أكد أن إسرائيل تبنت laquo;الحرب الاستباقيةraquo; ضد إيران


بيروت - نعيم محمد


أكد وزير الخارجية اللبناني الاسبق فارس بويز أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يريد أن يتهرب ويتملص من الضغوطات الدولية، وخاصة الأميركية، في موضوع السلام عامةً والفلسطيني خصوصاً، وهو يفتش عن الذرائع والحجج، ويحضر الرأي العام عبر تصوير المقاومة اللبنانية كخطر أساسي وكبير جداً على بقاء اسرائيل، ولا بديل لهُ الا أن يقلب laquo;الطاولةraquo; عبر شن حرب عسكرية على لبنان.

وقال بويز في حديث خاص لـlaquo;النهارraquo; أن امتلاك حزب الله لصواريخ laquo;سكودraquo; لا يُشكل قلباً للموازين ما دامت اسرائيل تمتلك ما يفوق الـ 250 قنبلة نووية، اضافة الى شبكة صواريخ laquo;باتريوتraquo; متطورة، وأسطول جوي لا مثيل له في العالم.

واعتبر بويز أن الدور التركي حالياً مهم جداً، ويقلب التوازنات في المنطقة، وأنقره تتطور وتسير على خطى طبيعية باتجاه خروجها من التأييد الأعمى الذي كان موجوداً لاسرائيل.

وأشار بويز الى أنه وبعد خروج النائب وليد جنبلاط من laquo;ثورة الأرزraquo;، فقدت الموالاة التوازن الذي كان قائماً لمصلحتها بوجه المعارضة، خاصة بعد زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري دمشق. وقال: laquo;ليس صحيحاً أن معركة الانتخابات البلدية هي على الزعامة المسيحية، وليست عملية كسر عظم أيضاً، والتوافق داخل الطائفة الشيعية والدرزية ليس عظيماً لأنه يلغي التنافس، والحالة عند المسيحيين أكثر صحةً مما هي لدى الطوائف الأخرىraquo;... وفيما يلي نص الحوار:

ما قضية الخروقات الاسرائيلية اليومية للخط الأزرق في جنوب لبنان؟ وهل هي تمهيد لعدوان جديد ضد لبنان؟

لا تخفي اسرائيل نواياها في عملية التحضير لعدوان جديد، وهي متذرعة بالقول أن حزب الله قد تعزز بسلاح متطور ومنها صواريخ السكود أو الـ 40 ألف صاروخ التي بات الحزب يملكها كما تزعم الدولة العبرية. كل ذلك ينذر بتحضيرات للرأي العام الدولي، ولا يفسر الا وكأنه تحضير لاعتداء جديد على لبنان. اسرائيل تعلم تماماً أن أي سلاح موجود لدى حزب الله هو سلاح مضبوط، ولا يستعمل الا دفاعاً عن البلاد، وتعلم أيضاً أن المقاومة حالة منظمة ومنضبطة، وان هذا السلاح ليس موجوداً بأيدي تنظيمات عشوائية تشكل فعلاً استفزازاً وحالة فوضى. هذا الأمر يخفي خلفيات سياسية، والواقع أن نتانياهو يريد أن يتهرب ويتملص من الضغوطات الدولية، وخاصة الأميركية، في موضوع السلام عامةً والفلسطيني خاصةً، ولا بديل له الا أن يقلب الطاولة، ومن هنا فهو يفتش عن الذرائع والحجج، ويحضر الرأي العام عبر تصوير خطر المقاومة كخطر أساسي وكبير جداً على بقاء واستمرارية دولة اسرائيل.

لكن أين قوات حفظ السلام الدولية laquo;يونيفيلraquo; مما يحصل في جنوب لبنان؟ وهل مهامها المراقبة فقط ؟

لم نعتقد لحظة واحدة بأن قوات laquo;يونيفيلraquo; قتالية بل قوات حفظ سلام peace keeping forces، ولا يفترض دوماً بأن تكون لها السلطة أو الارادة في أن laquo;تؤدبraquo; أو تردع المعتدي، وهذا هو دورها، ونحن مع دور كامل للقوات الدولية ورادع في الوقت نفسه. laquo;يونيفيلraquo; قوات مراقبة، ومهمتها رفع تقارير، ودوريات مراقبة أكثر مما هي دوريات مواجهة وردع.

الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون تحدث في تقريره الأخير حول القرار الدولي 1559 عن معلومات حول تهريب السلاح الى لبنان. كيف قرأت هذا التقرير؟

لا يخفى على أحد بأن الأمم المتحدة تخضع لسيطرة الولايات المتحدة الأميركية، ولا يفوت على أحد بأنها غير منصفة، وغير عادلة في عملية تشخيص ما يحصل في الجنوب اللبناني. بان كي مون وبعض أجهزته لا يرون الا جانباً واحداً من الموضوع، ولا يتكلمون عن التعديات الاسرائيلية اليومية على لبنان، وليس بمقدورهم فعلاً اجبار اسرائيل على أي شيء، ومن حين الى آخر يحملون الدولة العبرية مسؤولية laquo;مرة على عشرةraquo;، وlaquo;تسع مراتraquo; يتكلمون عن الجانب اللبناني.

واشنطن استدعت دبلوماسياً سورياً للتأكد من موضوع تهريب صواريخ سكود الى حزب الله. ما رأيك بهذا الاستدعاء؟ وهل صحيح أن الحزب قد قلب الموازين العسكرية في المنطقة؟

صواريخ سكود لا تشكل اطلاقاً قلباً للموازين ما دامت اسرائيل تمتلك ما يفوق الـ 250 قنبلة نووية، وأسلحة نووية تكتيكية، اضافة الى شبكة صواريخ متطورة جداً، وشبكة دفاع عن صواريخ الباتريوت المتطورة، وأسطول جوي لا مثيل له في العالم، والكلام عن مزاحمة التفوق التقني الاسرائيلي في غير محله على الاطلاق وغير صحيح. اذا افترضنا بأن المقاومة امتلكت بعض هذه الصواريخ فهذا لن يؤثر الا تأثيراً طفيفاً جداً على المعادلة العسكرية القائمة. نحن أمام عدو يعتبر الأقوى في العالم، والمقاومة تحاول أن تواجه هذا العدو. استدعاء الدبلوماسي السوري هو للضغط فقط على دمشق، وكثير من الأمور التي تقوم بها الادارة الأميركية تكون بضغط وبطلب من اسرائيل، وأحياناً تقوم بها واشنطن دون اقتناع كبير، ولا مجال هنا للبحث كم أن اسرائيل تسيطر على الحياة السياسية الأميركية من البيت الأبيض الى الكونغرس مروراً بمجلس الشيوخ وصولاً الى الجامعات.

تركيا دخلت على خط المفاوضات بين سورية واسرائيل منذ فترة زمنية. هل لفت نظرك دور أنقره الجديد في المنطقة؟

الدور التركي مهم جداً، ويقلب التوازنات في المنطقة، وأنقرة تتطور وتسير على خطى طبيعية باتجاه خروجها من التأييد الأعمى الذي كان موجوداً لاسرائيل. هذا الخروج الذي بدأ مع صعود حزب laquo;العدالة والتنميةraquo; يرسم لتركيا دوراً كبيراً وجديداً في المنطقة. في الماضي كان الجيش يحكم تركيا، وكانت الحكومة نوعا من واجهة معينة للحكم، والآن تطور هذا الأمر بشكل ملحوظ، وأصبحت البلاد على طريق الديموقراطية والحكم البرلماني. هذا الوضع أخرج تركيا من الاعتبارات العسكرية- التحالفية الى الخيار السياسي الذي بدأ يسيطر، وهو يذهب باتجاه عادل في قضايا المنطقة.

هناك حديث يدور حالياً عن دور خطير ومباشر تؤديه بعض السفارات الأوروبية في لبنان دعماً لاسرائيل في معركتها التجسسية. كيف تقيم أداء بعض السفارات في لبنان؟

لا أعتقد أن هناك دولاً تقوم طوعاً بعملية laquo;العمالةraquo; لدولة أخرى، ولا أؤمن بأن أي دولة أوروبية أو غير أوروبية، بعلمها وبرضاها، يمكنها أن تعرض سمعتها وعلاقاتها الدبلوماسية والسياسية الى هكذا موضوع، ولكن ما يحصل أحياناً، وحول مواضيع محددة مثل الارهاب، يمكن لأجهزة المخابرات أن تتعاون فيما بينها، وأن يؤدي جهاز ما بعض الخدمات لأجهزة أخرى.

