عبد الناصر سلامة

حالة الغضبrlm;,rlm; التي عبر عنها أهالي حي عابدين بالقاهرةrlm;,rlm; وغيرهمrlm;,rlm; خلال عرض بعض النشطاء السياسيين علي النيابة بمحكمة جنوبrlm;,rlm; التي تقع بدائرة الحيrlm;,rlm; أكدت أن هناك حالة استنفار وتحفز شعبي تجاه هؤلاء النشطاءrlm;,rlm; وغيرهمrlm;,rlm; ممن يتطاولون بصفة خاصة علي الجيش والشرطةrlm;,rlm; وقد بلغت هذه الحالة مداهاrlm;,rlm; لدرجة محاولة الاعتداء علي هؤلاءrlm;,rlm; بل تم الاعتداء عليهم بالفعلrlm;,rlm; ولولا تدخل رجال الأمن لوقعت الكارثةrlm;,rlm; حيث كان هناك إصرار علي الفتك بهمrlm;.rlm;

هذه هي الحالة, وهذا هو الشعور السائد في أوساط الغالبية العظمي من الشعب, التي تري أن التطاول علي الجيش أو الشرطة, سواء بالقول أو الفعل, خط أحمر, وقد بدا واضحا أن جموع الشعب سوف تتصدي, وبقوة, كلما استشرت الحالة, أو تمادي هؤلاء في ممارساتهم, وبالتالي أصبح الأمن في وضع لا يحسد عليه, بعد أن بات مطالبا بحماية المحرضين عليه, والمناوئين له, من انتقام الوطنيين الشرفاء, الذين عز عليهم استهداف جيش بلادهم, أو قواتهم الأمنية بسوء, سواء لمصالح شخصية, أو لإملاءات خارجية, أو هما معا.
وحالة الغضب الشعبي, هذه, أصبحنا نراها بصفة شبه يومية, في المواجهات مع المتظاهرين, وخاصة إذا كان منظموها يرفعون أو يرددون شعارات مناوئة للجيش أو الشرطة, وبالتالي أوكلت هذه المهمة تلقائيا إلي الشعب, دون طلب, ودون تفويض, بل لن يستطيع أحد سلبه هذا الحق, لأن الأمر يتعلق بعقيدة متجذرة, ترعرع عليها المواطنون الغيورون علي وطنهم, الذين يدركون جيدا, أنه لا وطن دون جيش قوي, ولا أمن دون شرطة فاعلة.
ولتكن لنا العبرة في دول عديدة حولنا, سقط فيها الجيش, وتوارت الشرطة, وكانت النتيجة الطبيعية هي الحروب, والتفجيرات, والاغتيالات, والطائفية, والتقسيم, والمجاعة, والانهيار, وما يفصل بيننا وهذه الدول, الآن, أو بين هذه الحالة, تحديدا, هو أنه مازال لدينا جيش قوي, بقيادة وطنية, وجهاز أمني مازال متماسكا, بقيادة واعية, علي الرغم من المحاولات الشريرة, التي مازالت مستمرة حتي الآن, للعبث بهذه, والإجهاز علي تلك, وهي المحاولات التي لا تخفي أبدا نياتها, وأهدافها, قولا, وفعلا, وهو ما جعل الشارع ينتفض, ويواجه الموقف, دون تردد.
ولئن كان أصحاب هذه المحاولات الشريرة, قد خسروا الرهان علي استدراج الجيش, أو الشرطة إلي مواجهات من أي نوع, فهم في الوقت نفسه يدركون أن المواجهة مع الشعب, سوف تجر البلاد إلي فوضي عارمة, وهذا ما يسعون إليه الآن, بدليل الإصرار علي الاستمرار في هذا النهج, وهو ما يحتم علي الدولة الرسمية القيام بدورها في هذا الشأن دون تردد, ودون مواربة, ودون أي مواءمات, وذلك باستئصال شأفة هؤلاء مبكرا, مهما يكن الأمر مكلفا, وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن عمليات تواصلهم مع الخارج مازالت مستمرة, سواء بالتدريب, أو التمويل, كما أن وجود سلاح داخل البلاد, بهذا الكم المعلن عنه, يشكل خطرا داهما, بالإضافة إلي أنه مازالت هناك بعض العواصم, التي لا تتورع عن البوح بنياتها تجاه مصر, والتي تقدم دعما معنويا وإعلاميا, علي مدي الساعة, بل تستضيف متطرفين, وإرهابيين, ومناوئين, يعقدون اجتماعات, علنية وسرية, تمثل في نهاية الأمر خريطة طريق للفوضي, والتظاهر, والعنف.
