إيلاف من لندن: في وقت اتخذت فيه السلطات العراقية اليوم اجراءات امنية مشددة في العاصمة ومحافظات الجنوب استباقا لانطلاق تظاهرات الاحتجاج في اسبوعها الثالث فقد وجه المرجع الشيعي الاعلى السيستاني تحذيرا للحكومة بتصعيد الاحتجاجات في حال عدم تنفيذ مطالب المواطنين ودعا الى التعجيل بتشكيل الحكومة برئيس قوي قادر على محاربة الفساد مقدما مقترحات الى مجلسي الوزراء والنواب المقبلين. 

وشدد الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني خلال خطبة الجمعة التي القاها بمدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) وتابعتها "إيلاف" على انه في حال تنصل الحكومة عن القيام بما تعهدت به من اصلاحات فأنه لن يبقى أمام الشعب الا تطوير اساليبه الاحتجاجية السلمية لفرض ارادته على المسؤولين مدعوما بذلك من كل القوى الخيرة في البلد.

تحذير الحكومة من الاسوأ

وحذر المعتمد الشيعي من انه عند ذلك "سيكون للمشهد وجه اخر مختلف عما هو اليوم عليه ولكن نتمنى ان لاتدعو الحاجة لذلك وأن يقوم من هم في مواقع المسؤولية بتدارك الامر قبل فوات الاوان " في اشارة الى امكانية تصعيد الاحتجاجات ربما الى عصيان مدني او انتفاضة شعبية كما ينذر ناشطو الاحتجاجات ايضا.

وأكد ممثل المرجعية الدينية ضرورة العمل في مسارين : الاول ان تحقق الحكومة الحالية ما يمكن تحقيقه.. والثاني تشكيل الحكومة الجديدة بأسرع وقت ممكن.واكد اهمية اسراع الحكومة "بتحقيق ما يمكن تحقيقه بصورة عاجلة من مطالب المواطنين" لتخفف بذلك من معاناتهم.. وطالب بالاسراع بتشكيل الحكومة الجديدة في اقرب وقت ممكن على اسس صحيحة من كفاءات فاعلة ونزيهة ويتحمل فيها رئيسها كامل المسؤولية عن اداء حكومته ويكون حازما وقويا ويتسم بالكفاءة والعزم على مكافحة الفساد.

المسؤولون اوصلوا البلاد لحالة مأساوية

واشار الكربلائي الى ان المرجعية ظلت على مدى السنوات الماضية تقدم نصائحها الى كبار المسؤولين في الدولة رغبة منها بتفادي الوصول الى ما قالت انها "المرحلة الماساوية الراهنة".

وقال ان البلاد تشهد ازمات كثيرة وكانت المرجعية تقدر منذ مدة ما يمكن أن تؤول اليه الامور فيما اذا لم يتم اتخاذ خطوات حقيقية وجادة في سبيل الاصلاح وانهاء الفساد وقامت على مر السنوات الماضية بما يمليه عليها الموقع المعني من نصح المسؤولين والمواطنين من تفادي الوصول الى الحالة المأساوية الراهنة.

واضاف ان المرجعية طالما دعت المسؤولين بأن يعوا حجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم وينبذوا الخلافات المصطنعة التي ليس ورائها غير المصالح الفئوية والشخصية ويجعوا كلمتهم على ادارة البلد لتحقيق التقدم لشعبهم ويراعوا العدالة في منح الرواتب والمخصصات ويعملوا للاصلاح ويمتنعوا عن حماية الفاسدين من احزابهم واصحابهم كما حذرتهم قبل سنوات بأن الذين يمانعون الاصلاح عليهم ان يعوا ان الاصلاح ضرورة لا محيص منها واذا خفت المظاهرات مجة فانها ستعود بوقت آخر باوسع واقوى بكثير ولات حين مندم.

نصائح للمواطنين بانتخاب الاكفأ 

واوضح انها نصحت المواطنين كلما حل موعد الانتخابات النيابية والمحلية "بان الاصلاح والتغيير نحو الافضل الذي هو مطلب الجميع وحاجة ماسة للبلد لن يتحقق الا على أيديكم فاذا لم تعملوا له بصورة صحيحة فانه لن يحصل وعيهم اننخاء الكفوء الاصلح الحريص على مصالح الشعب العليا والمستعد للتضحية في سبيله".

وقال انه لتحقيق هذا الغرض فأن المرجعية قد طالبت بان يكون القانون الانتخابي عادلا يرعى حرمة أصوات الناخبين ولا يسمحوا بالإلتفاف عليها وان تكون المفوضية العليا للانتخابات مستقلة كما قرره الدستور ولا تخضع للمحاصصة الحزبية وحذرت من ان عدم توفير هذين الشرطين سيؤدي الى يأس معظم المواطنين من العملية الانتخابية وعزوفهم عن المشاركة فيها. واضاف "لكن مثلما يعلم الجميع لم تجر الامور كما تمنتها المرجعية وسعت إليها واستمرت معاناة معظم المواطنين بل أزداد بسبب نقص الخدمات وانتشار البطالة وتراجع القطعين الزراعي والصناعي بصورة غير مسبوقة وكل ذلك نتيجة طبيعية لاستشراء الفساد المالي والاداري في مختلف مرافق الدولة ومؤسساتها والابتعاد عن الضوابط المهنية في تسييرها وادارتها".