هل صحيح أن طاولة الحوار الوطني أصبحت laquo;مضيعة للوقتraquo;؟ وأي استراتيجية دفاعية سيتبناها لبنان برأيك؟

كان يمكن لطاولة الحوار الوطني أن تؤدي الى نتائج عندما كانت القوى السياسية في لبنان laquo;متعادلةraquo; نوعاً ما، والسؤال الذي كان مطروحاً هو: كيفية عمل المقاومة؟ والجواب: ما من أحد كان يحلم لا بالغاء المقاومة ولا بتعطيل دورها، وهناك فريقان: الأول يريد أن تبقى للمقاومة حريتها المطلقة ولو أدى ذلك الى انقسام داخلي، والثاني مع تأييده للمقاومة، يريد أن يحدد أهدافها بالدفاع عن لبنان، وأن يأخذ تعهدات حول قرار الحرب والسلم بأن يكون بيد الدولة، وألا تعمل المقاومة الا ضمن الاطار اللبناني. بعد التفكك الذي حصل داخل قوى 14 آذار، وبعد أن قوي الخط السوري- الايراني وغاب الخط الأميركي- الغربي، أصبح الحوار laquo;معدوماًraquo;، ولن يتمكن أحد من laquo;جرraquo; الأمور الى تحديد دور المقاومة التي أصبحت أمام خيارين: أن يكون لها اجماع وطني ومطلق ولكن مقابل ضمانات حول أهداف وعمل المقاومة، وبين أن تبقى المقاومة من دون تأييد جامع، وأن تبقى حرة وطليقة. بين هذين الخيارين، فان مصلحة المقاومة بأن تتوصل عبر طاولة الحوار الى اجماع وطني حيث يتحمل laquo;الجميعraquo; المسؤولية، خاصة في حال حصل اعتداء اسرائيلي جديد.

عيد الجلاء السوري الـ64 حشد السفارة السورية لدى بيروت الأصدقاء والخصوم، خاصة لجهة حضور حزبي laquo;القوات اللبنانيةraquo; وlaquo;الكتائب اللبنانيةraquo;. ما تقييمك لهذه المشاركة؟

بين حضور الأمس، هناك الفريق الطبيعي (المعارضة) والذي كان دوماً قريباً من سورية، ولكن حضور الفريق الآخر (الموالاة) والذي كان على خصومة أو عداء مع دمشق خلال السنوات الخمس الماضية، يقسم الى فئتين: الفئة الأولى هي التي رأت في هذه المناسبة ظرفاً تطالب به، وأتت لكي تؤكد بأن هذه العلاقات الدبلوماسية الجديدة أمرٌ ضروري ومهم، ويجب دعمه. أما الفئة الثانية فهي laquo;الانتهازيونraquo; الذين كانوا يهاجمون سورية في المطلق، ولا أعتقد أنهم ذهبوا الى هذه المناسبة لذات السبب الأول أي تكريس العلاقات بين البلدين، بل لأنهم شعروا بأن laquo;المناخ الدوليraquo; قد تغيّر.

هل مسيرة laquo;ثورة الأرزraquo; في خطواتها الأخيرة، خاصة بعد عودة الأسراب اللبنانية السياسية الى الفضاء الدمشقي؟

لقد تغيّرت laquo;ثورة الأرزraquo; بمضمونها المبدئي، وبواقعها السياسي، وبتطبيقها حيث ان المناخ العالمي laquo;التطويقيraquo; ضد سورية وايران الذي كان سائداً أثناء انبعاث laquo;ثورة الأرزraquo; لم يعد قائماً، ولا تستطيع بالتالي قوى الموالاة أن تبقى في ذات المناخ لأن الواقعية السياسية تفرض عليها أن تنظر الى الأمور نظرة مختلفة. ثانياً عندما خرجت الولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفائها الاقليميين من laquo;اللعبةraquo;، أصبح هناك خلل لمصلحة المحور الآخر أي سورية وايران وحلفائهم، ولا تستطيع laquo;ثورة الأرزraquo; أن تبقى على نفس الحسابات السياسية التي كانت عليها. ثالثاً ان laquo;ثورة الأرزraquo;، بعد أن أنشئت العلاقات الدبلوماسية مع سورية، وبعد أن انسحب الجيش السوري من لبنان، لم تعد قادرة على انتقاد لا الوجود العسكري السوري، ولا التدخل المخابراتي السوري. رابعاً بعد خروج النائب وليد جنبلاط من 14 آذار، فقدت الموالاة laquo;التوازنraquo; الذي كان قائماً لمصلحتها بوجه المعارضة، لذلك وجب عليها ان تعدّل في خطابها السياسي، وأخيراً بعد زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري دمشق، وهو الرمز الكبير لــ 14 آذار، والمعني الأول عاطفياً بهذا الأمر، لم يعد هناك قدرة للموالاة بأن تبقى على الخطاب نفسه. كل هذه العوامل الاقليمية والدولية والداخلية قد تفرض على 14 آذار تعديل استراتيجيتها وأهدافها وخطابها.

