مخاوف من تحرك إيراني في ساحات عربية وإقليمية رداً على العقوبات

بيروت

اعتبر الخبير في العلاقات الستراتيجية وأستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية وليد عربيد, أن إيران بعد قرار فرض العقوبات الجديدة عليها باتت رهينة لعبة الأمم والمصالح الاقتصادية للدول الكبرى, محذراً من أن يأتي الرد الإيراني على العقوبات في ساحات إقليمية وعربية, بما يهدد الاستقرار في المنطقة.
وقال عربيد في حديث إلى quot;السياسةquot; إن quot;القرار 1929 الصادر عن مجلس الأمن والقاضي بفرض رزمة جديدة من العقوبات على إيران بسبب ملفها النووي, يؤكد أن هذا المجلس لا يزال بعد 65 عاماً من قيامه, خاضعاً لإرادة الأقوى على الساحة الدولية, وهو اليوم الولايات المتحدة, ضمن احترام موازين القوى للدول التي وقعت مؤتمر يالطا العام 1945quot;, مشيرا إلى أن quot;الجديد في الملف الإيراني هو موقف روسيا والصين, الذي غير المعادلة السابقة في توقيع القرارات والموافقة عليها, إذ انخرطت الدولتان في لعبة دولية جديدة هي لعبة الأمم القائمة على المصالح الاقتصادية للدول الكبرى, على حساب الدول الأقل شأناً, وهكذا باتت إيران بعد القرار الأخير أكثر ارتهاناً لهذه اللعبةquot;.
وعن قراءته لموقفي البرازيل وتركيا اللتين صوتتا ضد العقوبات, قال عربيد quot;بالطريقة نفسها, أي بالمصالح الاقتصادية الكبرى, فتركيا والبرازيل عضوان في مجموعة العشرين, وتطمحان لدور اكبر على الساحة الدولية يعود عليهما بالنفع الاقتصادي, وهذا ما ليس متوفراً حتى الآن, وإن التصويت في مجلس الأمن لصالح إيران, وقبل ذلك توقيع اتفاق تبادل اليورانيوم بهدف تخصيبه خارج إيران, هما وسائل للضغط على الدول الصناعية الكبرى. واللافت في الأمر ما جاء على لسان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان فهو استشهد بالماضي من أجل أن يبني رؤية مستقبلية للعلاقات مع إيران وحرص على تبرير رفض بلاده الموافقة على عقوبات جديدة ضد إيران. وقال أمام وزراء خارجية منتدى التعاون التركي-العربي, في اسطنبول, quot;لم نشأ أن نشارك في مثل هذا الخطأ, لأن التاريخ لن يسامحناquot;. وتساءل: quot;لماذا العقوبات? لماذا هذا الاستعجال?quot;. وقال quot;العزلة ليست الحل لمشكلات إيرانquot;, موضحاً أن تركيا والبرازيل ستواصلان التحاور مع طهران بعد أن نجحتا في أيار الماضي بإبرام اتفاق مع طهران بشأن مبادلة الوقود النووي وكانا يأملان أن يحول ذلك دون فرض عقوبات جديدةquot;.
وعن تداعيات فرض العقوبات على الساحة الإقليمية, قال عربيد quot;لا شك أن لإيران القدرة على تحريك الكثير من الساحات مثل لبنان واليمن وفلسطين والعراق وحتى أفغانستان, ولا يمكن الحديث عن استقرار دائم في هذه المواقع من دون الاستقرار الإقليمي العام. ومع دخول إيران في مواجهة جديدة مع الغرب فإن الإقليم كله سيتحرك, ويصبح الاستقرار القائم أكثر هشاشة ومعرضاً للانهيارquot;, مضيفاً quot;لا أجزم أن ثمة حروباً قادمة إلى المنطقة ولكن أظن أن الضغط الإيراني سيبدأ ويتصاعد وفقاً لمسار تنفيذ العقوبات وتصاعده, أي إذا ذهبت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى النهاية في تنفيذ إجراءات القرار 1929quot;.
واعتبر عربيد أن quot;الوضع في لبنان مستقر على توازن إقليمي دقيق أساسه التفاهم السعودي السوري, والحائز على قبول إيراني, وقد بينت وقائع الخلاف في مجلس الوزراء على التصويت في مجلس الأمن دقة هذا التوازن اللبناني, ولكن أعتقد أن لبنان بمنأى حالياً عن أي تأثيرات سلبية لقرار فرض العقوبات, لأن الإيراني ليس اللاعب الوحيد في هذا البلدquot;.
أما في فلسطين فالوضع يختلف لأن الصراع هناك مفتوح على مصراعيه, وقد شهدنا حراكاً كبيراً في الآونة الأخيرة من خلال أساطيل كسر الحصار عن غزة. واليوم ثمة تحرك أوروبي يحظى بقبول أميركي لإنهاء هذا الحصار الظالم على غزة, لسحب هذه الذريعة من يد الإيراني, الذي لوح جدياً بالتدخل المباشر من خلال إرسال سفن المساعدات المدنية مصحوبة ببوارج عسكرية. هنا يبرز العامل التركي الداخل بقوة على الخط الفلسطيني, وأعتقد أن تركيا التي ساندت إيران في مجلس الأمن في ملفها النووي, تريد في المقابل قيادة معركة كسر حصار غزة بنفسها, ولن تنظر بارتياح إلى أي تجاوز إيراني لدورها.
في المحصلة, يبدو من مسار الأمور أن فرض الحصار الدولي على إيران قد يكون سبباً لإنهاء الحصار الإسرائيلي على غزة.
واعتبر عربيد أن التطور الجديد في العقوبات هو منح الأميركيين وغيرهم القدرة على تفتيش السفن المتوجهة إلى إيران, وquot;هذا الإجراء يهدد باندلاع مواجهة في أي وقت, وأعتقد أنه سيحدد مصير هذه العقوباتquot;.