ازالة التعديات على ممتلكات الدولة على طريق القاهرة ـ الاسكندرية

مبارك أوقف خطة بيع كل البنوك والسكة الحديد ومرافق الدولة. وصراع اعلامي حول مؤتمر الحزب الحاكم

القاهرة - حسنين كروم

كانت الأخبار والموضوعات الرئيسية في الصحف المصرية الصادرة امس عن وصول الرئيس مبارك الى العاصمة الفرنسية باريس، لإجراء محادثات مع رئيسها نيكولا ساركوزي، وافتتاح السيدة سوزان مبارك، احتفال مكتبة الإسكندرية بتدشين موقع - ذاكرة مصر - واستمرار الصحف الحكومية في تخصيص مساحات واسعة لتغطية مؤتمرات الحزب الوطني الحاكم استعدادا لمؤتمره السنوي يوم السبت وقيام الشرطة في القاهرة بإلقاء القبض على المئات الذين يتحرشون في الشوارع بالبنات والسيدات، وكان كاريكاتير زميلنا بـ'الوفد' عمرو عكاشة عن التحرش، وكان عن شاب يجري وراء فتاة، وهي تصرخ وتطلب النجدة من شرطي يحرس كرسي الحكم، وتقول له: - الحقني بيتحرش بيا.
فرد عليها- طالما مش هييجي جنب ده ماليش دعوة.
وإحالة المدرس الذي ضرب تلميذا بالابتدائي وتسبب في وفاته الى محكمة الجنايات والقبض على مدرس آخر ضرب بيد المقشة خمسة عشر تلميذا بسبب الضجة التي أحدثوها.
كما واصلت الشرطة والأجهزة المعنية إزالة التعديات على أملاك الدولة على جانبي طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي، وفي محافظة حلوان.
وقبل البدء في عرض بعض مما عندنا، أشير إلى أن صديقنا وزميلنا والكاتب الساخر عاصم حنفي اتصل بي هاتفيا واشتكى من أنه لا يظهر في موقع 'القدس العربي'، إلا مقدمة التقرير فقط.
كما اتصل من مدينة الرياض بالسعودية مرات زميل صحافي بجريدة 'الرياض' قال انه صاحب ما نشر عن جريدة المصريين الالكترونية وليس موقع 'العربية نت' ولا زميلنا فراج إسماعيل، وحكى لي رواية طويلة، وطلب أن يرسل لي الموضوع، للإشارة إليه طالما فتحت المعركة في المعركة، فاعتذرت له، بأنني لا أريد الخوض مرة أخرى في هذا الموضوع الذي سيسحبني بعيدا عن موضوعنا الأصلي، بالإضافة إلى انني لا أتابع النت، ولا وقت لدي لذلك، ولست مستعدا لدخول معارك بسبب ما ينشر فيها وطلبت منه أن يرسل ما عنده لرئيس التحرير عبدالباري عطوان، ولكنه أصر على ارسالها إليَّ للإطلاع عليها ولأنه يود الإشارة إلى الواقعة والتصحيح في التقرير، ولم يستطع ان يرسل ما أراد بواسطة فاكس المكتب ولا في منزلي مساء أول أمس، بسبب ارتباك في الخطوط.
كما أرسل مشكورا صديقنا شاعر الإخوان وناقدهم الأدبي، خفيف الظل واستاذ الأدب العربي بجامعة عين شمس، الدكتور جابر قميحة عرضا مطولا، يؤكد فيه أن خالد الذكر هو الذي دبر محاولة اغتياله في السادس والعشرين من شهر تشرين الاول/أكتوبر سنة 1954 ليتخذها مبررا لضرب الإخوان، وطلب النشر، فوعدته خيرا، ولكني نبهته إلى أنه سبق وأشار إلى بعض ما في رسالته، من سنوات في مقال له بجريدة 'آفاق عربية'، وأنه الذي سيتحمل مسؤولية ردي عليه، لأنه الذي طلب المبارزة، ونصحته بالتراجع، فرفض، ولذلك، كان صديقنا خفيف الظل سيتحمل نتائج المبارزة التاريخية حول هذه الواقعة.