وإذا كانت الدولة..
قد بدأت بتفعيل القانون مع نفر قليل من هؤلاء, تم حبسهم في نهاية التحقيقات, التي كان محورها التحريض والتآمر, فإن الأمر في حقيقته أكبر من ذلك بكثير, وذلك لأن هناك قوائم معلنة, لم تعد خافية علي أحد, تضم من تدربوا بالخارج علي مواجهة الجيش والشرطة, بصفة خاصة, كما أن هناك قوائم رسمية تضم من حصلوا علي تمويل أجنبي, خلال السنوات الخمس الماضية, وهناك قوائم لحركات وائتلافات, لا تخفي عداءها لكل من الجيش والشرطة, وهو الأمر الذي يحتم التعامل مع هذه الأوضاع من جذورها, وخاصة أن هناك أنباء عن تحالفات جمعت فرقاء الأمس واليوم, علي هدف واحد, هو إسقاط الدولة, وربما لا يوجد هناك ما يمكن أن يجمع بينهم سوي هذا الهدف, حيث اختلاف الأيديولوجيات, وتنافر الفكر, بل ربما هناك من الكراهية, التي تحتم المواجهة بينهم مستقبلا, إلا أنها الإملاءات الخارجية, التي حتمت علي هؤلاء, وأولئك, الانضواء تحت مظلة واحدة.
وإذا كان المواطن الطبيعي..
قد تم خداعه, منذ البداية, بأسماء نكرات, أسهمت الفضائيات في صناعتها كنجوم مجتمع, وسياسة, تحت مسمي النشطاء, والثوريين, والمفكرين... وخلافه, فإنه ما لبث أن كشف هذه الخدعة, التي أصبحت بمثابة الثأر, والقصاص الذي لابد من تنفيذه, علي اعتبار أنهم عاثوا في الأرض فسادا, وتربحوا أيما تربح, وها هم مستمرون في ممارساتهم, وهو الأمر الذي لم يعد مقبولا, وآن الأوان لمواجهته, وبذلك فإن الدولة قد لا تستطيع السيطرة علي الموقف مستقبلا, إذ أخذت هذه الظاهرة في الاتساع, وها هي تتسع بالفعل, وخاصة في الأحياء الشعبية, التي أصبحت تترصد لهؤلاء, ويجدون أيضا مقاومة عنيفة في منتديات النخبة, وعلي الرغم من ذلك, فهم لم يدركوا حتي الآن أن المجتمع قد لفظهم, وأن عليهم الانزواء, والاختباء, بعد أن أصبحوا يشكلون عبئا علي الدولة, ممثلة في أجهزة الأمن, التي قد لا تستطيع الاستمرار في حمايتهم.
إذن..
فإن كل المعطيات تؤدي في نهاية الأمر إلي أن الدولة الرسمية يجب أن تتحمل مسئوليتها الآن, وعلي وجه السرعة, وذلك لأن هذه المسئولية في المستقبل سوف تكون أصعب بكثير, سواء كان الأمر يتعلق بمواجهتهم, أو بالذود عنهم, والغريب في الأمر هو أن يكون بين هؤلاء من يتصدر مواقع تنفيذية, سواء في الحكومة أو غيرها, مما جعل هناك فجوة واسعة بين رجل الشارع وحكومته, ازدادت اتساعا مع التصريحات والمواقف المتضاربة حول الموضوع الواحد, والتي كان أبرزها مؤخرا ما دار حول قانون التظاهر, ففي الوقت الذي أكدت فيه الحكومة من خلال اجتماع رسمي تمسكها بالقانون, وإصرارها علي عدم تعديله, كان أحد نواب رئيس مجلس الوزراء يعلن اعتراضه علي القانون, وأهمية تغييره, ثم انبري أحد الوزراء في اليوم التالي ليعلن أن القانون ليس قرآنا, وبالتالي تجب إعادة النظر فيه, وكأننا لا نعمل من خلال حكومة واحدة, وإنما من خلال أشتات ممزقة, كل منها يعبر عن المحور الذي ينتمي إليه, حتي لو كان هذا المحور( برادعويا) متمردا.
