ثماني سنوات تفصل ما بين قضيتي الجاسوستين الروسيتين الحسناوتين اللتين اعتقلتا في الولايات المتحدة، في السنوات الأخيرة، وهما آنا تشابمان التي كان اُفرج عنها يوم 8 يوليو 2010 في إطار صفقة تبادل جواسيس، وماريا بوتينا التي اعتقلت يوم 13 يوليو 2018.

وجاء اعتقال ماريا بوتينا، التي سارعت مصادر روسية إلى نفي علاقتها عن طريق القرابة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتشابه الأسماء، قبل قمة هلسنكي التي جمعت الرئيسين الأميركي والروسي التي حققت خطوة إيجابية في تلطيف الأجواء بين البلدين الكبيرين المتصارعين منذ نهايات الحرب العالمية الثانية. 

وقد اتهمت السلطات القضائية الأميركية بوتينا ( 29 عاماً) بالتآمر للعمل كجاسوسة للحكومة الروسية عبر التسلل إلى مجموعات سياسية. وبحسب تقارير وسائل الإعلام الأميركية، فقد طورت بوتينا علاقات مع الحزب الجمهوري وأصبحت محامية مدافعة عن حق امتلاك السلاح.

علاقات شخصية

وقال الموظف الخاص في مكتب التحقيقات الفدرالي كيفين هيلسون "إن مهمة بوتينا كانت استغلال العلاقات الشخصية مع السياسيين الأميركيين الذين لهم تأثير في السياسة الأميركية في محاولة منها لدفع مصالح الاتحاد الروسي".

وأشار هيلسون إلى أن بوتينا فعلت ذلك دون تسجيل أنشطتها مع حكومة الولايات المتحدة، كما يجب بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب على حد قول المدّعين العامين.

امتلاك الأسلحة

وسعت بوتينا إلى تعزيز العلاقات مع "منظمة تروج لحق امتلاك السلاح" حسب ما أعلنت وزارة العدل الأمريكية، دون تسمية أي مجموعة أو اسم أي سياسي. ووفقاً للوزارة، كانت بوتينا تحاول "إنشاء قناة خلفية لممثلي حكومة روسيا".

وأبلغت بوتينا مسؤوليها في الحكومة الروسية عن تقدمها باستخدام رسائل تويتر مباشرة من بين وسائل أخرى عديدة، بحسب ما جاء في الشكوى ضدها. وكانت إحدى الردود من قبل المسؤول الروسي إلى بوتينا تقول: "لقد صعد نجمك السياسي في السماء، والآن من المهم أن نصل إلى قمة الأفق ولا نحترق قبل الأوان".

وفرضت الولايات المتحدة مؤخرا عقوبات على المسؤول الروسي الذي لم يُكشف عن اسمه.

سيبيريا

وكانت بوتينا، التي تعود أصولها لسيبيريا سافرت إلى الولايات المتحدة بتأشيرة دراسة في الجامعة الأميركية. وحسب الشكوى فإنها كانت تعمل في الحقيقة سراً لصالح الحكومة الروسية.

وكانت وسائل الإعلام الأميركية قد ذكرت في وقت سابق، أنها على علاقة وطيدة مع الجمعية الوطنية للبنادق، وهي أقوى جماعة ضغط في الولايات المتحدة.

وذكرت صحيفة (واشنطن بوست) أنها أصبحت مساعداً للمصرفي الروسي وعضو مجلس (الدوما) السابق ألكسندر تورشين الذي فرضت عليه عقوبات من قبل وزارة الخزانة الأميركية في أبريل 2018.

وكان تورشين، وهو عضو دائم في الجمعية الوطنية للبنادق وبوتينا قد حضرا مناسبات الجمعية عام 2014.

كما شاركت بوتينا في حملات ترمب الانتخابية مراراً، وسألته عن وجهة نظره حول العلاقات الخارجية مع روسيا. في حين كان رد ترمب أنه يمكن أن يتماشى مع بوتين حسب صحيفة واشنطن بوست.