هجوم ضد صحف المعارضة
لتقليلها من انجازات الحزب الوطني

ونبدأ بالحزب الوطني ومعاركه وما يتعرض له من هجمات، وما يرد به من دفاع، ففي جريدة 'نهضة مصر' اليومية المستقلة يوم الثلاثاء قال زميلنا نبيل رشوان في عموده - على الهامش - 'طوال الأسابيع الماضية تخرج علينا صحف المعارضة بحملات للهجوم على قيادات الوطني صفوت الشريف وجمال مبارك والحرس القديم والحرس الجديد وترد قيادات في الوطني بهجوم مماثل على كل رجال المعارضة، دون أن نرصد قضية واحدة محورية تهم الناس ونختلف عليها معارضة وأغلبية، لم نتحدث عن النظام الانتخابي الأمثل ولم نتناقش حول الأزمة المالية العالمية وتأثيراتها علينا ولم ندخل في مشروعات القوانين الجماهيرية التي يجري الإعلان عنها منذ سنوات التأمين الصحي نقل الأعضاء المحليات الإسكان قضايا النشر، وغيرها من القوانين.
ولم نتحاور حول مواجهة الأمية والبطالة والمرض، وزيادة السكان بعيدا عن الشعارات التي هي السمة الوحيدة في معالجة هذه القضايا منذ سنوات، كل قضايانا نتعامل معها بانفعال وبصورة ذاتية وبعيدا عن العقل والموضوعية حتى أصبحت الحياة الحزبية في عزلة عن الناس والشارع والممارسة اليومية'.
ونظل مع الحزب الوطني ومهاجمة قياداته، خاصة صديقنا الأمين العام صفوت الشريف، ففي 'المصري اليوم' يوم الثلاثاء، قام زميلنا بـ 'الأهرام' نبيل شرف الدين باتهام الحزب بالدخول في منافسة مع الإخوان المسلمين على بناء المساجد، بدلا من المدارس والمستشفيات بقوله: 'وللإنصاف فإن منهج المزايدة على الإخوان بالإغراق في 'أسلمة' العمل السياسي، وتؤكده عدة مظاهر، فيرفع الإخوان شعارات دينية في الدعاية الانتخابية، ليزايد عليهم مرشحو الوطني بلافتات مماثلة، كما يستعين الحزب بدوائر أمنية لدعم السلفيين في مواجهة الإخوان ويجعل بناء المساجد والزوايا في صدارة أنشطته وهذه على - حد علمي - ليست مهمة الأحزاب السياسية ثم يتنطع بعض نواب 'الوطني' ضد وزير الثقافة إبان أزمة الحجاب الشهيرة بينما بدا حينها نواب 'الإخوان' أكثر حذرا وأقل تشنجا.
وهكذا أصبح، بحمد الله، لدينا صنفان من الإخوان: 'المحظورون والوطنيون' إخوان عاكف وإخوان الشريف، وهؤلاء الأخيرون أظنهم أشد خطورة ليس فقط لأنهم يحكمون بل لأنهم يحرثون الأرض أمامهم ويمهدون لهم الطريق بالمزايدات والانتهازية والسلوك الذي تكتنفه الشبهات'.

اتهام صفوت الشريف بالتناحة
وبمناصرة جمال مبارك على أحمد عز

وهكذا، نبيل بنبيل والبادي منهما هو الأظلم، وعلى طريقة التشابه في الأسماء، فقد شن صاحبنا اليساري إبراهيم السايح في 'البديل' هجوما عنيفا ضد صفوت الشريف في نفس اليوم ردا على تصريحاته، فقال: 'من أين تأتون بكلام المؤتمر العام القادم يا أستاذ صفوت؟ لقد استهلكتم في السنوات الطويلة الماضية كل الكلمات والشعارات، حتى صار الناس يأنفون من استخدامها بعد أن شوهتموها وقتلتم معانيها ودلالاتها، وفي العام الحالي.
لم تسعفكم الكلمات الباقية في قاموس اللغة العربية فلم تجدوا للمؤتمر المتعوس سوى شعار أكثر تعاسة: 'الصمود والمواقف'!
ما معنى هذا الشعار الغبي يا سيادة الأمين العام؟ أي صمود وأي مواقف تقصدون؟ هل الصمود هو 'التناحة' التي تستخدمونها في مواجهة الشعب، الذي يكرهكم ويرفضكم ولكنكم تستمرون في الجلوس على قلبه بالتزوير والتدليس والبلطجة وتلفيق القوانين؟ هل الصمود يا أستاذ صفوت هو الاستماتة في الدفاع عن الفساد والطبقية والتخلف والاستبداد؟ هل الصمود يا رئيس مجلس الحكماء هو القتال ضد العدالة والحرية والمساواة وحقوق الإنسان؟ أم أنكم تقصدون صمودكم ضد قوانين الحياة واستبسالكم في قهر المرض والشيخوخة نظرا لعدم وجود مخلوقات أخرى تصلح لحكم مصر حال اعتزالكم العمل العام؟'.
هذا ما قاله إبراهيم الثاني أما إبراهيم الأول وهو زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرير 'الدستور' فكان هجومه أخف بكثير، فقال فيه: 'ماذا حدث لصفوت الشريف؟
1- الحدة، فما كان الرجل حادا جافا من قبل، فكل السنوات الماضية شهدت صفوت الشريف المحاور المناور المراوغ الذي يجرح دون أن يسيل دما، ولهذا كان الجميع يعترف بذكائه السياسي وإن كان لا يعترف بأي شيء آخر له.
2- الدفاع عن جمال مبارك بصراحة وبمباشرة وبطريقة تجعله أقرب إلى فريق جمال مبارك الإعلامي الذي يتودد للنجل، ويتمدد في النفاق، ويشتد في الخصومة ضد معارضيه ومنتقديه، لماذا يا ترى هذا التحول؟
ما الذي يدفع صفوت الشريف للتبدل والتحول إلى راكب في قطار جمال مبارك، ولا أحد في الحقل السياسي إلا ويعرف أن جماعة النجل استهدفته من اللحظة الأولى وحاولت الإطاحة به وطوقت نفوذه وضربت في تأثيره ونجح هو في وقف النزيف المستمر لمكانته عن طريق قدرات ضابط خبير في العمل السري، لكن الشاهد أن حركة ما داخل الحزب ربما تعيد بناء هرم القوى فهناك تراجع لدور أحمد عز فيحاول الشريف التأكيد على إزاحة أحمد عز ونفوذه بطمأنة جمال مبارك أنه معه بنفسه وبذكائه وتاريخه مما ينزع إبر ضرب النار عن سلاح الحرس الجديد بقيادة جمال مبارك الذي يستهدف نفوذ الشريف.
كذلك يقف وراء هذا التحول 'الذي اعتقد أنه تكتيكي'، تحسباً من الشريف لخطط وصلته عن محاولة النجل إقناع الوالد بالدكتور علي الدين هلال بديلا عن الشريف، فأراد الأخير أن يضرب هذه الخطط في مهدها، التراجع الأخير للشريف وتغير أدائه والميل الذي يظهره لمنهج جمال مبارك ورجاله، وهو منهج متغطرس على عكس الشريف، حاد عكس الشريف، عدائي وعدواني عكس الشريف كأن هذا التراجع مواجهة لخطر محدق بالرجل، ولا بأس لديه من دفع ثمن بخس لدرء الخطر.
قطعا سوف يقول السيد صفوت الشريف إن هذه السطور كلها غير حقيقية ومن بنات 'أو أولاد' خيالنا، وسيحاول أن يعطينا درسا في صلابة الحزب وقوة مؤسساته وأنه لا يوجد في الحزب حرس قديم وحرس جديد، وهو محق طبعا فالحزب ليس فيه سوى حرس شرف!!'.