من حق الشعب إذن..
أن يتمرد علي هؤلاء, وألا يعترف بولايتهم, وهو ما بدا حقيقة علي أرض الواقع, حيث أصبح هناك مسئولون, بحجم وزراء, يجدون مواجهة من رجل الشارع في مواقع مختلفة, هي في الحقيقة نتيجة مخزون من الغضب, قد ينفجر في أي لحظة, ولم لا؟, ونحن أمام شكوك في الوطنية, وشكوك في الانتماء, وهو الأمر الذي كان يجب تداركه منذ البداية, باختيار ولاة للشعب يتناسبون مع المرحلة, أو مع حجم الخطر, الذي يحيط بنا من كل جانب, بدلا من سياسة التوازنات, والمحاصصة, التي ثبت أنها بداية النهاية لأي مجتمع, ومن هنا كان من الطبيعي أن تدور التساؤلات, طوال الوقت, عن سبب الإبقاء علي هذا أو ذاك في سدة الحكم, أو في موقع صناعة القرار حتي الآن, وخاصة أن الحكومة أصبحت مشاعا الآن للتقسيمات, التي تتحدث عن مجموعة قليلة فاعلة, وأخري كثيرة مترهلة, وثالثة تنتمي للطابور الخامس, الرافض لأي شيء, وكل شيء, وهناك, أيضا, من لا يسمن ولا يغني من جوع!
وإذا كان الانحدار..
قد بلغ حدا لا يمكن قبوله, بالإعلان عن تشكيل حكومة منفي, في باريس, أو لندن, كما جاء الخبر من العاصمة القطرية, فإن ذلك يؤكد أن نشطاء الخارج لن يتورعوا عن ارتكاب أي حماقة, من شأنها تأجيج الموقف بالداخل, علي اعتبار أنهم أصبحوا ــ من وجهة نظرهم ــ بمنأي عن معاناة الداخل, حيث يتقاضون أجورهم بالعملات المختلفة: الخليجية, والأوروبية, والأمريكية, متجاهلين أن أسرهم وعائلاتهم بمصر تعيش في ظل الدعم, الذي تقدمه الدولة صحيا, وتعليميا, وغذائيا, ومتناسين أنهم تربوا في كنف هذا الدعم, وما ارتباك الأوضاع في مصر إلا أزمات تحيق بذويهم, ولعنات تصب علي من آواهم, وكوارث سوف تحل, إن عاجلا أو آجلا, علي المنطقة برمتها, وهو الأمر الذي أدركه مبكرا قادة المنطقة, من أولي الحكمة, والتدبر, والبصيرة, أما من لا يستطيعون إعمال العقل, فقد كان مصيرهم في السابق, كما مصير الأغبياء في اللاحق, هو الهاوية, ومزبلة التاريخ, إلا أن مثل هذه الأمور يجب أن تؤخذ مأخذ الجد, بألا تقف الدولة مكتوفة الأيدي, تجاه مؤامرات تحيط بها من أوطان, هي من المفترض شقيقة, وكان يجب أن تعي أن استقرار مصر هو أساس استقرارها, وما هي إلا وعكة, أكدت قراءات التاريخ أنها إلي زوال, كما أكدت قراءة الواقع أن دوام الحال من المحال.
وما يزعجني بصفة شخصية..
هو أن هناك اطمئنانا عاما, لدي الأجهزة الرسمية للدولة, بأن كله تمام, وكل شيء تحت السيطرة, وهو الانطباع نفسه الذي كان سائدا لدي السلطة قبل25 يناير2011, وما يستوقفني هو أن يتصور البعض, أن حبس ثلاثة نشطاء علي ذمة التحقيقات هو نهاية المطاف, بالنسبة لهذا النوع من العمل السري المرتبط بالخارج, وما يثير الانزعاج هو أن يستمر النظر إلي قناة الجزيرة علي أنها مجرد وسيلة إعلامية للمشاهدة, لا تقدم تعليمات مشفرة, أو لا تعمل علي توجيه العنف وتنظيمه, وما يستوجب الدهشة هو الصمت علي ما تبثه بعض الفضائيات المحلية من سموم, من شأنها استمرار تأليب الرأي العام, واستمرار التوتر بالمجتمع, وما يؤكد استمرار مخطط إسقاط الدولة هو الإصرار علي استمرار المظاهرات, سواء داخل الجامعات, أو خارجها, بهذه الوتيرة المنظمة, والمتفاقمة, علي الرغم من الانتهاء من صياغة الدستور, والسير بخريطة المستقبل إلي الأمام.
