ما مدى أهمية سنّ قانون ينظم زراعة الحشيشة وتجارتها لأغراض طبية بالنسبة إلى نمو إقتصاد لبنان، وهل يشكل ركيزة اقتصادية مهمة تدعم إقتصاده وتساهم في نموه؟.

إيلاف من بيروت: لبنان اليوم أمام مناقشة مشروع سنّ قانون ينظّم زراعة الحشيشة وتجارتها لأغراض طبية، فهل التشريع إذا ما تمّ، يشكّل فعلًا ركيزة اقتصادية تدعم الاقتصاد الوطني وتساهم في النمو؟.

يؤكد الخبير الإقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة في حديثه لـ"إيلاف" أن تحديد رقم استفادة الدولة اللبنانية من تشريع الحشيشة لأغراض طبية يبقى صعبًا، وما هو معروف أن القطاع اليوم من دون تشريع وبشكله غير القانوني يؤمّن بين نصف مليار ومليار دولار، وهناك عوامل عدة تلعب دورها في هذا الخصوص، منها المساحات المسموحة للزرع، وكذلك الأسواق التي ستغطيها زراعة الحشيشة، ومن المفروض أن تكون كلها للتصدير، وما هي الأسواق المقترحة، ولا ننسى كلفة النقل، وهناك أمر مهم يتعلق بما هي الصناعات التحويلية التي تدور حول زراعة الحشيشة في لبنان. وفي جميع الأحوال تبقى العملية مبهمة من دون إطار قانوني واضح.

يتابع عجاقة "من المتوقع أن يكون هناك تهرب من الضريبة، وألا يعلن عنها، ولن نجني كل المداخيل بسبب التهرب الضريبي".

قطاعات مستفيدة
وردًا على سؤال أي قطاعات إقتصادية ستستفيد الأكثر من تشريع زراعة الحشيشة وتجارتها في لبنان لأغراض طبية؟. يجيب عجاقة إننا لا نعرف إن كان التصنيع سيكون في لبنان أم لا. فإذا جرى الأمر في لبنان، هناك إمكانية لتشغيل شركات أدوية مهمة بشكل أساسي وستسفيد، من خلال تغطية السوق المحلية من بيع الحشيشة. أما إذا كان التصدير هو سيد الموقف، فهنا عدد القطاعات التي ستسفيد ستكون محصورة في القطاع الزراعي فقط، وكذلك قطاع النقل.

الإنماء أولًا
ولدى سؤاله "هل أنت شخصيًا مع تشريع زراعة الحشيشة في لبنان أم كان يمكن للبنان أن يستفيد من خلال إيجاد مخرج آخر لتأمين إيرادات لخزينة الدولة اللبنانية؟"، يجيب عجاقة أنه "ضد تشريع الحشيشة في لبنان، وهناك نقاط يجب أن نأخذها في عين الإعتبار في هذا الخصوص. النقطة الأولى تتعلق بتشريع الحشيشة من أجل أهل بعلبك والهرمل والبقاع، وهؤلاء يعيشون في حالة فقر كبيرة، ينقصهم الكثير، وعندما نشرّع لهم زراعة الحشيشة، فيجب أن نتوقع عندما يبدأون بزراعة الحشيشة أن تتوافر الأموال في ما بعد لديهم، لكن المشكلة أنه لا نفع أن يكون لديهم الأموال، وهم في شبه صحراء، لا توجد فيها خدمات ولا بنى تحتية، من هنا هناك ضرورة لإيجاد إنماء في البقاع وبعلبك الهرمل في موازاة تشريع الحشيشة فيها.

ويجب أن نحصل على رزمة من المشاريع الإنمائية تضاف إلى تشريع زراعة الحشيشة في منطقة البقاع، ومن بينها الإنماء بما للكلمة من معنى من خلال تحسين الطرق، وكذلك الانترنت، والخدمات، وتأمين التحفيزات كي يتشجع الجميع لإنشاء الشركات في منطقة البقاع والهرمل وبعلبك. ويبقى السؤال ما هي التحفيزات التي تقدمها الدولة اللبنانية من أجل تشجيع الشركات لتفتح في هذه المنطقة؟، من هنا يبقى من الضروري إنشاء مناطق صناعية في البقاع والهرمل وبعلبك، قبل حتى التفكير في تشريع الحشيشة فيها.

محو الأمية

هذه المناطق الصناعية يجب أن تكون موازية لما تم في الماضي في طرابلس، وعندما نقول مدينة صناعية نقصد بها تحفيز الجميع والشركات لكي تفتح في المنطقة، وهي تبقى جزءًا من الإنماء المطلوب فعليًا في موازاة تشريع الحشيشة في منطقة البقاع والهرمل وبعلبك.

يضيف عجاقة "ليست منطقية فقط محاربة الفقر في البقاع من خلال تشريع الحشيشة ومن دون القيام بخطوات أخرى إنمائية، ويجب التأكد من محو الأمية أيضًا في المنطقة، وأن المدارس مؤمّنة فيها"، وكذلك لا يعتقد عجاقة أن "كل الأراضي سيتم تشريعها لزراعة الحشيشة، وما تبقى من أراض يمكن زراعتها بالقمح، وهي من الزراعات التقليدية التي تدرّ أموالًا أيضًا لخزينة الدولة اللبنانية".