مبارك يضع العقدة في منشار الخصخصة

هذا ما كتبه عيسى واستنتجه، ولم يكن هناك للف والدوران، حول بنات وأولاد الأفكار، لأن صفوت نفسه تحدث بصراحة، وألقى بعدة قنابل في منتهى الخطورة عن ايقاف بارك الله لنا فيه، خططا حكومية لبيع البنوك والسكة الحديد، والمجمعات الاستهلاكية، والمرافق وغيرها، وذلك في أخطر حديث له نشرته مجلة الإذاعة والتليفزيون، وأجراه معه رئيس تحريرها وعضو مجلس نقابة الصحافيين، زميلنا وصديقنا ياسر رزق، وهو ابن واحد من أعز أصدقائنا، بالأخبار، الراحل فتحي رزق، صفوت قال: 'اتسمت سياسة الرئيس مبارك الإصلاحية بقدر كبير من سعة الرؤية ومن الحذر الكابح للاندفاع في القرارات سواء كانت سياسية أو اقتصادية، إدارة التغيير بالنسبة له كانت لها الأولوية الأولى، كيف يدار التغيير الديمقراطي، وكان رأيه أن تحدث نقلة اقتصادية تتبعها النقلة السياسية، لماذا؟! لأنه في ظل مجتمع خرج من عدة حروب كان لا بد من تحقيق الإصلاح المعيشي والاستقرار الاجتماعي أولا، كان هذا هو الأساس، لذلك كان من البداية البعد الاجتماعي أولا، كان هذا هو الأساس، لذلك كان من البداية البعد الاجتماعي مرتبطا بالإصلاح الاقتصادي وأيضا ينعكس على توقيت الإصلاح السياسي، وعندما بدأ الرئيس ينتقل إلى مرحلة أخرى من الاستقرار الاقتصادي النسبي بدأ يسير معه الإصلاح السياسي بدرجات متفاوتة.
الرئيس كان منذ البداية متمسكا بأن يكون للدولة تواجد ويد في إدارة الاقتصاد، وفي الحفاظ على مقومات الدولة كان باستمرار يقول: 'مش ممكن أبدا أن نجلس في مقاعد المتفرجين أو أن تخصخص السكة الحديد وأن يطالب البعض بخصخصة الكهرباء ومحطات المياه' كان الرئيس له مواقف ثابتة.
وكان يؤكد على أن هذه البنية الأساسية لا بد ان تدار بمعرفة الدولة وهي ملك للشعب، أن عناصر الانتاج يجب أن تبقى في يد الحكومة وهي عناصر استهلاكية وكانت إحدى الحكومات على وشك أن تبيعها، لكن كانت للرئيس وقفة عندها وقال: 'لا بد ان تبقى اننا سوف نحتاج إليها يوما كمنافذ للتوزيع تحفظ التوازن السعري في الأسواق، ايضا كانت هناك محاولة مبكرة بالنسبة للبنوك، وقد وقف الرئيس وقال: لا بد من سيطرة البنك المركزي وأن البنوك المصرية كالبنك الأهلي وبنك مصر وغيرهما لا اقتراب منها، تمت خصخصة بنك الإسكندرية لكن بنك القاهرة تم ايقاف بيعه، كانت هناك مؤسسات انتاجية كبيرة توزع سلعا استراتيجية مثل الألومنيوم والحديد والصلب وقطاع الغزل دعا الرئيس الى تطويرها وتحديثها وقال انه لا مانع من وجود إدارة متخصصة لكن لا بد أن تبقى هذه المؤسسات مصرية وحتى عندما كان يتم خصخصة بعض الشركات وضع الرئيس 'العقدة في المنشار' عندما تمسك بوجود حصة للعمال وللنقابة والاتحادات في رأس المال، إذن كانت عين الرئيس دائما على الحفاظ على الاقتصاد الوطني وأن تكون هناك عناصر كثيرة في يد الدولة حتى لا يحدث انهيار، وثبتت صحة هذه السياسة وسلامة رؤية الرئيس هي التي أنقذت الاقتصاد المصري من سلبيات كثيرة'.
