علي سعد الموسى

عندما ابتكر العرب فكرة ـ المراقبين ـ على يوميات القتل ـ الأسدي ـ لشعب سورية العربي المسلم، اختاروا على رأس المهمة، مطلوباً سابقاً، وبالأوراق إلى محكمة الجنايات الدولية، بوصفه واحداً من أذرع التصفية الجسدية في حرب الإبادة المأساوية في إقليم دارفور. والمعادلة المضحكة المبكية أن العرب لم يجدوا من بين 360 مليون مواطن عربي إلا الجنرال ـ محمد الدابي ـ الذي كان أكبر مهلة للقتل والسحل في شوارع سورية، ولا أعلم من أين جاؤوا به وكيف وصلوا إليه ولماذا اختاروه في طريقة لا تشبه إلا العثور على إبرة في جبل من القش. كان لا بد من العثور على مثل هذه الإبرة. أن يأتوا بمن اعتادت عيناه مشاهد القتل كي يراقب مشاهد القتل ولكن في طرف آخر من الخريطة. كان محزناً أن تشاهد الجنرال محمد الدابي يبتسم أمام الكاميرا في شوارع حمص وخرج منها لتبدأ في اليوم الذي يليه قصة بابا عمرو بكل فصولها المأساوية المحزنة. ومثلما قال لي، وقال لهذه الصحيفة أيضاً، الدكتور، هادي اليامي، عضو لجنة المراقبين فقد أسقط الجنرال محمد الدابي في تقريره النهائي لمجلس الجامعة جل تقارير اللجان الفرعية، بما فيها تقرير لجنة المعتقلين الذي لم يشر إليه، وللمفارقة أيضاً، لم يسأله أحد قط يوم تقديم التقرير إلى مجلس الجامعة. كان محمد الدابي ـ وفكرة المراقبة ـ العربية أكبر مهلة للقتل بمثلما كان هدية التسويف والمماطلة التي احتاجها النظام. ومن يتابع تفاصيل المأساة السورية فسيدرك أنها كانت المرحلة التي عبر بعدها نظام البعث الأسدي إلى مفترق انقسام المجتمع الدولي ومن ثم بدء لعبة القتل استناداً إلى مواقف القوى الدولية المختلفة. استغرقت مهمة الجنرال محمد الدابي 63 يوماً منذ يوم الإعلان حتى يوم دفن الفكرة، وكانت هذه الفترة كافية لبشار وزمرته لإعادة ترتيب الأوراق وخلط الوقوف على تباينات المواقف. ومن المآسي أن ذروة الأرقام في عدد قتلى الثورة السورية كانت في يوم استقبال بشار الأسد لجنرال المراقبة، فتاريخ الجنرال مجرد ـ عداد ـ للجثث من دارفور إلى حمص. ومحمد الدابي لم يكن يمثل نفسه، بل يمثل كامل العقلية العربية. أكتب اليوم، وساحة القتل، تستقبل نرويجياً وضعه المجتمع الدولي على رأس فكرة المراقبة. آمل أن نجد الفرق.