لندن

أصداء انتخاب quot;محمد مرسيquot; رئيساً لمصر، وتداعيات إسقاط طائرة تركية بواسطة المضادات السورية، والتحذير الذي وجهه رئيس إم.آي. 5 بشأن المخاطر التي بات quot;الربيع العربيquot; يمثلها على المملكة المتحدة... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض أسبوعي للصحف البريطانية.

---------

مخاوف مشروعة

في مقاله المنشور بـquot;الديلي تلغرافquot; يوم الاثنين الماضي، والمعنون بتساؤل مؤداه: هل ستتحول مصر لإيران جديدة؟quot;، ذكر quot;كون كوجلينquot; القراء بما كان قد قاله من قبل، وهو أن quot;الربيع العربيquot; المزعوم، لن يجلب سوى الإحباط، وأن رؤيته هذه لا تجعله يرتاح كثيراً لما انتهت إليه انتخابات الرئاسة المصرية التي جاءت برئيس إسلامي للسلطة. والكاتب يرى أن تلك المحصلة كانت متوقعة، لأن أي شخص لديه اهتمام بالسياسة، ومعرفة بطبيعة الأحوال في مصر، كان لا بد أن يفهم أن الصراع في ذلك البلد المهم سينحصر عقب سقوط مبارك، بين المجلس العسكري الحاكم من جهة، والإسلاميين من جهة أخرى، وعلى رأسهم بالطبع جماعة quot;الإخوان المسلمينquot; نظراً لما تتمتع به الجماعة من قدرات تنظيمية ومهارات انتخابية تمكنها من خوض حملات انتخابية قوية. ويرى الكاتب أن انتخاب محمد مرسي رئيس حزب quot;الحرية والعدالةquot; الذراع السياسية للجماعة، يبشر بخير لمستقبل مصر، على الرغم مما يقال عنه من إنه يمثل الوجه المقبول المعتدل للإسلام السياسي، وأنه قد أبدى استعداداً وقابلية للتعاون مع الأطراف كافة، وتكوين حكومة ائتلافية تضم طيفاً واسعاً من الشخصيات الوطنية. ويرىquot;كوجلينquot; أن الرئيس المنتخب لن يستطيع إملاء وتنفيذ السياسات التي يريدها، حتى لو وقفت الجماعة والحزب وراءه، وذلك بسبب استمرار سيطرة المجلس العسكري على مقاليد الأمور، خصوصاً بعد حل البرلمان وصدور الإعلان الدستوري المكمل الذي وفر له - للمجلس - صلاحيات واسعة. على الرغم من ذلك يخشى الكاتب من أن يكون انتخاب مرسي هو quot;طرف الخازوق الظاهرquot; وأن يتكرر في مصر ما حدث في إيران من سيطرة للتيار الإسلامي عقب الثورة التي حدثت هناك عام 1979، على الرغم من أن الدلائل كافة كانت تشير إلى صعوبة ذلك البالغة. ويمضي للقول إنه حتى ولو تم الافتراض بأن مرسي رجل معتدل حقاً - حسبما يظهر من خطابه على الأقل - إلا أن الخشية كل الخشية هي ممن يقفون وراءه والذين هم بالتأكيد ليسوا معتدلين على الإطلاق.

عقبات الطريق

تحت عنوان quot;مصر ليس لديها دستور ولا برلمان ولا سيطرةquot;، كتب quot;روبرت فيسكquot; مقالاً في عدد quot;الإندبندنتquot; أمس الأول، رأى فيه أنه على الرغم من الفرحة الغامرة التي شعر بها الإسلاميون والمتعاطفون معهم في مصر لانتخاب محمد مرسي رئيس حزب quot;الحرية والعدالةquot; المنبثق عن جماعة quot;الإخوان المسلمينquot; رئيساً لمصر، فإن العقبات العديدة التي تنتظر هذا الرئيس كان يفترض أن تدعو كل هؤلاء إلى عدم الإفراط في التعبير عن مظاهر الفرح. ويقول quot;فيسكquot; إن مرسي quot;سيسير متعثراً في طريقه وقد تعلقت قدامه بأثقال معدنيةquot;، تحول بينه وحرية الحركة، لأن الحقيقة هي أنه سيحكم من دون برلمان، ومن دون دستور، وفي ظل أوضاع يسيطر فيها المجلس العسكري على مفاصل الدولة كافة ويمسك في يديه بزمام الأمور.