وقال صفوت عن الصحافة: 'الواضح الآن أن خريطة الصحافة المصرية متداخلة، بمعنى، الصحافة القومية أصبحت هي الصحافة المستقلة التي تتيح الرأي والرأي الآخر وتفتح أبوابها لحرية التعبير متمسكة بقيم ومواثيق الشرف الصحافي، والصحافة المستقلة تحولت إلى صحافة معارضة لا تعرف هويتها ولا تعرف ماذا تريد، ولا تعرف الأهداف غير أنها تريد دائما أن تكسب استعطاف الرأي العام أو تتاجر بمشاعر الناس، الصحافة دورها التنوير والبناء دورها كشف القصور وإعلاء قيمة المواطنة وبناء روح الأمل لدى المواطنين الصحافة المستقلة ليست صحافة أحزاب وليست صحافة معارضة ولكنها صحافة تتبنى رؤية وتتبنى فكرا وهدفا نريد تحقيقه، ولكن اختلط الحابل بالنابل وأصبح هناك تسابق على نشر الإحباط والسواد، وصحافة الفكر الليبرالي أصبحت هي نفسها التي تتفق مع الفكر الاشتراكي، والاشتراكية ليست عيبا، فالصين عدلت الاشتراكية وطورتها لكي تحقق فرص عمل وتشغيلا أكبر وانضباطا أكبر، أما صحف الأحزاب اليسارية أو التي تميل لليسار فهي التي تدعو الآن إلى الليبرالية، هناك حالة سيولة، أقول إن هناك قيما للعمل الصحافي ينبغي مراعاتها، وهناك قيم وطنية يجب أن نحافظ عليها جميعا، وهناك ثقافة لا بد أن يتم تعميقها مثل ثقافة الديمقراطية وثقافة التغيير والمشاركة والوعي، فلا نحمي خطأ ولا ندافع عن خطأ لمجرد الدفاع أنا أعتقد أنه من المهم أن نتوقف أمام تقارير المجلس الأعلى للصحافة بروية ورؤية وأن تكون نقابة الصحافيين هي الدار وهي الملجأ وهي التي تحاسب وهي التي توقف التجاوز الصحافي'.
لكن، ما لم يكن أن يصرح به صفوت، هو اسم رئيس الحكومة أو الوزراء الذين كانت لهم مشروعات لبيع كل شيء، هل هم من حكومات سبقت حكومة نظيف أم منها؟
أصبح بعض أعضائها وتقديري، أنه يقصد هذه الحكومة التي من مدة موضع شك كبير من جانب أجهزة الأمن والجيش وازدياد ارتفاع نغمة معارضتهم لسياساتها في البيع.
ثم نعود إلى الحزب ومؤتمره ومعاركه التي اشترك فيها زميلنا وصديقنا محمد الشماع رئيس تحرير مجلة 'آخر ساعة' بقوله: 'المتغيرات كثيرة والتحديات متعددة ولكن الذي لا يتغير من مؤتمر إلى مؤتمر هو موسم الهجوم الذي يبدأ قبل المؤتمر على الحزب الوطني وعلى شخص جمال مبارك وأمانة السياسات بالحزب باعتبارها الأمانة التي قادت الفكر الجديد، اتهامات من الذين لا يعملون ولا يريدون لغيرهم أن يعمل ويتطور، أصبح في مصر الآن 24 حزبا لا يستطيع المواطن أن يعد خمسة منها إلى جانب الحزب الوطني الديمقراطي!
لا توجد أي قيود على عمل هذه الأحزاب، ولم يمنعهم أحد من إقامة مؤتمراتهم العامة أو اللقاء بالجماهير بأي شكل كان ولا يوجد في 'الدستور' أو القانون ما يمنع أحدها من النمو وترسيخ وجوده واحتلال مكانة الحزب الوطني، وعلى ذلك فإنها تكتفي بالمكاسب الصغيرة والعديد منها يغرق في النزاعات الداخلية والصراع، على مسميات ومناصب لا وجود لها على أرض الواقع.
كل الأحزاب تتهم الحزب الوطني بغياب الديمقراطية بينما يتشبث المسؤولون فيها بمواقعهم، كل الأحزاب لديها صحف تصرخ كل صباح بمعارضة الإجراءات الاقتصادية والحزب الوطني وحكومته دون أن تكون لديها القدرة على التفكير أو الخطط 'البديل' ولا تقدم رؤية واضحة في أي قضية مطروحة، ليس لدى هذه الأحزاب شخصية مثل جمال مبارك تقدم العطاء الذي يقدمه من خلال موقعه في الحزب أو من خلال الجمعية الأهلية 'المستقبل' التي يرأسها والتي تغلغلت في العمل العام وقامت بتطوير العديد من المناطق العشوائية وتقديم الخدمات بالمناطق المحرومة والقرى الأكثر فقرا التي بدأ الحزب الوطني خطته لمواجهة الفقر فيها'.