وإذا نظرنا..
إلي حجم ما يتم ضبطه, بصفة يومية من أسلحة, فسوف ندرك أننا أمام وضع خطير, وإذا توقفنا أمام ما تكشف عنه استجوابات المحتجزين في قضايا العنف, فسنوقن أننا أمام وضع أخطر, وإذا راقبنا نوعية العمليات الإرهابية في الفترة الأخيرة, وكيفية تصنيع المتفجرات, فسوف نعلم أننا أمام كارثة محدقة, أما إذا تتبعنا خيوط التنسيق بين كل الأطراف الفاعلة في العنف, والعواصم التي تقف خلفها, فسوف نري أننا أمام مخطط ضخم, يجب في كل الأحوال عدم التقليل من شأنه, أو الاستهانة به, وخاصة أن القائمين علي هذا المخطط يدركون, جيدا, أن مصر, ومصر فقط, هي التي بدت عصية عليهم حتي الآن, وذلك بعد أن حققوا ما يريدون في دول الجوار, ولا أعتقد أن هناك قوي عظمي يمكن أن تستسلم, بسهولة, لدولة من دول العالم الثالث, وقفت حائلا دون استكمال تحقيق أهدافها في منطقة, كانت تنظر إليها طوال الوقت علي أنها منطقة نفوذ, وتعاملت مع حكامها كقطع الشطرنج, تستطيع تبديلهم, وإخراجهم من الملعب في أي وقت تشاء.
ولــذا..
فإن مقولة الفريق أول عبدالفتاح السيسي, وزير الدفاع, قبل عدة أيام, من أن أحدا لن يستطيع هزيمة مصر, كانت بمثابة رسالة قوية إلي هؤلاء, وأولئك, وربما تكون قد أكدت ثقتنا بأنفسنا, إلا أنها سوف تتطلب وقتا, ليفهم الآخرون أن هذه هي مصر, وأن هذه هي طبيعة شعبها, وهو ما يجب أن يستمر الشعب في تأكيده, بعدم السماح لهؤلاء العابثين بأمن البلاد, في استمرار عبثهم.
وإذا كانت مواجهة فوضي المظاهرات, الآن, تتم بقدر حجمها, كل في موقعه الجغرافي, فإن ما يجب أن يدركه هؤلاء هو أن ثورة الغضب عليهم أصبحت وشيكة, كل في موقعه, دون انتظار لأن ينزلوا إلي الشارع, ودون إذن من السلطة الرسمية, وحين ذلك, لن يفلح التمويل الأجنبي في إنقاذهم من الفتك, كما لن تفلح الدول الداعمة لهم في حمايتهم, بينما ستظل القوي الكبري لا تتعامل إلا مع الأقوياء, الذين يحسمون أمرهم بإرادتهم, وهو ما يجعلنا نثق في أن القرارات المصيرية سوف تجد طريقها إلي النور خلال الفترة القليلة المقبلة.


نعـــــم نستطيع...


الحملة, التي تقودها الأجهزة الشرطية, الآن, في شوارع العاصمة, تحديدا, لإعادة الانضباط, هي في حقيقة الأمر تمثل مخلفات ثلاثة أعوام من الانفلات المروري, والأمني, والاجتماعي, والثقافي, بل كل ما قد يخطر علي البال من ممارسات يومية, وحياتية, كانت قد بلغت ذروتها, منذ الأسابيع الأولي, التي أعقبت25 يناير2011, وبالتالي فقد تعايش المواطن مع هذه الأوضاع وكأنها من مسلمات الحياة المصرية.
ومن هنا.. أصبح من غير المألوف أن يستيقظ ذلك المواطن علي نوع جديد من البديهيات, التي تتحدث عن احترام تعليمات المرور, أو احترام ذلك البائع المتجول حرمة الشارع, أو مراعاة ذلك الملقي بالقمامة مشاعر الناس, ولذلك فقد كانت النتيجة بذل جهود مضاعفة من رجال الشرطة لاحتواء هؤلاء, وأولئك, في وقت واحد.
