شريف عبدالغني

ثبت السادة معارضو laquo;الأسد الجسورraquo; حامي حمى الغابة السورية، أنهم يريدون جنازة ليشبعوا فيها لطماً. فمنذ خرج رجل الأعمال رامي مخلوف، ووظيفته المدونة في بطاقة الهوية laquo;ابن خال سيادة الرئيس بشار الأسدraquo;، وأطل عبر وسائل الإعلام ليدلي برأيه فيما تشهده laquo;الغابةraquo; حاليا، والهجوم لا يتوقف على الرجل بشكل يشكل إرهاباً له وانتهاكاً لحريته في التعبير.
laquo;مخلوفraquo; لم ينطق كفراً حينما تقمص شخصية القذافي وتابعه سيف الإسلام، وقال إن نظام laquo;ملك الغابةraquo; سيقاتل الفئة المندسة والمخربة والخونة والعملاء حتى آخر نفس. لقد نزلت حمم وصواعق الهجوم الفضائية من laquo;المخربينraquo; على نجم laquo;البزنسraquo; الأوحد في سوريا، متناسين أن قتال laquo;الفئة المندسةraquo; واجب على الجميع، نظرا لخطورة الشعارات الإرهابية التي يرفعونها والأهداف التدميرية التي يخططون لها. وأظن أنه لا يختلف عاقل على رعب وغرابة مطالب laquo;الحريةraquo; و laquo;الديمقراطيةraquo; و laquo;حقوق الإنسانraquo;. الرد على هذا الهراء بالكلام لا يكفي، لكني سأستعين بكاريكاتير عبقري للفنان المصري أحمد طوغان نشره قبل سنوات طويلة، وصوّر فيه العالم العربي على حقيقته.. معتقل كبير، يقف أمامه مندوب البريد حاملا خطابا موجها إلى laquo;الإنسانraquo;، فيرد عليه جندي شرطة متجهم الوجه غليظ الملامح: laquo;ما عندناش حد بالإسم ده!!raquo;.
إذن كيف أيها المخربون تطالبون بحقوق كائن هلامي غير موجود أصلا في وطننا العربي الزاهر؟!
ثم أليس من حق laquo;مخلوفraquo; أن يدافع عن نظام قريبه، ضع نفسك مكانه أيها laquo;المخربraquo; منك له، أحد أفراد عائلتك يتعرض لمؤامرة قلة مندسة تعمل على تشويه الإنجازات العملاقة التي تحققت على الأرض السورية، وجعلتها مصدر حقد وحنق من الدول الصناعية الكبرى، فراحت تفكر في ضرب هذه التجربة التنموية وإسقاط الأسد الذي يحمي شعبه، ويحرص على الحفاظ على أمواله سليمة دون نقصان بدلا من صرفها يمينا ويسارا على المنتجات الاستهلاكية وغيرها. لذلك لم يفهم الكارهون لملك الغابة المغزى الفلسفي الذي يتجلى على الحدود السورية اللبنانية، فأصغر قرية داخل حدود لبنان ستجدها عامرة بمختلف السلع والأجهزة، بينما متاجر أكبر مدينة سورية مقابلة لها تكون خاوية على عروشها، والهدف واضح طبعا: حماية السوريين من إغواء شيطان الشراء!
كما أن الإخوة المندسين يأتون في laquo;الهايفة ويتصدرواraquo;، ويجعلون منها حكاية تكشف عن قصورهم الفكري. إنهم يسخرون من كلام laquo;راميraquo; وغيره من المرتبطين بالنظام بشأن الجماعات السلفية المخربة التي تقود المؤامرة داخل سوريا، ويتساءل laquo;الخونة العملاءraquo; دعاة الحرية عليها وعليهم اللعنة: إذا كانت جماعات سلفية متشددة هي التي تقود المظاهرات، فلماذا تعتقل السلطات الكثير من النشطاء المسيحيين؟!
حقيقة السؤال يحمل تشدداً من المعارضين، ويؤكد أن صدرهم يضيق عن تقـبّـل الضعف البشري، فلم يضعوا في حسبانهم أن يكون الجنود المكلفون بالقبض على المندسين مصابين بـ laquo;الحولraquo; في عيونهم، فاتجهوا إلى هدف آخر غير السلفيين المتشددين. مثلما أن تحب laquo;سعادraquo; وعند الاختيار تنطس في نظرك وتختار laquo;نوالraquo;. عادي جدا وتحصل في أحسن الرجال وأجهزة الأمن.