'الاهرام' تدخل معركة انتخابات الحزب الحاكم

وشارك في معركة الحزب زميلنا والمحلل السياسي الكبير بـ'الأهرام' سلامة أحمد سلامة بقوله عنه يوم الثلاثاء: 'لم يسمع الرأي العام شيئا عما استقرت عليه اتجاهات الحزب الوطني في عدد من مشروعات القوانين الحيوية التي نصت التعديلات الدستورية عليها، وفي مقدمتها مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية ووضع نظام انتخابي مناسب بالقائمة أو بالفردي يكفل تمثيلا أوفى للأحزاب السياسية في البرلمان، ويسمح للمرأة وللاقباط بتمثيل متكافىء، بالإضافة إلى اسلوب إدارة العملية الانتخابية لتلافي الأخطاء التي وقعت في الانتخابات السابقة خصوصا وأن الولاية البرلمانية الحالية توشك خلال عام على النهاية إضافة الى قانون مكافحة الإرهاب وإلغاء الطوارئ وقانون إدارة المحليات الذي تأجل أكثر من مرة، وربما كان أكثر ما يثير القلق ويتلهف الناس لمعرفة إجابته هو مستقبل الرياسة ومستقبل النظام السياسي وما يرتبطه من تساؤلات تطرح أسماء وشخصيات ورموز لا يعرف أحد شيئا عن مدى كفاءتها، خصوصا أن الانتخابات الرئاسية القادمة تجرى خلال عامين.
فإذا كان لمؤتمر الحزب الوطني أن يقدم جديدا فليكن في إطار البحث عن إجابات لهذه الأسئلة، وإطلاق حوار مع القوى السياسية حولها لمناقشتها والتوافق عليها!
ومع ذلك كله، فلا يزال زميلنا محمد علي إبراهيم رئيس تحرير 'الجمهورية' وعضو مجلس الشورى بالتعيين، مصرا على الدفاع عن هكذا حزب، بقوله أمس - الأربعاء - 'الحزب الوطني هو الحزب الوحيد الذي يعلن بكل صدق أنه ليس مقدسا ولا معصوما وإنما عليه أن يكاشف الناس بالحقائق، ونحن للأسف تربينا على الخداع.
لا أحد ينظر إلى وضعه وحقيقته عندما يطالب بحقوقه، كلنا فقدنا ثقافة أداء الواجب أولا ثم المطالبة بالحق، نحن نملك قناعة راسخة أن التعليم فاشل لأن أولادنا لا يتخرجون أطباء ومهندسين ونريد أن تستوعب الجامعات الحكومية مليون طالب كل عام وبمجرد أن يتخرجوا توفر لهم الحكومة أو الدولة وظائف كما كان يحدث من قبل، ثم تقدم لهم مساكن الزوجية، المكاشفة هي حجر الأساس في خطط الحزب الوطني الإصلاحية ولذلك فالحزب يحتاج في تواصله مع الناس الى شيئين العطاء والصبر، الحزب مطالب كل فترة بتقديم كشف حساب ليس للمن أو المعايرة وانما لتتغير ثقافة الناس تدريجيا، فإذا كانت المعارضة تركز على كارثة الدويقة مثلا وهي بشعة بكل المقاييس فعلى الحزب أن يوضح ما تم لاحتوائها'.
طبعا، طبعا، هذا حزب ليس معصوما من الخطأ، كما أنه ليس حزب شعارات، لأنه يعبر عن مرحلة لا شعارات فيها كما كان في رحلة خالد الذكر، وانما حزب انجازات وأعمال فقط.
لكن الواقع غير ما حاول محمد إبراهيم أن يقنعنا به، وهو كما جاء في كاريكاتير زميلنا بـ'الأهالي' إبراهيم حنيطر، عن مؤلف شعارات الحزب، وكان يضع فوق رأسه حلة طبيخ ويحمل يافطتين الأولى فيها شعار: - احنا وبس والباقي هس. والثانية فيها شعار: - هنكيد العزال، بلدنا بتتقدم بينا.