ما هو تقييمك لمعركة الانتخابات البلدية التي انطلقت على قدم وساق؟ ولماذا سمّيت بـlaquo;معركة الزعامة المسيحيةraquo;؟

ليس صحيحاً أنها معركة على الزعامة المسيحية، وتفسير الانتخابات البلدية من الزاوية السياسية لا يصلح الا لجزء بسيط جداً. الانتخابات البلدية في لبنان يغلب عليها طابع الانماء على حساب السياسة، وفي بعض القرى يتجه الناخب نحو الذي يعتبره أكثر خدمة وانماء أكثر مما يتجه نحو التوجه السياسي. ثانياً تأخذ الانتخابات البلدية، لسوء الحظ، طابعاً تزاحمياً عائلياً أكثر منه سياسياً. لا أرى الانتخابات البلدية في المناطق المسيحية معركة laquo;كسر عظمraquo;، وخلافاً لكثير من الظروف، تجري هذه الانتخابات بهدوء نسبي، ثانياً هناك حجم من الوفاق يحصل في المناطق المسيحية وبين المتناقضات السياسية، خاصة بالنسبة لمنطقة كسروان حيث تشهد العديد من البلدات حالات توافقية. داخل الطائفة laquo;الشيعيةraquo; هناك توافق أو التفاف حول حركة laquo;أملraquo; وlaquo;حزب اللهraquo;، والأمر نفسه ينطوي على النائب وليد جنبلاط، ولكن، وفي الحقيقة، فان هذا الأمر ليس عظيماً لأنه يلغي المنافسة، والحالة عند المسيحيين، ولو كانت فيها بعض المخاصمات، هي حالة أكثر صحةً مما هي لدى الطوائف الأخرى.

مع من سيتحالف فارس بويز في الانتخابات البلدية؟

انا في كسروان أتعاطى مع كل الفرقاء السياسيين، خاصة أن كل بلدة لها خصوصيتها، ونادراً ما يستطيع أحد لوحده أن يحسم التحالفات، ومبدئي مع اللائحة الانمائية الخدماتية، وبعيدة عن السياسة، أما في البلديات التي اشعر فيها بتحد سياسي، فعندئذ نقوم بالتحالفات اللازمة وقد تكون مفتوحة في كل الاتجاهات وحتى مع العماد ميشال عون (رئيس تكتل التغيير والاصلاح)، وهناك لوائح بدأت تتشكل معه في بعض القرى والبلدات.

هل لبنان والمنطقة، وخصوصاً ايران، يسيرون نحو الهدوء أو الفوضى المطلقة؟

سانطلق من ثلاثة عوامل لأبدي بعض القلق: الأول لا أعتقد بأن اسرائيل ستقبل بوجود سلاح نووي ايراني، وان تأكد لها أن هذا السلاح سيتواجد خلال المرحلة المقبلة، فأخشى من عملية استباقية. الثاني أعتقد أن نتانياهو وأفيغدور ليبرمان (وزير الخارجية الاسرائيلي) هما رجلان يؤكدان أن قوة اسرائيل هي دوماً في حالة التعبئة، وفي ابقاء حالة الخوف لدى اليهود، وحالة الحرب، وأجزم بأنه لا سلام ممكن في المدى المنظور. رئيس الوزراء الاسرائيلي، وفي محاولة لوقف الضغط عليه، وخاصة الأميركي، يميل، تحت أية حجة أو ذريعة، الى القيام بعملية قلب الطاولة وشن حرب، والسؤال، هل الحرب ستكون ضد لبنان؟ لبنان وايران؟ وهل ستطال سورية؟ الجواب: لا أحد يستطيع أن يحصرها، ولدي شعور كبير وقناعة بأن نتانياهو سيقلب الطاولة عبر شن عملية عسكرية ضد لبنان.