عبدالعظيم درويش

بات من المفروض علي رموز تيار الإسلام السياسي الإخوان المسلمين والسلفيين بذل جهود مكثفة لترميم مصداقية جماعاتهم لدي جماهير المواطنين ــ وهي المصداقية التي تآكل معظمها نتيجة اعتيادهم خلال الفترة الماضية علي القفز بين دوائر المتناقضات الأبيض والأسود.

إذا ما كانوا لايزالون حريصين علي الحفاظ علي مكاسبهم التي حققوها خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة, وهي المكاسب التي يري البعض أنها جاءت عن طريق خطأ غير مقصود من جانب ناخبين وقعوا ضحية فضيلة البحث عن بديل لنظام اعتاد قهرهم, فجاءوا بنواب جماعة كانت أقرب إلي عنوان هذا القهر والظلم!!
من المؤكد أننا أصبحنا أمام مشهد جديد تحاول فصائل سياسية عدة أن تفرضه ــ وفق مصالحها الذاتية ــ ليصبح واقعا يعايشه المواطنون أو يعانون منه.!! ولعل ما جري لرموز التيار الديني خلال الأسبوع الماضي سواء من جانب طلاب جامعة المنصورة أو شباب الثورة في التحرير أمر يكفي تماما لإقناع رموز هذا التيار بإجراء مراجعة شاملة لممارساته!!
وإذا كان البعض ــ ومعه كل الحق ــ يري أن جماعة الإخوان المسلمين قد خالفت ما سبق وأن تعهدت به مرارا بأنها ستمد ذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة لتشارك ــ دون أن يغالب ــ في صياغة مستقبل الوطن إلا أن واقع ممارساتها سواء تحت قبة البرلمان حيث أكسبتها طبائع الاستحواذ والإقصاء, وهو ما اتضح بصورة كاملة في إصرارها علي الإحتفاظ بأكبر نسبة لنوابها في عضوية اللجنة التأسيسية للدستور, خاصة أن السطور هذه قد صيغت قبيل إعلان نتائج الاجتماعات الخاصة بإعادة صياغة أسس اختيار الهيئة التأسيسية للدستور, وما إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين قد تخلت بالفعل عن تمسكها بمزاحمة أعضاء الهيئة من جانب نوابها بالبرلمان!!
الأمر لم يقف بالنسبة للجماعة عند هذه الحدود بل إنها أصرت علي اقتحام ماراثون الرئاسة علي الرغم من تكرار نفيها ذلك الأمر, أو تغليب نزعة الانتقام وتصفية الحسابات وهو ما ترجم واقعيا بإصرار نوابها علي صياغة تعديلات علي قانون مباشرة الحقوق السياسية هم أنفسهم متأكدون من عدم دستوريته, أو في أفضل الحالات عدم تطبيقه بأثر رجعي وهو ما تنتفي معه المصلحة الحقيقية في إبعاد رموز نظام انهارت بالفعل رأسه دونه.!!
وبات علي الجماعة أن تسوق لمريديها تفسيرا منطقيا لحالة الإنقلاب علي المجلس العسكري والذي جمعها وإياه شهر عسل لم يصمد طويلا أمام طموحاتها فانقلبت عليه وهو ما بدا واضحا في تصريحات خيرت الشاطر وبديله في ماراثون الرئاسة محمد مرسي!!
إن ما يشهده الوطن حاليا يفرض علي الجماعة ــ باعتبارها صاحبة الأغلبية ــ أن تؤدي فريضة مشاركة الجميع دون إقصاء أو تعال, فنوابها لم يعودوا نواب الجماعة بل نواب الشعب كله, خاصة أن مستقبل الوطن يستوجب عليها تعهدات جديدة تقطعها علي نفسها بألا تنفرد بالقرار, وأن يكون هدفها بالفعل المشاركة لا المغالبة أو الاستحواذ.. أن تجمع لا أن تفرق.. أن تصون لا أن تبدد.. أن تهجر بالفعل خطيئة الأنانية التي باتت تسبح فيها!!
الأمر بالنسبة للسلفيين أكثر تعقيدا مما هو عليه بالنسبة للجماعة, إذ أن الجماعة السلفية قد تلقت ضربات قاتلة في مصداقيتها أمام جمهور الناخبين.. بداية من تناقض موقفها المبدئي لا خروج علي الحاكم مع ما أقدمت عليه بعد تبيان نجاح الثورة, ومرورا بأنف نائبها بالبرلمان ونهاية بإصرار بعض من مريدي المرشح المستبعد حازم أبو اسماعيل ــ لأسباب قانونية ــ علي لي الحقائق والتهديد بإسالة دماء المواطنين باعتبارها فاتورة إسكانه قصر العروبة, ولا عزاء للقانون أو سيادته وأقصد القانون وليس أبو اسماعيل!!