رئيس الوزراء يكشف ضغوطا خارجية على مصر

وإلى المعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه، وعلى سبيل المثال وجدنا يوم الثلاثاء الوزير الأسبق وأستاذ الجامعة الدكتور علي السلمي، يهاجم في 'الوفد' حديث رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف الذي أجرته معه هيئة تحرير 'الأهرام'، ومما قاله السلمي ردا على نظيف: 'يواصل د. نظيف اعترافاته المهمة ويصرح بأن 'هناك ضغوطا خارجية تمارس على مصر' قائلا الضغوط دائما موجودة ولا احد ينكر ذلك، ولن نضحك على أنفسنا ويستدرك ولكننا دائما نعمل ما في صالحنا ويستشهد على ذلك بالرئيس حين يقول والرئيس مبارك يؤكد هذه الحقيقة! ويفجر رئيس الوزراء قنبلة حين يقول 'صحيح أنه يمكن أن تكون هناك 'نصيحة' ولا نجد حرجا في أن نأخذ بها ما دامت تحقق مصلحتنا! ولم يوضح رئيس الوزراء الفرق بين الضغط والنصيحة ومن الذي يقدر ما إذا كان ما تتعرض له مصر في موقف معين هو ضغوط أم نصائح، ومن حقنا أن نسأل رئيس الوزراء هل كانت معارضة مصر لموقف حزب الله في حربه ضد إسرائيل عام 2006 نتيجة ضغوط تمت ممارستها عليها أم كانت استجابة لنصيحة؟ وهل قرار إعادة تعيين سفير لمصر في بغداد - رغم تردي الأوضاع الأمنية وبغض النظر عن تجربتها الأليمة في مقتل السفير الشهيد ايهاب الشريف، كان استجابة لضغوط أم نصائح؟ وهل كانت الحكومة واقعة تحت ضغوط أم كانت تتلقى نصائح حين اتخذت موقفها المناصر لمشروع أجريوم في رأس البر والحل الذي التفت به على معارضة أهل دمياط ونجحت في تمريره؟ وهل الموقف المصري السلبي تجاه إيران وحركة حماس وسورية هو نتيجة ضغط من جهة ما أو استجابة لنصائح؟'.
ضغوط أم نصائح، لا فرق، فهما أقارب، والأقربون أولى بتبادل السفراء، ثم نتجه إلى 'البديل' بنفس اليوم - الثلاثاء - ومستشار التحرير فيها زميلنا وصديقنا مدحت الزاهد، الذي أبدى دهشته من تقديم محامي وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان الوسام الذي حصل عليه من بارك الله لنا فيه، بعد خروجه من الوزارة لهيئة المحكمة في الدعوى المرفوعة منه بشأن اتهامه بشرائه هو وأسرته، أملاك الدولة عندما كان في منصبه، فقال مدحت.
'لماذا يستعين أمام المحكمة بالوسام الذي أنعم به عليه مبارك عندما ترك الوزارة بعد عمل طويل وفشل ذريع؟
ما دخل مبارك والوسام في قضية استغلال نفوذ متهم فيها سليمان ببيع فيلات فاخرة وقصور في مارينا والتجمع الخامس لزوجته وأبنائه القصر، أثناء ولايته المديدة على رأس وزارة الإسكان، وماذا لو استعان هشام طلعت مصطفى بالحصانة التي أسبغها عليه مبارك، لكي يثبت براءته في قضية ذبح سوزان تميم؟ وماذا لو حذا حذوهما ممدوح إسماعيل، الوكيل الملاحي الاحتكاري لخط البحر الأحمر، والمتهم في حادث العبارة الذي راح ضحيته 1034، ذهبوا إلى أعماق البحر غرقى أو ضحايا للحريق الذي شب على ظهر العبارة قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، وماذا جنينا عندما قدمت النيابة القضية كجنحة علم ولم يبلغ انتهت بالبراءة فانفجر غضب الرأي العام وطال الكبير قبل الصغير؟ وماذا لو خضع أحمد عز لمساءلة بشأن الاتهامات الموجهة إليه باحتكار الحديد فأجاب بأنه أمين التنظيم في حزب الرئيس'.
ونغادر 'البديل' وما فيها من رجال إلى 'الدستور' لنقرأ هجوما شنته احدى زميلاتنا من الجميلات، وهي سلوى الخطيب من مجلة 'صباح الخير'، وقولها: 'أقسم المسؤولون المصريون من كبيرهم إلى صغيرهم بأغلظ الإيمان على عدم العودة إلى الاشتراكية وكوارث الاشتراكية وأيام الاشتراكية السودة كان المصري يجد الغذاء والدواء والتعليم والمسكن، وفي الوقت الذي يدعو فيه زعماء العالم الرأسمالي الى التدخل الحكومي في السوق يؤكد السيد جمال مبارك على تقوية دور الدولة ولكن كداعمة 'للمستثمرين'! إن كلمة الاشتراكية التي يقسم مسؤولونا على عدم العودة إليها تعكس في الأخلاق فكرة العدالة الاجتماعية وهي بالمناسبة جوهر الأديان والهدف الأسمى فماذا نسمي مسؤولا يكره فكرة العدالة الاجتماعية في بلد نصف سكانه تحت خط الفقر؟!'.
اييه، اييه، ذكرتنا بأيام خالد الذكر فجزاها ربك خيرا، عني أولا، وعنكم بعد ذلك، خير الجزاء، وهكذا لا يخرج من فم الجميل إلا كل كلام جميل.

