جمانة غنيمات


ألا تخجل quot;المقاومة والممانعةquot; العربية من روح الطفل السوري الشهيد حمزة الخطيب، ألا ترتبك أمام براءة جسده الغض الذي اخترقته رصاصات quot;شبيحةquot; النظام السوري.
لا أظن أن ثمة ما يستفز أكثر من الدماء التي نزفت من جسد الطفل البريء، وأعتقد أن العذابات التي تعرض لها قبل أن يرحل وقبل أن يكتمل وعيه بما يدور حوله تكفي لإدانة من ارتكب هذه الجريمة.
حمزة الذي تفاجأ بصحوة عربية عنوانها الربيع العربي، تعلم مبكرا معنى المطالبة بالحق والحلم بالحرية، وُئدت أحلامه مبكرا بأسلحة نظام مأزوم وجد في جسد الطفل مستقرا لحقده، ولم يبال لحظة واحدة ببراءة حمزة الذي خرج احتجاجا على اعتقال أبناء مدينته درعا.
حمزة، ومن دون أن يدري، قدم لنا نموذجا شامخا في المقاومة الحقيقية للظلم والاستبداد، وعرّى مقاومات طالما باعت شعارات زائفة للناس واختبأت وراءها، ها هي اليوم تبدو هزيلة وضعيفة أمام جسده الذي تظهر آثار الرصاص في ذراعه وصدره وفي بطنه، ولا تخفى الكدمات في وجهه وفي قدميه.
ما حصل لحمزة الخطيب وصمة عار في وجه من قتله، وفي وجه الأنظمة الدموية التي تاجرت طويلا بالمقاومة والممانعة، وباعت واشترت بمشاعر العرب جميعا حينما سوقت لنا مشروعا وهميا استغل طموحات الأمة ورغبتها بالمقاومة وباستعادة حقوقها.
الرصاصات التي استقرت في جسد حمزة لم نر منها واحدة تتجاوز حدود الجولان، رغم المزايدات الكثيرة التي أشبعنا إياها النظام السوري منذ الأزل، والذي بقي يلعب دورا جسّده رامي مخلوف بعبارة واحدة حين أكد للإعلام العالمي بأن quot;أمن إسرائيل من أمن النظام السوريquot;.
كل هذه الدماء وكل هذا القمع ولم تكتشف المقاومة العربية حتى اللحظة أينما حلت أن المقاومة الحقيقية لا تخرج من رحم أنظمة ديكتاتورية بل تولدها أنظمة ديمقراطية حرة تعبر عن تطلعات الشارع ومصالحه.
كل هذا الظلم وما تزال المعارضات التقليدية تدافع عن نظام دموي وظالم وديكتاتور، يستقوي على جسد طفل بريء رحل وفي خياله حلم بسورية لا تتواطأ مع العدو المحتل ولا ترتكب المجازر تلو المجازر في حق شعبها.
يا معشر quot;الممانعينquot;؛ ألا يكفي كل هذا الدم لترفعوا الغطاء والشرعية عن نظام فقد شرعيته منذ أول قطرة دم سالت على أرض سورية.
ويا أيها الثوريون؛ ألا يقنعكم كل هذا الدم وهذا القتل وهذه المجازر لتعترفوا أن الشرعية تمنح من الشعوب وليس من خطاباتكم الرنانة وتدليسكم.
حمزة وآلاف السوريين دفعوا الثمن واستشهدوا في سبيل غد مشرق سيأتي من دون أدنى شك، ومن أجل ربيع مؤجل لن يجف قبل أن يحل على كل المنطقة، وسيعلم كل المقاومين والمعارضين أنهم خسروا ثقة الناس جميعا، فالمقاومة لا تُجزأ بحسب المصالح والأهواء.