ضمن برامج تغذوية وإجتماعية أخرى، وسيلة ناجعة لخفض مستوى الغلوكوز في دماء المعانين من السكري النوع الثاني. والمشكلة أن الرياضة غير متاحة لكافة مرضى السكري من النوع الثاني، أو سكري تقدم السن، بسبب العمر أو بسبب الاعاقة.

جهاز الاهتزاز

وجدت الباحثة البرازيلية ماريا فلورنتينا بيسوا في طريقة هز كل الجسم على جهاز الاهتزاز (فايربيشن) بديلًا لهؤلاء عن ممارسة الرياضة. وتوصلت بيسوا إلى هذه النتيجة بعد دراسة أجرتها على عدد من المسنات اللواتي يعانين مرض السكري من النوع الثاني. 

الطريقة ليست جديدة على الطب، إلا أن بيسوا وفريق عملها نجحوا في إثبات هز الجسم كبديل عن الرياضة علميًا وفي المختبر. ونُشرت الدراسة في مجلة "البحوث التطبيقية لإعادة التأهيل"، وفي مجلة "الطبيب الألماني".

تعتبر الرياضة وبرمجة التغذية من أهم ركائز العلاج الحديث للسكري والبدانة، ومن أهم وسائل السيطرة على مستويات السكر في الدم. ويمكن هذان العاملان أن يوقفا تقدم مرض السكري النوع الثاني قبل حصوله في 50 في المئة من المرضى، بحسب الإحصائيات الدولية.

بديل عن الرياضة

تنصح جمعية السكري الأميركية مرضى السكري من النوع الثاني بممارسة الرياضة الشديدة بانتظام بمعدل 75 دقيقة في الأسبوع، أو ممارسة الأيروبيكس المتوسط الشدة بمعدل 150 دقيقة في الأسبوع.
إلا أن هذا غير متاح لكافة مرضى السكري من النوع الثاني، ويمكن ممارسة الرياضة عند بعضهم أن تفاقم أمراضهم الأخرى مثل الروماتيزم وعجز القلب وآلام المفاصل والعمود الفقري.

الباحثة البرازيلية بيسوا جربت الاهتزاز على "منصة هز كل الجسم" للتعويض عن الرياضة. واستخدمت منصة خاصة صُنعت لهذا الغرض وتهز كافة الجسم أو كل جزء على حدة بحسب الحاجة.

يقود الهز إلى نفس النتائج التي يُحدثها الايروبيكس، لأنه يؤدي إلى تقلص وانقباض عضلات معينة كردة فعل على اهتزازات الجهاز. المهم في هز الجسم على المنصة أنه لا يسلط ضغطًا على مفاصل العظام، ولا يتسبب بزيادة آلام المرضى.

تجارب ونتائج

أجرت بيسوا وفريق عملها التجارب على 14 مريضة مسنة بالسكري، وقارن النتائج بـ15 إمرأة من نفس السن لا يعانين مرض السكري من النوع الثاني. كان معدل أعمار النساء 66,6 عامًا، وحرص فريق العمل على أن تمارس كافة النساء الاهتزاز على المنصة وهن بوضع ثابت.

تقف المرأة على الجهاز بقدمين تفصلهما مسافة 20 سنتمترًا، وتثبت نفسها بمقبض على المنصة. ويستمر العلاج فترة 15 دقيقة فقط، ويتألف من 10 وحدات هز أمد كل منهما دقيقتان، وتفصل بين الوحدات فترات استراحة تبلغ 30 ثانية.

كان التمرين متوسط الشدة بالنسبة إلى المشاركات، إرتفع نبض القلب خلاله بوضوح إلى137 نبضة في مجموعة المقارنة (غير المصابات بالسكري) وإلى 130 نبضة بين نساء مجموعة السكريات.

بلغ مستوى الغلوكوز في دماء النساء في مجموعة المقارنة 97,5 مغم/دل قبل الاهتزاز، وإنخفض إلى 84,5 بعد تمارين الاهتزاز. وكان معدل الغلوكوز في دماء مجموعة المريضات بالسكري من النوع الثاني يبلغ 125,5 مغم/دل قبل الاهتزاز، وإنخفض إلى 92,5 مغم/دل بعد التمارين.

هكذا، كانت إستفادة النساء في مجموعة المريضات أفضل كثيرًا من مجموعة المقارنة. كما كان مستوى اللاكتوز في دماء المجموعتين مرتفعًا، وهو دليل علمي على نشاط العضلات بفعل الاهتزاز.

الأفضلية للاهتزاز

توصل فريق العمل البرازيلي إلى حقيقة مفادها أنه إذا كانت التمارين الاهتزازية البسيطة مدة ربع ساعة تؤدي إلى خفض معدل الغلوكوز في الدم بهذه الصورة، فممارسة التمارين بشكل منتظم ودوري فترة طويلة يسهم في الحفاظ على معدل منخفض للسكري في الدم.

كما أن قلة القوة المسلطة على المفاصل والعظام، مقارنة بالرياضة الاعتيادية والأيربوبيكس، يمنح للإهتزاز أفضلية أخرى على الأساليب التقليدية المستخدمة حتى الآن في معالجة مرضى السكري من النوع الثاني.

الجدير بالذكر أن للرياضة تأثيرا كبيرا في مريض السكري من نواحٍ عدة، خصوصًا في طور ما قبل السكري، أي قبل ظهور أعراض المرض الصريحة. فالرياضة ترفع حساسية خلايا الجسم للإنسولين، وبالتالي تخفف من مقاومة الإنسولين الموجودة لدى مرضى السكري من النوع الثاني.

كما تساعد الرياضة في الوقاية من أمراض القلب الاكليلية التي تشكل إحدى مضاعفات مرض السكري. وتساعد في حرق السكر والحفاظ على نسبة جلوكوز منخفضة، وهذا يشكل أحد أساليب علاج مرض السكري من النوع الأول.