البرادعي يندد ونواب يطالبون بمحاكمة الجناة.. والامن ينفي ويقول انه مات بسبب ابتلاعه لفة بانجو

القاهرةـ حسام أبوطالب واحمد القاعود

اجتاح الغضب الشارع المصري بعد انتشار خبر مقتل شاب في الإسكندرية على يد رجال شرطة لاعتباره طريقة تحدثهما إليه غير لائقة، وهو ما دفعهم إلى ضربه واقتياده إلى قسم الشرطة ليفاجأ الأهالي بعدها بساعات وصوله جثة هامدة الأحد الماضي.
وحسب شهادة الأهالي فقد قام مخبرين من قسم سيدي جابر باقتحام احد مقاهي الانترنت في ذات الحي وطالبوا الموجودين بابراز بطاقات هوياتهم فضلاً عن تفتيشهم وهو ما اعترض عليه المواطن خالد سعيد نافيا ان يكون في موقع شبهة او مُسجل خطر حتى يتم تفتيشه وهو ما دفع المخبرين إلى اخراجه من مقهى الانترنت وتم الاعتداء عليه بالضرب والسحل في الشارع أمام المارة ثم تم اقتياده داخل سيارة شرطة إلى قسم سيدي جابر.
وأكد شهود يقيمون بنفس حي الضحية ان المخبرين قاموا بالتعدي على المواطن بالضرب المبرح امام المارة حتى كسر فكه ولطخ وجهه بالدماء فضلاً عن فقدانه القدرة على الحركة وهو ما دفعهم الى سحله في الشارع حتى سيارة الشرطة، مشيرين إلى أن سيارة الشرطة عادت إلى منزل المواطن خالد سعيد بعد 20 دقيقة من القبض عليه وتم القاء جثته من سيارة الشرطة على الأرض وفرت السيارة مسرعة. وقامت قوة من داخل القسم بالتعدي على الناشطين وسحلهم إلى داخل القسم وبينهم فتاتان، فضلاً عن القبض على الزميل أحمد رمضان'(مصور الدستور) ومصادرة الكاميرا الخاصة به.
وطالبت مراكز حقوقية بمحاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية على جرائم جهاز الشرطة التي ارتكبت بحق الشعب المصري، ونظم عدد من النشطاء وقفة احتجاجية أمام قسم شرطة سيدي جابر بالإسكندرية والذي اقتيد الشاب إليه، إلا أن رجال الشرطة أطفأوا الأنوار، وخرجوا ومعهم الكلاب البوليسية واعتدوا على المتظاهرين.
وعادة ما يتعامل رجال الشرطة المصريون مع مواطنيهم بوحشية، ويتعمدون اهانتهم، وهو ما جعل سجل مصر في حقوق الإنسان من أسوا السجلات عالميا في نفس المجال، ورغم أن هناك عددا من الوقائع التي تم ظهورها إلى العلن وإحالة مرتكبيها إلى المحاكمة، فهناك كثير من الأحداث لم يعرف المجتمع عنها شيئا بسبب عدم قدرة الضحايا في الوصول إلى أجهزة الإعلام، أو لتخوفهم من بطش رجال الشرطة، وغالبا ما يعود رجال الشرطة المحكوم عليهم بعقوبات تتعلق بالتعذيب إلى عملهم بعد انقضاء فترة العقوبة، ويتولي حبيب العادلي وزير الداخلية موقعه في اعقاب أحداث الهجوم على سياح أجانب في مدينة الأقصر، وإقالة سلفه محمد حسن الألفي، عام 1997.
من جانبه شكك مركز 'النديم' لحقوق الإنسان في أن تأخذ تحقيقات النيابة أو المحاكمة ثأر الشاب والذي يدعى خالد سعيد ولا محاولات الرشوة والترهيب لأسرته كي تتنازل عن شكواها، وإنما 'سيأخذها عزل حبيب العادلي وزير الداخلية'. وأضاف البيان أنه لم يعد في الإمكان المطالبة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، فالبلاد لا يحكمها القانون ومجرموها هم القائمون على مصائر المواطنين، وبرلمانها غير قادر على محاسبة وزير الداخلية، وقوانينها معطلة بقانون الطوارئ والتي مفادها أن الأمن هو سيد الموقف وأن الحصانة مضمونة لكل من يخدم النظام.
وقد تفاعل مستخدمو موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك على الانترنت مع الحادثة الإجرامية ووصل عدد زوار صفحة الشاب الضحية أربعين ألف شخص خلال ساعات، وطالب المستخدمون بمحاسبة الرئيس حسني مبارك باعتباره القائد الاعلى لجهاز الشرطة ووزير الداخلية إضافة إلى القتلة.
