عبد الرحمن الراشد

إن تمكن فاروق الشرع، نائب الرئيس السوري، من عبور الحدود الفاصلة إلى الجارة الأردن يكون ذلك صدمة جديدة توجه للنظام، ومع هذا لن تسقطه. الشرع من درعا، المنطقة التي بدأت الثورة على بشار الأسد بعد اعتقال أطفال وتعذيبهم بقسوة لأنهم كتبوا على حائط عبارات معادية. ودرعا ممر مهم للمنشقين وتهريب السلاح، لكونها تقع جنوب العاصمة، على بعد نحو ساعة بالسيارة، وهي بوابة الحدود مع الأردن، ولهذا استهدفتها قوات الأسد بالقصف والقتل بلا توقف منذ سبعة عشر شهرا، وفشلت في إخماد انتفاضتها.

الشرع أهميته أنه جزء من النظام، يعرف أسراره العليا لعقود طويلة، بخلاف رياض حجاب رئيس الحكومة الذي انشق هو الآخر فقط بعد أربعين يوما من تكليفه بالوظيفة.

أما الذي يوجع النظام بشكل مباشر فهو انشقاقات القيادات العسكرية والأمنية، كما حدث مع بضعة قادة خلال الشهرين الماضيين، وكان آخرهم يعرب الشرع، ابن عم فاروق الشرع، أحد مسؤولي الأمن في دمشق، وقبله مناف طلاس. وأهمية القادة والضباط المنشقين في دعمهم للجيش الحر وقدرتهم على دعم الثوار.. فتفجير المقر العام لقيادة الأركان الأسبوع الماضي، وقبله انفجار مبنى الأمن القومي، يبدو أنهما نتيجة اختراق بفعل الانشقاقات العسكرية والتواصل مع العاملين في هذا القطاع.

وكما نرى فإن انشقاق رجل بوزن الشرع، نائب رئيس الجمهورية، وتكليف الأخضر الإبراهيمي مبعوثا دوليا للبحث في إنهاء نظام الأسد سلميا، حدثان مهمان، إنما لن يغيرا شيئا في دمشق، بسبب موقف روسيا المتحمس لحماية النظام على كل الأصعدة. الذي يغير الوضع، ويسقط النظام، وينهي المأساة هو الاهتمام بالشق العسكري؛ دعم الجيش الحر والمقاتلين بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية.. فقد أنجزت الثورة السورية مراحل التغيير الأساسية، أولاها كانت التأكيد على أن إسقاط النظام هو رغبة غالبية الشعب السوري، وكسب التأييد الدولي، ثم التحول إلى المواجهة المسلحة بسبب عنف النظام. ومن المؤكد أن غالبية كبار المسؤولين في النظام راغبون في الفرار، وأن الكثير من أفراد القوات الأمنية والعسكرية أيضا راغبون في الانشقاق، لكن لن يكون الأمر سهلا عليهم.

فقد النظام عشرات من رؤوسه من وزراء وقادة أمنيين وعسكريين وبقي الرأس العنيد، بشار الأسد، الذي أثبت أنه من الشراسة والوحشية بما لم نعرف مثله في تاريخنا الحديث. ما فعله في الأشهر الماضية من جرائم متعمدة ضد المدنيين، تجاوز في بشاعته ما فعله أبوه حافظ الأسد، وتجاوز أقسى ديكتاتوريي المنطقة مثل صدام حسين ومعمر القذافي.