هو جهد يجب تقديره, والإشادة به, للقائمين عليه, وهي مهمة نحسبها صعبة وثقيلة, في وقت مازال البعض فيه يسعي إلي إحداث مزيد من الفوضي, بينما يري البعض الآخر أن هذه هي الظروف الطبيعية, التي يمكن أن يجد فيها ضالته, لتحقيق أهدافه, كالبلطجة, وفرض الإتاوات, واستغلال حاجة الناس إلي الحماية, والحراسة... وما شابه ذلك.
إلا أنه, في كل الأحوال, يجب تأكيد أن هذه يجب ألا تكون, بأي حال, مهمة جهاز الأمن وحده, فبجانب أنها سلوكيات خاطئة اعتدناها, وينبغي الخروج منها بأي وسيلة, فإن كل مواطن صالح في المجتمع يتحتم عليه القيام بدور في هذا الشأن, سواء بمقاطعة ذلك التاكسي, الذي اعتاد الوقوف في الممنوع, أو مقاطعة ذلك البائع, الذي اعتاد مخالفة القانون, أو الإبلاغ عن ذلك المستهتر, الذي دأب علي إلقاء المخلفات في الشارع, وذلك لأن مهمة إعادة الشارع إلي وضعه الطبيعي يجب أن تكون مسئولية جماعية.
ويجب أن ندرك أنه لم تعد لدينا رفاهية التحذير, والتنبيه, ولا حتي التوبيخ, وهو ما يستلزم تفعيل القوانين, التي لدينا منها الكثير, ربما علي مستوي العالم, إلا أننا الأكثر علي مستوي العالم, أيضا, ضربا عرض الحائط بكل ما هو تنظيمي, ولائحي, وذلك نتيجة عقود طويلة من الفساد, واللامبالاة, ثم جاءت السنوات الأخيرة لتضيف إلي رصيدنا من التسيب الكثير من النقاط, حتي بلغ السيل الزبي.
وما أود تأكيده, هو أن القانون لن يجد احتراما من أي صغير في المجتمع, مادام لا يطبق علي الكبير, ولن يجد تجاوبا في هذه المرحلة المنفلتة, ما لم يقترن ذلك بحزم وحسم, ولذلك فإن محاولات التعالي علي أفراد الشرطة, وعدم التجاوب معهم, حال قيامهم بمهامهم, هي تصرفات, أقل ما توصف به, أنها شاذة, وتعبر عن نفوس ضعيفة, لا ترقي أبدا إلي مستوي المسئولية, بل لا ترقي إلي المستوي الإنساني, وهو الأمر الذي يجب أن نستأصله من حياتنا, ونزدريه إلي غير رجعة.
وأعتقد أن جهاز الشرطة, بما له من خبرة طويلة في التعامل مع مثل هذه القضايا, يمكن أن ينجز الكثير في هذا المجال, كما أن شعبنا العظيم بما له من تاريخ حضاري, وتراث ثقافي, يمكن أيضا أن يساعد علي الكثير في هذا الشأن, ولننفض عن كاهلنا غبار الأعوام الثلاثة الماضية, لنبدأ صفحة جديدة من العمل الجاد, والالتزام القانوني, والأخلاقي, إذا أردنا أن نتقدم خطوة إلي الأمام, فما بالنا إذا كان الهدف هو خطوات عديدة, طويلة المدي؟
إن ما يتم الإعلان عنه بصفة يومية من عدد مخالفات المرور, أو المضبوطين في تجارة وتعاطي المخدرات, أو الهاربين من تنفيذ أحكام, أو كمية ونوعية السلاح, الذي تتم مصادرته, هو أمر غاية في الخطورة, يؤكد أن المجتمع كان قد ذهب إلي المجهول بغير رجعة, ومن هنا, فإننا يجب أن نصفق بلا تردد لرجال الأمن, وندعم بلا تحفظ جهودهم في إعادة الانضباط والاستقرار, وسوف نظل نؤكد أن هذه الجهود هي الخطوة الأولي نحو الحياة الأفضل, التي من دونها قد لا نستطيع طرق أبواب المستقبل.