راجح الخوري
لم يعد في وسع الرئيس محمود عباس الانخراط مجددا في مفاوضات من اجل المفاوضات، يكون الهدف الضمني منها توفير ما يساعد واشنطن وتل ابيب على تجاوز استحقاقات مرحلية او على الظهور في مظهر الذي يحرص على السلام.
الآن مع عودة السناتور جورج ميتشل الى المنطقة، في مهمة جديدة هدفها اقناع عباس بالذهاب باكرا الى مفاوضات مباشرة مع بنيامين نتنياهو، يبدو واضحا تماما ان ادارة الرئيس باراك اوباما في حاجة ملحة الى تقديم صورة عن استئناف التفاوض الى الاوساط اليهودية في الولايات المتحدة الاميركية هدفها الاساسي الحصول على الصوت اليهودي في الانتخابات النصفية للكونغرس الاميركي بعد شهرين.
في المقابل، يقدم ايهود باراك صورة واضحة عن المصلحة الاسرائيلية من هذه المفاوضات عندما يقول: quot;ان مصلحة اسرائيل تقتضي التوجه الفوري الى هذه المفاوضات. فليس سرا ان وضع اسرائيل الدولي متدهور وان العالم كله يتجند ضدنا بسبب تعثر المفاوضات. واذا تحركت هذه المفاوضات بشكل ايجابي فان امورا كثيرة ستتغير حتى مع تركياquot;.


❐ ❐ ❐

ولكن اين مصلحة الفلسطينيين من الذهاب سريعا الى المفاوضات المباشرة وعلى بياض، بمعنى التفاوض للتفاوض، من دون الاتفاق على اسس الحد الادنى لمواضيع التفاوض واهدافه؟
انه السؤال المحق الذي يستمر الرئيس الفلسطيني في طرحه على الاميركيين وكل المهتمين بموضوع استئناف المفاوضات، لكن من دون ان يحصل على جواب مقنع ومطمئن ويساعده فعلا على ابتلاع هذه التجربة التي يتذوق مرارتها سلفا، وهو العارف ان ليس هناك ما يضمن ان تتوصل المفاوضات المباشرة الى اي نتيجة مفيدة في اطار التسوية!
صحيح ان لجنة المبادرة العربية اعطت الضوء الاخضر للسلطة الفلسطينية قبل اسبوعين، للانخراط في المفاوضات المباشرة، ولكنها تركت لعباس ان يقرر عامل التوقيت وضرورات الاسس التي ينطلق منها الى التفاوض المباشر.
وعلى هذا الاساس فان اصرار السلطة الفلسطينية على صدور نص صريح حول قبول اسرائيل بوقف الاستيطان وربطه بحل الدولتين، يبدو منطقيا جدا ومفهوما.
ولأن ابو مازن يريد تسهيل الامور لا تعقيدها، وخصوصا بعد رفض اسرائيل واميركا تقديم ضمانات خطية بهذا الشأن، فانه يحاول فتح باب ثالث عندما يعلن انه سيذهب الى المفاوضات المباشرة في حال اصدرت quot;الرباعية الدوليةquot; بيانا يحدد مرجعية هذه المفاوضات:
quot;اذا دعت اللجنة الرباعية للذهاب الى مفاوضات مباشرة وفق قرارها الصادر في 19 آذار الماضي، الذي نص صراحة على الدعوة الى المفاوضات على اساس وقف الاستيطان وتطبيق قرارات الشرعية الدولية للوصول الى حل الدولتين، فاننا مستعدون للذهاب مباشرة الى هذه المفاوضاتquot;.
ولكن quot;الرباعية الدوليةquot; في يد الاميركيين الى حد بعيد. ولأن ليس في وسع باراك اوباما إلزام اسرائيل بأي مرجعية للتفاوض، عشية الانتخابات النصفية في الكونغرس، فان ابو مازن يقع هذه الايام وسط حصار خانق، يحاول ان يدفعه الى التفاوض على بياض، وهو تفاوض الهدف الوحيد من ورائه توفير الاطار لالتقاط الصورة التي تخدم ادارة اوباما انتخابيا وحكومة نتنياهو
دعائيا!


❐ ❐ ❐

وسط الضغوط المتزايدة على السلطة الفلسطينية يتعين اطلاق صرخة مدوية: quot;ارفعوا ايديكم عن رقبة ابو مازنquot;. فقد وصلت الضغوط عليه الى درجة التهديدات الاميركية الصريحة بوقف المساعدات عنه وهو ما قد يؤدي الى اسقاط السلطة. ولهذا كان مفهوما ان يقول اول من امس:
quot;كل اتصال هاتفي أتلقاه هو ضغط. الكل يقول لي انه يحيي شجاعتي وحرصي على السلام ولكنهم يطلبون ان اذهب الى المفاوضات المباشرة قبل تحديد مرجعية المفاوضات. هذا هو الضغط. الضغط الذي يمارس الآن لا يحتمل. لا يوجد بشر يمكن ان يتحملوا الضغط الذي
نتعرض لهquot;!