سليمان إبراهيم الخضاري

العلاقة بين تركيبة أي مجتمع والسلطة الحاكمة فيه هي علاقة معقدة، تتدخل في تحديدها جملة من العناصر المختلفة والأبعاد المتنوعة، وهي بالمناسبة علاقة ليست ذات اتجاه واحد، فتركيبة المجتمع تتدخل في تحديد ملامح السلطة، وطبيعة النظام تلقي بظلالها على تركيبة المجتمع.
كل هذا لا يعدو كونه من مسلمات علم الاجتماع السياسي، لكننا نراه منطلقا ضروريا لمقاربة ظاهرة نراها في واقعنا الكويتي، وهي ما يمكن تلخيصه بشيوع ثقافة انتقاد السلطة السياسية على الأقل في جانبها التنفيذي، فالجميع يعدد في مساوئها وأخطائها، لكن هذه الشجاعة في نقد السلطة لا تقابلها شجاعة مماثلة من قبل السياسيين والكثير من المثقفين والشخصيات الفاعلة في نقد المجتمع ومؤسساته المعنوية تشكيلات دينية ومذهبية وقبلية وتجمعات فئوية أخرى- وسلطات ذلك المجتمع بما تنعكس من آثار سلبية على واقعنا السياسي والثقافي وغيره.
ضرورة وأهمية هذا الحديث تتعلق بالواقع المزرِي الذي وصلنا إليه خصوصا في مستوى التجاذبات المذهبية والعرقية الطاغية على نقاشات تتعلق بقضايا حقوقية كما في سورية والبحرين، والتي لسخرية القدر- يفترض بها كنقاشات إعلاء قيمة الانسان والانتصار لحريته وكرامته، وإذا بنا ننتفض لكرامة الانسان في البحرين وسورية، بينما سحقنا وبكل قسوة قيمة الانسان الكويتي المتمثل في ذلك المختلف عنا مذهبيا أو سياسيا!
لماذا يحدث كل هذا عندنا في الكويت؟
إن المشكلة الطائفية والاصطفافات في مجتمعاتنا العربية بشكل عام وليس في الكويت بالتحديد - لها كغيرها من المشاكل - علاقة موضوعية بوجود مسبقات نمطية وترسبات تاريخية واجتماعية تلعب دورها في تغذية ثقافة الكراهية والشك بين شرائح المجتمع، لكن المشكلة الأكبر هي في غياب أو ضعف الجرأة لمواجهتها من قبل الكثير من النخب المؤثرة.
ولعل طبيعة تركيبة النظام السياسي في الكويت وهو الهجين بين النظامين الرئاسي والبرلماني قد ألقت بظلالها على أزماتنا الاجتماعية والسياسية، فوجود سلطة تنفيذية يتم تشكيلها من خارج البرلمان وتباشر عملها من دون اشتراط حصولها على ثقة البرلمان، بالإضافة لكونها مسرحا للطامحين من أبناء الحكم لإثبات كفاءتهم أملا في الترقي في سلم السلطة، كل ذلك جعل السلطة هدفا اتفقت على نقده مختلف تشكيلاتنا السياسية والاجتماعية في مراحل متفاوتة بالطبع - بحكم قربها - أي السلطة - من هذه الشريحة أو تلك طبقا لمعطيات اللحظة السياسية، وذلك لسهولة انتقاد الآخرين خصوصا من هم في السلطة.
لكن ما نريد قوله باختصار مع ادراكنا لمساهمة السلطة في ما وصلنا إليه وضرورة نقد دورها في ذلك، هو أن الوقت قد حان لمراجعة حقيقية تجريها جميع الشرائح الاجتماعية والتشكيلات الدينية والسياسية لمجمل مسيرتها ودورها في واقعنا الكويتي ومدى اسهامها في الوضع الذي