تذكير بضبط أول تنظيم
لتبادل الزوجات ايام عبدالناصر

وإلى القبض على زعيم تنظيم تبادل الزوجات وفيلسوفه وزوجته وقرار النيابة بحبسهما خمسة عشر يوما على ذمة التحقيق، ونشر 'البديل' يوم الثلاثاء تحقيقا عن هذه الحادثة شارك فيه زميلانا إسلام عبدالوهاب وجيهان محروس، ومما جاء فيه: 'ماريان مراد 25 سنة موظفة استقبال تقول عن هذه الظاهرة إنها غريبة جدا وشاذة في الوقت نفسه لكن مع ظهور الشواذ ووجود زنى المحارم وانتشار التحرشات وممارسات الجنس مع الحيوانات إضافة إلى ازدياد شكاوى الطلاق والخلع بسبب طلب أشياء مرفوضة ومقززة فكل شيء في مجتمعنا الآن أصبح عاديا ومفروضا، صلاح القاضي 35 سنة محاسب لا يرى أن المشكلة في وجود هذه الظاهرة، ولكن المشكلة في رأيه تكمن في ظهور من ينادي بالحرية الشخصية للشواذ مثلا فمن الممكن أن يخرج علينا الآن من ينادي بحرية تبادل الأزواج ويستبيح هذا علنا بل أخشى أن يتم تشريع هذا الأمر وتصنيفه تحت مسمى الحرية الشخصية.
د. هبة قطب، إخصائية الطب الجنسي والاستشارات الزوجية ومدرس طب شرعي بكلية الطب قصر العيني تقول: هذه الحادثة تعود إلى انعدام الغيرة بين الأزواج، ووجود الملل الزوجي، إلى جانب انعدام الوازع الديني فلا يوجد خلق ردعي لمثل هؤلاء، إضافة إلى اختفاء القيم تماما، فلا يوجد مثل هذا حتى في عالم الحيوان فلو نتذكر برنامج عالم الحيوان الذي كان يذاع عقب صلاة الجمعة على التليفزيون المصري كان أي حيوان ذكر يتنازع لأجل أنثاه فنجد معارك طاحنة بين الذكور لاجل الفوز بأنثى وتصبح ملكه وحده، ولا أحد يستطيع يقترب منها، وهي كذلك أيضا بل إن الجماع بين ذكر الحيوان وأنثاه يتم في الخفاء فالأسد والجمل وحتى الفيل تختبىء لممارسة عملية الجماع، وما حدث تعدى عالم الحيوان وتدنى عنه، أتعجب كيف تقبل المرأة وضعا مثل هذا، فالرجل مثلا خائن بطبعه ولا يوجد لديه انتماء وقل على الرجل ما تريد أن تقول فلا مانع في ذلك لأنها الحقيقة لكن المرأة تخلق لأجل رجل واحد، وتنتمي إليه ولا تقبل غيره، وتظل وفية له، كيف تفعل ذلك؟ وكيف تقبل على نفسها أن تتعرى أمام آخر وهي تعلم أن زوجها أيضا مع امرأة غيرها، لا أجد مبررات لهم حتى الواقع النفسي والرغبة في التخلي عن القيود والإمعان في الحرية ليست مبررات كافية لهذا التصرف'.
ونتحول إلى جريدة 'الأحرار' أمس - الأربعاء - وموضوعها الرئيسي الثاني في الصفحة الأولى، عن الحادثة مع صورة لقائد التنظيم وزوجته جاء فيه: 'كشفت قضية تبادل الزوجات بالعجوزة عن معلومات مثيرة، أكدت المعلومات أن فكرة تبادل الزوجات قديمة وأن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أصدر قرارا في الستينيات بإبعاد مسؤول كبير في الدولة عن عمله بعد تلقيه تقريرا يؤكد تورط المسؤول في تأسيس جمعية لتبادل الزوجات ثم أعاده إلى عمله بعد أن أثبت هذا المسؤول عدم صحة المعلومات وتبرأ من هذه التهمة المشينة، وعلى جانب آخر، فقد أوضحت أوراق فضيحة تبادل الزوجات التي تم الكشف عنها مؤخرا عن معلومات مثيرة، قال المتهم الرئيسي في القضية طلبة عبدالحافظ - بالمعاش - ان زوجته سلوى، كانت تستمتع وهي تشاهده في أحضان سيدة غيرها وقال ان زوجته أيضا كانت تمارس الجنس مع زوج آخر، وأنهما عقب ذلك يستمتعان بالمعاشرة الزوجية، وقالت الزوجة انها كانت تتصفح مواقع الانترنت والمنتديات وتلقت دعوات عن تبادل الزوجات والأزواج، فأعجبتها الفكرة واقتنعت بها بسبب هجر زوجها لها لفترات طويلة، وأقنعت زوجها الذي وافق وقاما بالفعل بدعوة أزواج كثيرين وتنظيم حفلات جنس جماعي'.

كيف اقنعت الزوجة المحجبة
زوجها بفكرة تبادل الزوجات

ونشرت 'الأحرار' صورة حديثة للزوجة وزوجها، وهي محجبة، ولا بأس بدرجة جمالها.
أما بخصوص ما قالته الجريدة عن وجود فكرة تبادل الزوجات أيام خالد الذكر، فأصل الحكاية كما سمعتها في الستينيات، أن أجهزة الأمن لاحظت مجموعة في أحد الأندية بالقاهرة، تحرص على الاجتماع في مكان منعزل بالنادي والحديث بهمس وحرص، فاعتقدت انها تشكل تنظيما أو تدبر لأمر ما، فبدأت في مراقبة أفرادها، والتنصت على تليفوناتهم، واتضح أن شكوكها في محلها، ففعلا، كان هناك تنظيم، وفيه بعض الشخصية من أوساط معينة وليس مسئولا كما ذكرت الأحرار، لكن الصدمة كانت عندما تكشفت أهداف التنظيم، فلم يكن لتدبير انقلاب أو نشر شائعات، وانما لتبادل الزوجات، وكانت الصدمة غير معقولة، لكن عبدالناصر، أمر بالتكتم على الموضوع حرصا على سمعة أبناء الزوجات والأزواج المتورطين بعد توبيخهم والتحقيق معهم.
وسيكون لدينا المزيد وأشياء أخرى حول هذه الحادثة، أما الآن فلدينا حادثة مختلفة وان كانت في نتيجتها لا تختلف عن - والعياذ بالله - الأزواج من نوع الخراف أو الكباش، أي من ذوي القرون، وهي من صحيفة 'المساء' - أمس - وأمدنا بها - مشكورا على سعيه، زميلنا أحمد الخطيب، وكان عنوانها - يا خسارة على الرجالة، ضبط المخرج تحت السرير، أبلغ الشرطة ثم تنازل - ونص الخبر هو: 'اكتشف سائق خيانة زوجته بالصدفة وجد عشيقها تحت السرير عند عودته فجأة الى مسكنه فأبلغ الشرطة وتنازل في النيابة، تلقى اللواء فؤاد حجازي مدير إدارة شرطة نجدة القاهرة بلاغا بضبط لص بمسكن سائق ميكروباص ببولاق أبوة العلا، بسؤال السائق قرر أنه توجه إلى عمله في الصباح، لكن سيارته تعطلت فعاد إلى منــــزله في وقت مبكر، لكنه فوجئ بباب شقته مغلق من الداخل وتأخر زوجته في فتح الباب، وظهـــرت عليــــها علامات الارتباك بينما كان الأولاد في المدرسة وأنه دخل حجرة النوم وفوجئ بوجــــود شخص غريب أسفل السرير، فاستعان بالجيران وأمسكوا به وتلقـــــينه علقة ساخنة بينـــما فرت زوجته هاربة وبسؤال المتهم - مخرج ثان بقطاع الانتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون، قرر أنه اتفق مع الزوجة على الحضور لمسكنها لإعطاء أولادها دروسا في اللغة الانكليزية.
وتحــــرر محضــــر بالواقعة وأخطرت الجهات المعنية، والنيابة وتنازل السائق عن بلاغه أثناء التحقيقات'. طبعا، فالعفو من شيم الكرام، حتى وإن كان بقرون.