أما ثالثة الأثافي فهي الغمز واللمز حينما أكد laquo;مخلوفraquo; أنه laquo;لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سورياraquo;. استغل كثير من laquo;الفئة المغرضةraquo; هذه العبارة البريئة ليقولوا كلاما غير بريء من عـيّـنة أن نظام الأسد غيـّر بوصلته من laquo;وحدة المسار والمصيرraquo; بين الملفين السوري واللبناني في مفاوضات السلام، إلى أن تكون هذه الوحدة وذلك المسار وذاك المصير مع الملف الإسرائيلي. إن نجم laquo;البزنسraquo; في اعتقادي لم يكن يقصد هذا إطلاقا، فالرجل تحدث من منطلق الدين الذي أوصانا بسابع جار، وإسرائيل لــ laquo;سوريا الأسد وابن خالهraquo; ليست جاراً عادياً إنما هي laquo;الجار الجُنبraquo;، والذي يطل جنوده على دمشق من شرفة laquo;الجولانraquo;، فيرفع لهم الرئيس وابن خاله إشارات المحبة والسلام، ولم يحدث أبدا أن أطلقا عليهم ولا حتى laquo;طوبةraquo; حرصا على الجيرة والعشرة. ومن هنا طبيعي جدا أن يكون استقرار سوريا في صالح استقرار إسرائيل. وهذا ليس جديدا بالمناسبة حتى يتحدث عنه laquo;المندسونraquo; وكأنه سبق واكتشاف، فكل التقارير الواردة من تل أبيب تشير إلى أن بقاء الأسد وابن خاله في القصر الحاكم بدمشق الفيحاء هو في صالح laquo;الدولة العبريةraquo;، وإذا كانت إسرائيل تعتبر حسني مبارك كنزاً إستراتيجياً بالنسبة لها، وقادتها يتوجهون صباح كل يوم إلى حائط المبكى للبكاء على خلعه من الحكم، فمن حقهم قانوناً البحث عن laquo;الكنزraquo; البديل عند الأسد وحبيبه ابن خاله.
والحمد لله أن هؤلاء المعارضين لم ينتبهوا إلى أن تصريحات laquo;مخلوفraquo; تتعارض مع الخطاب الإعلامي لنظام قريبه الأسد، الذي يشدد على أن سوريا بلد laquo;الممانعةraquo;. ولو توصل laquo;المندسونraquo; لهذا التناقض لملأوا الدنيا صياحا بأن كل laquo;أسود سورياraquo; استغلوا اسم laquo;الممانعةraquo; و laquo;إسرائيلraquo; ورفعوا شعار laquo;لا صوت يعلو فوق صوت المعركةraquo;، كحجة لعدم القيام بأي إصلاحات سياسية واقتصادية طوال عقود، وتسخير كل إمكانات الدولة لملف الأمن.. أمن النظام والرئيس وابن خاله.
وبمناسبة الخال وابنه، فالقلة المندسة تدس أنفها بشكل فج في شأن عائلي خاص لا يجوز التدخل فيه. إنهم يتهمون سيادة الرئيس بأنه يجامل ابن خاله حينما وضع مفاتيح اقتصاد الدولة في جيبه ليغرف منه لحسابه الخاص. من أنتم وما دخلكم بهذا الأمر الأسريّ الخاص. حينما تتولون الحكم أعطوا المفاتيح لمن تحبون.. فهذا -حسب العُرف العربي- حقكم الدستوري الذي لا ينازعكم فيه أحد. ثم إن سيادة الرئيس إذا لم يساعد ابن خاله لقلتم أن الأسد غير بار بأهله وأقاربه، ومن ثم لن يكون باراً بالشعب على اعتبار إن laquo;اللي مالوش خير في ابن خاله، ينكسف من بنت خالتهraquo;.
لكن اللافت أن هؤلاء المعارضين من قلة عقلهم وغبائهم المعتـّـق تركوا القضية المحورية وتمسكوا بسفاسف الأمور، فقد تجاهلوا السؤال الجوهري الذي كنت سأحترمهم لو طرحوه، وهو: لماذا أعطى الأسد المفاتيح لابن خاله ولم يعطها لابن عمته؟!