وينظر المصريون إلى جهاز الشرطة بأنه وجد لحماية النظام الحاكم وأصحاب النفوذ، وهو ما يجعله يستخف بحقوق المواطنين ويعتدي عليهم بلا ضوابط، وكانت وزارة الداخلية قد غيرت شعارها القديم وهو الشرطة في خدمة الشعب إلى الشعب والشرطة في خدمة الوطن.
نفت الاجهزة الامنية المصرية الجمعة مقتل شاب مصري بالتعذيب على يد الشرطة في مدينة الاسكندرية، وقالت ان تحقيقات اجرتها أثبتت ان الشاب توفي بسبب اختناقه بلفافة ابتلعها من نبات البانجو المخدر.
ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط ان تحقيقات أجرتها الأجهزة الأمنية وأعضاء النيابة العامة أن الشاب خالد محمد سعيد مات نتيجة انسداد قصبته الهوائية واختناقه بعد ابتلاعه للفافة من نبات البانجو المخدر.
وكانت صحف مصرية قد ذكرت ان سعيد مات اثر تعذيبه في مركز للشرطة في مدينة الاسكندرية كما نشرت صور له وعلى وجهه اثار جروح وكدمات.
الا ان الوكالة شبه الرسمية نقلت عن نتائج التحقيقات ان واقعة الوفاة حصلت بسبب ابتلاع سعيد للفافة اثر مطاردة الشرطة له بعد اشتباههم به بالمتاجرة بالمخدرات.
واشارت الوكالة الى ان الطبيب الشرعي هو الذي 'أرجع سبب الوفاة لاسفكسيا الخنق نتيجة انسداد القصبة الهوائية بلفافة التي قام بابتلاعها المتوفي والتي كانت عبارة عن ورقة مفضضة بداخلها كيس بلاستيك يحتوي على كمية من نبات البانجو المخدر'.
وذكرت الوكالة ان رجال الشرطة حاولوا استخلاص اللفافه منه إلا أنه قام بابتلاعها وأصيب أثر ذلك بحالة من الإعياء الشديد.
واشارت التحقيقات الى ان لسعيد سوابق في المتاجرة بالمخدرات والسرقة.
الا ان الصحف ذكرت ان سعيد توفي نتيجة التعذيب بعد اعتقاله من دون تهمة محددة.
ويؤدي السبت جماهير محافظة الإسكندرية وعدد من نواب البرلمان وقيادات من القوى الوطنية المختلفة صلاة الغائب على المواطن خالد سعيد الذي قتل إثر تعذيب تعرض له على أيدي عناصر من رجال الشرطة السرية يوم الثلاثاء الماضي.
وندد رموز في المعارضة المصرية بالحادث الذي نفت مديرية امن الإسكندرية قتله وعزت الأمر إلى (إسفكسيا الخنق) وهو التبرير الذي طالما ساقته الأجهزة الأمنية عند موت مواطنين داخل أقسام الشرطة أو عند التحقيق معهم.
وظهر الجمعة نظم العديد من نشطاء الإسكندرية اعتصاما امام قسم شرطة سيدي جابر للمطالبة بالكشف عن قتلة المواطن الذي لقي حتفه اثر التعذيب من قبل مخبرين بقسم شرطة سيدي جابر بالإسكندرية.
وفور الإعلان عن الحادث أدان محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مقتل المواطن خالد محمد سعيد (28 سنة) بعد ضربه وتعذيبه.
وقال البرادعي على 'تويتر' الخاص به، إن 'حالة القهر تزداد في مصر' مطالبا بمعاقبة المسؤولين عن الحادث واصفا اياهم بـ'المجرمين'، وأضاف 'عقاب المجرمين فورا أمر حتمي'، وشدد البرادعي على أن 'مقتل خالد مسؤولية كل مصري'.
كما أصدرت الحملة الشعبية لدعم البرادعي في الإسكندرية بيانا، استنكرت فيه 'الجريمة البشعة التي أضيفت الى سجل الانتهاكات الصارخة لحقوق المصريين على يد بعض عناصر الشرطة'، واتهم البيان النظام الحاكم بالكذب فيما يتعلق بادعائه قصر استخدام الإجراءات الاستثنائية الطارئة على حالتي المخدرات والإرهاب، مطالبا بتقديم كل من ارتكب الجريمة أو ساعد في التغطية والتستر عليها من عناصر الشرطة ومن شهود الزور للمحاكمة العادلة العاجلة، وقال: 'الشعب المصري قادر على ردع مثل هذه الانتهاكات والجرائم باتخاذ المواقف الإيجابية وكسر حاجز الخوف'. وقال البيان ان 'هذه الجرائم لا يمكن وقوعها في أي بلد ديمقراطي تحترم فيه كرامة المواطن'.