رفض الاعتداءات على المتظاهرين

ونوه الشيخ الكربلائي الى انه "اليوم بعد كل ما وقع في الأسابيع الماضية من اعتدادات مرفوضة ومدان على المتظاهريين السلميين والقوات الامنية والممتلكات العامة والخاصة وانجرارها للاسف الشدجيد الى اصطدامات دامية خلفت عددا كبيرا من الضحايا والجرحى فان من الضروري العمل في مسارين:

الأول: أن تجد الحكومة الحالية في تجقيق ما يمكن تحقيقه بصورة عاجلة من مطالب المواطنين وتخفف بذلك من معاناتهم وشقائهم.. 

الثاني: ان تتشكل الحكومة المقبلة في اقرب وقت ممكن على اسس صحيحة من كفاءات فاعلة ونزيهة ويتحمل رئيس مجلس الوزراء فيها كامل المسؤولية عن أداء حكومته ويكون حازما وقوياً ويتسم بالشجاعة الكافية في مكافحة الفساد المالي والاداري الذي هو الاساس في معظم ما يعاني منه البلد من سوء الاوضاع ويعتبر ذلك واجبه الاول ومهتمه الاساسية ويشن حربا لا هوادة فيها على الفاسدين وحمايتهم وتتعهد حكومته بالعمل في ذلك وفق برنامج معد على اسس علمية يتضمن اتخاذ خطوات فاعلة ومدروسة منها:

المطلوب من الحكومة الجديدة

.. تبني مقترحات لمشاريع قوانين ترفع الى مجلس النواب تتضمن إلغاء او تعديل القوانين النافذي التي تمنح حقوقا ومزايا لفئات معينة يتنافى منحه مع رعاية التساوي والعدالة بين ابناء الشعب.

.. تقديم مشاريع قوانين الى مجلس النواب بغرض سد الثغرات القانونية التي تستغل من قبل الفاسدين لتحقيق اغراضهم ومنح هيئة النزاهة والسلطات الرقابية الاخرى اختيارات اوسع في مكافحة الفساد والوقوف بوجه الفاسدين.

.. تطبيق ضوابط صارمة في اختيار الوزراء وسائر التعيينات الحكومية ولاسيما للمناصب العليا والدرجحات الخاصة بحيث يمنع عنها غير ذوي الاختصاص والمتهمون بالفساد ومن يمارسون التمييز بين المواطنين بحسب انتمائتهم المذهبية او السياسية اومن يستغلون المواقع الحكومية لصالح نفسهم او لاقربائهم او احزائهم ونحو ذلك.

..الايعاز الى ديوان الرقابة المالية بضرورة انهاء التدقيق في الحسابات الختامية للميزانيات العامة في السنوات الماضية وجميع العقود والنخصيصات المالية للاعوام السابق على مستوى كل وزارة ومحافظة وذرورة الاعلان عن نتائج التدقيق بشافية عالية لكشف المتلاعبين بالاموال العامة والمستحوذين عليها تميهدا لمحاسبة المقصرين وتقديم الفاسدين للعدالة". 

تدارك الوضع قبل فوات الآوان

ودعا مجلس النواب الجديد الى ان يتعاطى بجدية مع جميع الخطوات الاصلاحية ويقر القوانين اللازمة لذلك، وان تنصلت الحكومة عن العمل بما تتعهد به او تعطل الأمر في مجلس النواب او لدى السلطة القضائية فلا يبقى أمام الشعب الا تطوير أساليبه الاحتجاجية السلمية لفرض إرادته على المسؤولين مدعوماً من ذلك من قبل كل القوى الخيرة في البلد وعنئذ سيكون للمشهد وجه آخر مختلف عما هو اليوم عليه"
.
وقال معنمد المرجعية الشيعية العليا في الختام "نتمنى ان لا تدعو الحاجة الى ذلك ويغلب العقل والمنطق ومصلحة البلد عن من هم في مواقع المسؤولية وبيدهم القرار ليتداركوا الأمر قبل فوات الآوان".

يأتي ذلك في وقت تنطلق مساء اليوم احتجاجات جديدة في مناطق وسط وجنوب البلاد للمطالبة بالخدمات، وتوفير المياه الصالحة للشرب والتيار الكهربائي وفرص العمل، وإنهاء الفقر والفساد الذي يضرب مؤسسات الدولة في وقت اسفرت امواجهات القوات الامنية للتظاهرات لحد الان عن 18 قتيلاً وأكثر من 600 جريح وحالي 1200 معتقل اطلق معظمهم خلال الايام الثلاثة الماضية.