وعلق quot;فيسكquot; على الاهتمام المبالغ فيه الذي أبدته محطتا (سي.إن. إن) الأميركية وquot;بي.بي.سيquot; البريطانية بالخطاب الافتتاحي لمرسي، وما أسبغوه على الرئيس المنتخب من سناء لنبرته التصالحية، وهو يرى أن سبب الاهتمام يرجع لأن تلك الأوصاف التي أضفوها على خطاب مرسي، تتفق مع الخطاب الغربي عن الشرق الأوسط (التقدمي، غير الطائفي وما إلى ذلك). إلى جانب ذلك، يرى الكاتب أن تغطية الصحف المصرية للمرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية كانت quot;شريرةquot;، وأنها تكشف عن مدى المخاطر التي يمكن أن تواجهها مصر في المستقبل القريب. وأشار في هذا الصدد إلى ما ذكرته صحيفة الدستور، وهو أن الإخوان quot;كانوا يعدون لمذبحةquot; إذا ما فاز شفيق، ولما قالته صحيفة الفجر عن أن الإخوان المسلمين quot;يخططون لتحويل مصر لإمارة إسلاميةquot;. وهو يرى أن الروائي المصري الشهير جمال الغيطاني كان مبالغاً لحد كبير عندما قال إن مصر quot;تعيش لحظة مشابهة للحظة صعود هتلر لسدة الحكم في ألمانيا النازيةquot;. وأشار quot;فيسكquot; في هذا السياق، إلى محاولة quot;سعد الكتاتنيquot; رئيس البرلمان المحلول طمأنة المصريين عندما قال إنه يستبعد تكرار ما حدث في الجزائر عام 1991، لأن quot;الشعب المصري يختلف في طبيعته عن الشعب الجزائريquot;، علاوة على أنه quot;غير مسلح وأن الإخوان لن يلجأوا للعنف، وسوف يعملون على معارضة الإجراءات التي اتخذها العسكر من حل للبرلمان، ومنح الضبطية القضائية للشرطة العسكرية والمخابرات، وتجميعهم لمعظم السلطات في يدهم بالوسائل السلميةquot;. ورأى الكاتب في نهاية مقاله أن الثوار الذي أشعلوا شرارة الانتفاضة ضد مبارك يجب أن يتخلوا عن الكثير من شعاراتهم التي تبدو مثالية، وأن يركزوا في الوقت الراهن على التلاحم مع جموع الفقراء الذين صوتوا لمرسي.

ضبط النفس

في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي، التي اختارت لها عنوان quot;حذر تركي عند المنزلق السوريquot;، رأت الـquot;فاينانشيال تايمزquot; أن رد فعل رئيس الوزراء التركي على إسقاط سوريا طائرة تركية، جاء متوازناً لحد كبير، واتسم بضبط النفس، على الرغم من أنه ليس من الشخصيات التي يمكن وصفها بأنها تتسم بضبط المشاعر العاطفية، بدليل ما قاله حين وقوع حادث الباخرة quot;مافي مرمرةquot; عندما وصفها بأنها quot;مجزرة دمويةquot;، وألا يجب على أي أحد مهما كان quot;أن يختبر صبر تركياquot;. تثني الصحيفة على رد فعل تركيا وعدم استجابتها للفخ السوري الذي كان يريد جرها إلى مواجهة لإشعال الموقف إقليمياً، وتفضيلها بدلاً من ذلك تدويل الموضوع من خلال المطالبة بعقد اجتماع لحلف quot;الناتوquot; لمناقشة الحادث.

وترى الصحيفة أن ذلك الحادث يكشف عن الخطورة البالغة للنظام السوري الذي يمكن أن يلجأ لأي شيء لضمان بقائه، وأن الأسلوب الأمثل للتعامل معه هو العمل على عزله دولياً، مع مواصلة العقوبات، ومواصلة الضغط، حتى يحدث نوع من التفكك التدريجي في بنية النظام من خلال الانشقاقات والمقاومة المسلحة، على أن يكون ذلك مقروناً بالتزامن مع ممارسة ضغط على روسيا لحثها على التوقف عن مساندة النظام من خلال إمداده بالأسلحة التي تساعده على الصمود، حيث إنه لم يعد من المقبول أخلاقياً أن تستمر في دعم نظام، لا تتوقف آلته الدموية عن قتل شعبه كل يوم من دون أدنى رحمة.

سموم الربيع

كتب quot;نيك هوبكنزquot; تقريراً في عدد quot;الجارديانquot; يوم الاثنين الماضي تحت عنوان quot;إم. آي -5quot;، يحذر من أن quot;القاعدةquot; تسترد موطئ أصبعها في بريطانيا بعد quot;الربيع العربيquot;، أورد فيه نص التحذير الذي وجهه quot;جوناثان إيفانزquot; رئيس الاستخبارات البريطانية الداخلية المعروف اختصاراً بـ quot; إم آي -5quot;، الذي قال فيه quot;إن الجهاديين البريطانيين المحتملين يسعون إلى الحصول على التدريب على العمليات الإرهابية في الشرق الأوسط، خصوصاً في الظروف الحالية التي تحولت فيها أجزاء من الشرق الأوسط مرة أخرى لبيئة مواتية لنشاط القاعدةquot;، وأشار التقرير إلى ما ذكره إيفانز عن رصد جهازه محاولة أعداد تقدر بالعشرات من الإسلاميين البريطانيين من أبناء الجاليات المهاجرة، الاتصال بعدد من تنظيمات العنف المسلح في الشرق الأوسط، وأن أعداداً منهم قد سافرت بالفعل إلى القرن الأفريقي، خصوصاً إلى الصومال، حيث تلقت تدريباً في معسكرات تنظيم quot;شباب المجاهدينquot; المنبثق عن quot;القاعدةquot;. وأورد التقرير نص تصريح آخر لـquot;إيفانزquot; قال فيه quot;إن ما يحدث هو إفراز جانبي لظاهرة الربيع العربي الذي أدى إلى خلق ظروف وفرت أجواء مواتية للقاعدة لاستعادة موضع إصبع كان لها في بريطانياquot;.

إعداد: سعيد كامل