وقال زملاء لمصور الدستور الذين اعتدي عليه عند تغطيته المظاهرة التي إنطلقت الجمعة أمام قسم الشرطة للتنديد بالجريمة إنه تم تعصيب أعين المقبوض عليهم وتم الاعتداء على عدد منهم فيما اخلي سبيل الزميل احمد رمضان وفتاتين ومحام بعد ساعة، ومن المنتظر عرض النشطاء على النيابة صباح السبت.
وفي سياق متصل نددت نائبة الحزب الحاكم بالبرلمان جورجيت قلليني بالجريمة وطالبت بتقديم المخبرين المتهمين إلى محاكمة عاجلة، أسوة بما حدث مع محاميي طنطا المتهمين بالاعتداء على رئيس نيابة، وأكدت ثقتها في النائب العام بالتعامل مع جميع المواطنين والحفاظ على حقوقهم بشكل متساو.
وقالت إنها لا تدافع عن قانون الطوارئ ولم تشارك في الموافقة عليه ولكن الأمر متعلق بامتهان كرامة المواطن المصري، والثقافة التي أصبحت متجذرة لدى كل صاحب سلطة بالنظر إلى المواطن - الذي قد يكون علميا واجتماعيا أرقى منه- على أنه مواطن درجة ثانية ويتعامل معه بكل تعال، وإذا اعترض هذا المواطن على التعامل غير اللائق معه ينال جميع أنواع الإهانات من صاحب السلطة هذا.
وأضافت المسألة أخطر بكثير من الطوارئ، وبشاعة الحادث تنذر بكارثة، وللعلم فإن هول الحادث هو الذي جعله يصل إلى النيابة وإلى وسائل الإعلام، ولكن هناك آلاف الحوادث التي يتم فيها امتهان كرامة المواطن داخل أقسام الشرطة وفي مختلف الجهات الحكومية، ولكن لا تصل إلى الإعلام أو الشرطة لأنها لا تكون على نفس درجة البشاعة أو لا يترك فاعلها بصمات تدينه، ولكن هي لا تقل في جرمها عن حادث الإسكندرية.
وندد النائب عن الجماعة حمدي حسن بماجرى مطالباً بمحاكمة المتهمين ويعتزم حسن التقدم ببلاغ لرئيس مجلس الشعب ومعه عدد من نواب الجماعة والمستقلين
وأشار النائب المستقل جمال زهران لـ'القدس العربي' إن الجريمة إهانة للنظام الذي يدعي زوراً وبهتاناً أنه يدافع عن حقوق الإنسان.
وأكد النائب مصطفى بكري رئيس تحرير الأسبوع أن هناك قلة منحرفة بين رجال الشرطة تسيء إليهم وإلى وزارة الداخلية داعياً لمحاكمتهم حتى لا يلطخوا صورة الشرفاء في المؤسسات الأمنية. وأوضح أن ما حدث جريمة في حق المجتمع بأسره وذلك لأن الضحية لم يرتكب جريمة وحتى إذا أقدم على إرتكاب خطأ كان يجب تقديمه للمحاكمة لينال جزاءه لا أن يتم قتله بهذا الشكل الوحشي.
وتعهد بكري بتقديم إستجواب داخل مجلس الشعب مطالباً بتوضيح وزارة الداخلية وعدم تبرير الجريمة أو الدفاع عن الجناة. وعبر بكري عن استغرابه من تكرار مثل هذه الحوادث رغم تقديم العديد من رجال الشرطة للمحاكمات بسببها وفصل عدد كبير منهم، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية لن تترك الأمر يمر مرور الكرام وستحاسب المذنبين، وليكون تحرك وزارة الداخلية ضد هذين المخبرين بداية حقيقية لتجديد ثقتنا في عدالة وزارة الداخلية وعدم السماح بأي تجاوز من قبل رجالها.
وأشار النائب عيد الرحيم الغول النائب عن الحزب الحاكم لـ'القدس العربي' إلى أنه ينبغي الانتظار حتى ظهور الحقيقة مطالباً بمعاقبة المسؤول حتى تظل صورة الشرطة ناصعة البياض.
وأشار محمد القيراني، نائب الحزب الوطني بمجلس الشعب، إن قانون الطوارئ الذي تم تمديد العمل به في الدورة الحالية لمجلس الشعب لا علاقة له من قريب أو من بعيد بهذا الحادث غير أنه اعترف بأن ذلك القانون ربما يمنح البعض الفرصة لإطلاق يده ضد المواطنين الأبرياء لذا فالخطأ في هؤلاء وليس في القانون.
وأشار إلى أن الجريمة الأخيرة مقززة وتدفع بالفزع والحوف من بعض الذين يشعرون أنهم فوق القانون وقال ان يتم القبض على مواطن وبعد تعذيبه يتم إلقاؤه في الشارع فتلك كارثة ينبغي ألا تمر بدون التحقيق فيها.