آنا تشابمان

أما بالنسبة لآنا تشابمان التي تبلغ من العمر الآن 36 عامان فهي كانت اعترفت بعملها لحساب شبكة تجسس تابعة للمخابرات الروسية، وقد تم القبض عليها مع تسعة أشخاص آخرون يوم 27 يونيو 2010.

وقد أعيدت تشابمان إلى روسيا يوم 8 يوليو 2010 في إطار صفقة تبادل جواسيس، هي الأكبر من نوعها منذ نهاية الحرب الباردة، وكان والد تشابمان المولودة في فولغوغراد يعمل في السفارة السوفيتية في نيروبي ( كينيا).

ووفقا لزوجها البريطاني السابق أليكس تشابمان، فإن والدها فاسيلي كوشيتشينكو كان مسؤول كبير في الاستخبارات السوفييتية على الرغم من ان هذا ليس له مصدر تاكيد.

كما أن آنا تشابمان كوشيتشينكو حاصلة على درجة الماجستير في الاقتصاد مع مرتبة الشرف من الدرجة الأولى من جامعة موسكو، ووفقا لمصادر أخرى قالت انها حصلت على شهادتها من الجامعة الروسية لصداقة الشعوب.

شركات

وكانت تشابمان انتقلت إلى لندن في عام 2003 أو 2004، وعملت في نت جتس، باركليز، وزعمت أنها عملت في عدد قليل من الشركات الأخرى لفترات وجيزة، وكانت التقت طليقها أليكس تشابمان في حفلة في لندن في عام 2001 وتزوجا بعد ذلك بوقت قصير في موسكو، ونتيجة لذلك اكتسبت الجنسيتين الروسية و البريطانية، وحصلت على جواز سفر بريطاني.

وكانت التحقيقات الأميركية كشفت أن تشابمان أقامت على بعد مبنى واحد من شارع وول ستريت في مانهاتن (نيويورك)، .وكانت عرّفت نفسها فى حسابها الخاص على موقع (لينكد) أنها الرئيس التنفيذى لشركة بيع عقارات دولية.

وكان زوجها السابق أليكس قال إن آنا قالت له أن الشركة كانت تعانى من المديونية في أول عامين، ثم فجأة في عام 2009، كان لديها ما يصل إلى 50 موظفا ومشروع تجاري ناجح.

يذكر أنه بعد اعتقال آنا في نيويورك، استأجر اليكس الإعلامية ماكس كليفورد، وباع قصته لصحيفة (ديلي تلغراف) اللندنية.

مواقع عمل

وإلى ذلك، فإنه بعد الإفراج عن آنا تشابمان، وعودتها إلى موسكو في إطار صفقة الافراج المتبادل عن الجواسيس بين أميركا وروسيا، فإنه تم في أواخر ديسمبر عام 2010 تعيينها في المجلس العام للشباب في حزب روسيا المتحدة الذي قال إنها "سوف تشارك في تثقيف الشباب".

في 21 يناير 2011، بدأت تشابمان تقديم برنامج تلفزيوني أسبوعي في روسيا يسمى أسرار العالم لواحدة من أكبر القنوات التلفزيونية الخاصة في روسيا وهي رين تى في. وفي يونيو عام 2011، أصبحت آنا رئيس تحرير مجلة أخبار تجارية، وفقا لبلومبرغ نيوز.

وكانت وكالة (إنترفاكس) الروسية للانباء، ذكرت أن تشابمان كانت عملن في أكتوبر 2010، مستشارة في قضايا الاستثمار والابتكار لرئيس بنك فوندسيرفرس، وهو بنك موسكو الذي يعالج المدفوعات نيابة عن مؤسسات تابعة للدولة والقطاع الخاص في صناعة الطيران الروسية.

وفي أبريل 2011 ظهرت تشابمان كموديل في أسبوع الموضة في موسكو، وفي يونيو 2012 كانت تشابمان موديل مرة أخرى في تركيا، وفي 3 يوليو 2013 حصلت تشابمان على اهتمام وسائل الاعلام عندما غردت عبر تويتر، وطلبت من إدوارد سنودن أن يتزوجها.