خلف الحربي


أمس فكرت بأن أصبح أخونجيا ليس لقناعة بفكر الإخوان المسلمين ولكن (عنادا) في بعض المثقفين والصحفيين المنافقين الذين تخصصوا هذه الأيام في تضليل الشارع العربي وإلصاق أي تهمة بالإخوان المسلمين، ولكنني تذكرت أن الإخوان المسلمين لا يمكن أن يقبلوا بانضمام من هو مثلي إلى صفوفهم خصوصا أنني لا أستطيع الإقلاع عن بعض العادات السيئة مثل التدخين والاستماع لأغاني محمد عبده ومشاهدة الأفلام الأمريكية، وحتى لو تجاوزت كل ذلك فإن الإخوان سوف يطردونني من الجماعة منذ الأسبوع الأول لأنني لا أملك مهاراتهم في اللف والدوران!.
أنا لا أميل إطلاقا لمنهج الإخوان المسلمين.. ولا أتوقف عن نقدهم بمناسبة أو دون مناسبة، ولكن هذا الاختلاف لا يمنحني الحق في تضليل القراء وخلط الأوراق وتغييب الحقيقة وتصويرهم وكأنهم وراء كل حدث جلل في الوطن العربي، هذا كذب لا يليق بكل شخص يحمل أمانة القلم، فالقراء ليسوا أطفالا كي نبيع عليهم هذه الخرافات وهم يعرفون جيدا أن الهدف الحقيقي من الترويج للبعبع الإخواني ينبع أساسا من منهل غير نظيف!.
الإخوان المسلمون ليسوا مخلوقات فضائية هبطت علينا من كوكب عطارد بل هم ينتمون إلى واحد من أكبر وأقدم الأحزاب السياسية في الوطن العربي، ومهما اختلفنا معهم إلا أن هذا لا يلغي أنهم قدموا مجموعة لا يستهان بها من السياسيين والمفكرين ورجال الاقتصاد في كافة أنحاء العالم العربي، وقد دفعوا أثمانا غالية من أجل الحفاظ على وجودهم خصوصا في مصر وسوريا، ولو تقاعس الإخوان عن مناصرة القضايا التي تشغل الشارع العربي اليوم لاتهمهم الناس بالنفاق والدجل، وهم في كل ثورات الربيع العربي وقفوا في ذات المكان الذي يقف فيه الليبراليون والسلفيون وبقية التيارات الأخرى فكيف يكون عملهم شريرا وعمل غيرهم بطوليا؟!.
المشكلة باختصار أن البعض يريد من الإخوان المسلمين أن يتحولوا إلى بلهاء وسذج بحيث يضحون بقدراتهم المالية والشعبية والإعلامية الهائلة التي صنعوها خلال ثمانية عقود فيذهبون إلى صناديق الاقتراع كي يصوتوا لليبراليين أو السلفيين!، هذا بطيخ سياسي.. فهم لم يكافحوا كل هذه السنوات كي يسلموا الراية لمنافسيهم، وانتصاراتهم المدنية قد لا تكون خبرا مفرحا للبعض ــ وأنا منهم ــ ولكنها بالتأكيد ليست كارثة أو خيانة فهم في كل الأحوال لم يصلوا إلى الحكم عبر الدبابات ولم يمارسوا المعارضة عبر الأحزمة الناسفة.
يؤسفني جدا أن أدافع عن الإخوان المسلمين، وأعلم علم اليقين أنهم لا يحتاجون إلى دفاعي عنهم، ولكنني أفعل ذلك كي أدافع عن عقلي وقناعاتي، فالأمر الذي لا يمكن إخفاؤه اليوم أن العديد من باعة الكلام لا يجرأون على الدفاع المكشوف عن الطغيان والاستبداد فيتخذون طريقا فرعيا يتمثل في التحذير من خطر الإخوان المسلمين!.