تاريخ فتوات مصر وحكاية توحة

وأخيرا، إلى ما تبقى من حكاية توحة التي رواها لنا سيد صديق عبدالفتاح في كتابه - تاريخ فتوات مصر - الصادر عن مكتبة مدبولي بالقاهرة عام 1995، قال: 'بدأت حياتها عام 1928 باسم 'فاطمة محمد سالم'، ولدت ببلدة 'كفر براش' مركز بلبيس.
وعندما أصبحت فتاة وجدت نفسها إبنة لعجوز ضرير كانت تسحبه ليقرأ القرآن نظير قروش يعيش عليها! ووجدت نفسها بلا أم، وكثيرا ما قضت أياما جائعة تنتظر أباها حتى يعود بالطعام!! وعندما بلغت الثانية عشرة زوجها والدها من مزارع اسمه 'نظير' كان متزوجا.
وأصبحت فاطمة لها 'ضرة' تعذبها، وزوجها لا تطيق رؤية وجهه، وعاشت في عذاب إلى أن طلقها زوجها.
والتقت 'فاطمة' ببائعة فاكهة اسمها 'حميدة' عرفتها بـ'كمال' سائق التاكسي، أحبها 'كمال' وتزوجها، ولكن الأمل الجديد سرعان ما انتهى إلى فشل، خانها وتزوج بأخرى وطلقها بعد ثلاثة شهور فقط وزاد حقدها على الرجال!!
أرادت 'فاطمة' أن تكسب عيشها بعرقها، اشتغلت في مصنع للغزل بأجر '11 قرشا' في اليوم!
وفي هذه الفترة من حياتها التقت بـ'عبدالستار' - زوجها الذي كان سبب المذبحة - وكانت أمها تسكن في منزله، وكانت تشكو له تصرفات زوجها، فعطف عليها ثم أحبها وشجعها على الانفصال ووعدها بالزواج.
وما كان زوجها العاطل يعلم أنها تعمل حتى بدأ يطاردها ويضربها، ولكن 'عبدالستار' شجعها وعلمها كيف تدافع عن نفسها، نصحها بضرب كل من يتعرض لها، ونفذت نصيحته، خرجت من المصنع والتقت بزوجها، وحاول أن يكلمها فضربته علقة فطلقها على أثرها وأصبحت حرة، وعرفت - لأول مرة - كيف تنتزع حقوقها من الناس بالضرب وبالفتونة.
وتزوجت بعبد الستار سنة '1950' ثم عملت كومبارس في السينما، ومرت فترة من السعادة لم تنسها.
وخلال هذه الفترة كان 'عبدالستار' يدربها كل يوم على أعمال 'الفتونة'، كان يضربها ضربا مبرحا لتتعلم، علمها ضرب 'الروسية' واستعمال 'السكين' وسرعان ما أتقنت هذه العملية، لأنها - على الأقل - كانت مقتنعة بها!
ومرت فترة اكتشفت خلالها خيانات زوجها 'عبدالستار'، كانت تضبطه مع عشيقاته لتضربهن!
وطارت شهرتها بين الناس، ثم استمعت إلى تمثيلية 'توحة' في الإذاعة، ووجدت بينها وبين الشخصية الإذاعية شبها كبيرا، فقررت أن تطلق على نفسها هذا الإسم! وهكذا كانت تعيش 'توحة'.
وكان يقول اليوزباشي 'عاطف الأمير' آنذاك: أن 'توحة' كانت متهمة في عدة قضايا ضرب، اعتدت على تومرجي وعسكري من حرس الجامعة في مستشفى الدمرداش وقضاياها كانت أمام محكمة الوايلي، وضربت أكثر من عشرين رجلا، وضربت صديقة لزوجها، وضربت مخبرا من مكتب التموين فأصابته، وحبست عدة مرات بسبب قضايا الضرب وكانت متهمة في قضيتين جديدتين أمام محكمة مصر الجديدة، لضربها سيدة كانت صديقة زوجها! وهكذا، كانت حياة 'توحة فتوة المطرية'.