سمير عطا الله


عندما وضعت laquo;أوراق السندبادraquo; قبل سنوات، تطوعت سيدة من صديقاتنا لترجمته إلى الفرنسية، قائلة إن قراءه في الغرب سوف يكونون أكثر حماسا من قراء الشرق. وحمل زميل عزيز الترجمة إلى دار نشر فرنسية، لكن صاحبها اعتذر بسبب امتلاء البرنامج ذلك العام. وتطوع زميل آخر بحملها إلى دار أخرى، لكن تبين له ولنا فيما بعد أنه نسيها تحت طاولة السفرة في المطبخ. وطلبت زميلة فرنسية أن تقرأها، فأبدت إعجابها لكنها لاحظت أن الرواية مليئة بأسماء عربية كثيرة لا يستطيع القارئ الفرنسي أن يتابعها. ونسيت الأمر. وقررت أن أكتفي بالطبعة العربية والحمد لله. لكن دار نشر فرنسية علمت بالأمر من الزميلة المذكورة فاتصلت بي قبل عام تسأل إن كنت لا أزال مهتما بالأمر. وأجبت: شديد الاهتمام.

وبعد قراءة الترجمة اتصل بي مسؤول من الدار، وقال: الفكرة جميلة والسرد جذاب، ولكن ما رأيك بإضافة بعض الرسوم الملونة. قلت: ودي عاوزة سؤال. وأبلغني بأنه سوف يوكل الرسوم إلى أبرع فنانة في فرنسا في هذا المجال. وأضاف: laquo;وبالمناسبة، فهي رومانية الأصلraquo;.

ومضت أشهر طويلة نسيت خلالها الترجمة والطبعة والرسوم. وقبل أيام جاءني صوت صاحب الاقتراح بالرسوم الملونة: laquo;تذكرتني؟raquo;. قلت اللعنة على الكبر، أرجو أن تذكرني بسعادتك. قال، أنا صاحب اقتراح الرسوم. والرسوم جاهزة. والرسامة الكبيرة هنا إلى جانبي. متى تستطيع الحضور. أجبت فرحا: قبل أن تغلق السماعة.

اللعنة على زحمة السير في باريس. متى يخترعون التاكسي الطائر لكي تنقل المؤلفين إلى مواعيدهم مع دور النشر وكبار الرسامات. وأخذت أتخيل وأحلم: laquo;سندباديraquo; البصراوي بعمامته العالية يستعد للإبحار على ظهر laquo;العنقاءraquo;. وlaquo;سندباديraquo; يجمع المخطوطات في الصين. وها هو يمر، خلافا لجميع السنابيد الآخرين، في كمبوديا. وهناك أيضا يحب ويتزوج. لا بد من رفيقة على الدرب الطويل.

عندما وصلت إلى الدار كانت عيناي تغرورقان بدموع الفرح. دخلت مكتب الرجل حتى قبل أن تأذن السكرتيرة بذلك. صعقتني رؤية السيدة الجالسة أمامه. إنها إيلينا تشاوشسكو. يا للشبه الغريب. حتى القبعة قبعتها. وعندما أفقت من الدهشة، كانت الرسامة قد بدأت تعرض علي اللوحات: السندباد البصري يعتمر قبعة من القش الإيطالي. وسفينته العنقاء لها قبطان يرتدي سترة بيضاء مثل نيكولاي تشاوشسكو. وزوجة السندباد الكمبودية لها ملامح مارلين مونرو. والإمبراطور الصيني الذي يستلم رسالة هارون الرشيد يشبه ريتشارد نيكسون خلال زيارته إلى موسكو. وسألني الرجل عن رأيي في الرسوم، فقلت بكل أدب: دعني أفكر. لا طبعة فرنسية laquo;لأوراق السندبادraquo;.