نوال السباعي

عجيب أمر هؤلاء القوم من بعض حكام المنطقة، أو من الدخلاء المغتصبين، ممن جمعتهم هذه الظروف الاستثنائية في quot;سرير واحدquot; كما يقول المثل الإسباني السياسي الشهير!، لم يجدوا غير سرير النذالة هذا للاستراحة فيه معاً من عناء رحلتهم المشتركة الشاقة نحو الجحيم.
بالضبط كما فعلت إسرائيل، ارتكبت بعض الأنظمة العربية خطأ فاحشا، عندما أعربت عن مخاوفها بشأن استيلاء ما أسموه quot;القوى الإسلامية المتشددةquot; على مقاليد الأمور في مصر، وقيام هذه القوى بسرقة الثورة!
أخطأوا.. لأن الإخوان في مصر، كانوا حتى الآن على مستوى الحدث، سياسيا واجتماعيا وتاريخيا، قاموا بواجباتهم في الثورة، نظموا، ورفدوا، وقدموا الكوادر والمساعدات، نظفوا الشوارع والساحات، وضبطوا حركة المرور، حرسوا البيوت والحارات والكنائس، ثم.. أعلنوا أنهم لن يقدموا أي مرشح عنهم لرئاسة الجمهورية، وفي هذا ما يمكن أن يعيد للإخوان مصداقيتهم في الشارع المصري، بعد quot;الغلطةquot; الإستراتيجية التي وقعوا فيها باستجابتهم لدعوة نائب الرئيس المخلوع إلى ما أسماه بالحوار الوطني، والذي كان في حقيقته، حوار سليمان هذا مع نفسه، وهو المصاب ككل أركان النظام المتفسخ بمرض التوحد الاختياري!
قد.. نجد لما فعله الإخوان مبررا، إذا رجعنا وراجعنا ما يصدر عن وسائل الإعلام الغربية المهووسة بموضوع quot;الإسلاميينquot;، ولا يخفى التأثير الصهيوني في الغرب واستخدام الفزاعة الإسلامية الإرهابية، لاستدرار عطف الرأي العام العالمي، لكن الذي كان مخفيا، ولا يكاد يصدقه أحد، هو قيام هذه الأنظمة باستخدام فزاعة الإسلام لتبقى ملتصقة بكراسيها، مستعينة بالغرب وبإسرائيل على قمع شعوبها وتركيعها! ولا يحق لإسرائيل أن تتفوه بكلمة فيم يختص بالثورة المصرية، وهي التي افتُضحت في العالم بالدندنة في قضية انفرادها بالديمقراطية في منطقة تُحرم فيها الشعوب من الحرية والكرامة كما تحرم من الخبز والماء الصالح للشرب.
يحاول الجميع الآن ركوب سفينة الثورة، حتى إن quot;آيات الله العظمى والصغرىquot; حاولوا نسبتها إلى ثورتهم!!، التي لم تمد يد العون في حينه إلى شعوبٍ في المنطقة كانت تئن تحت سوء العذاب،وبدأت ثوراتها تيمناً بثورة إيران، لكن ثورة إيران لم تفكر في تحرير الآخرين إلا من زاوية طائفيتها المقيتة!!، على العكس تماما من الثورة التونسية المصرية، فهي ثورة إنسانية عالمية، ستزلزل الأرض عاجلا تحت أقدام كل الأنظمة الفاسدة في المنطقة، بل وفي العالم، كل الأنظمة المنافقة التي تتشدق بما لا تفعل، وتصفق لنجاحات الآخرين، وتكتم على أنفاس شعوبها لكي لا تصيبهم عدوى الكرامة والشجاعة، أنظمة تعدم البشر وتقطع أيديهم اليوم باسم الإسلام، والإسلام منها بريء!، أنظمة تجلد الظهور وترجم النساء أمام كاميرات العالم المذهول الذي لا يستطيع استيعاب ما يجري، وتفعل ذلك باسم الدين، والدين يلعنها صباحا ومساء، أنظمة تقتاد فتاة مبدعة فتحاكمها وتحكم عليها، وتقتطف من شبابها خمسة أعوام، دون حياء من التاريخ ولا من الرأي العام.
النظام في إيران -وكثير من الأنظمة المتعسفة في المنطقة العربية، وأرجاء أخرى من العالم -، يحتاج إلى اليقظة وبعض الذكاء هذه الأيام، لأن رياح التغيير هبّت، ولأن الشعب الإيراني، ضاق ذرعا بمن يفرض عليه الدين من أضيق أبوابه. ولأن نسائم فجر الثورة المصرية- التونسية الطاهرة النظيفة هي التي ستسري في المنطقة من أقصاها إلى أقصاها، بدعوة الحق والخير والإنسانية والحرية والكرامة، وفهم الدين كما هو، وكما أراده رب العباد، رحمة للعباد، وأمنا للبلاد، دون سفك دماء، ولا إعلانات سخيفة عن تصدير الثورات، وركوب الموجات، حتى لو كانت.. موجات المقاومة والصمود والتحدي!
فيا أصحاب الكراسي والنفوذ والجيوش التي لا تقهر من أصحاب المنطقة، ومن الدخلاء عليها، ننصحكم.. أن تلوذوا بالصمت في أيامكم العصيبة هذه ndash; على رأي عمر سليمان-، لا خوف على ثورتي تونس ومصر من التطرف، بل الخوف.. كل الخوف عليكم وعلى كراسيكم، من أن تصل شعوبكم من مصر نسائم الفجر العليلة، وتصافح وجوهها المتعبة أشعة شمس الحرية من جديد.