علي سعد الموسى

أنا لن أكتب اليوم، عن النسخة العربية الغائبة من الراحل الأسطوري، نيلسون مانديلا، لأنني أريد توصيف هذه النسخة ـ غدا ـ بتوسع في صفحة الرأي بهذه الصحيفة. سأكتفي اليوم بتحليل مئات الرسائل على مواقع التواصل الاجتماعي من تلك الرسائل التي حاولت مكسورة أن تقف ضد سيل جارف من الحب لهذه الشخصية الملهمة. سأبدأ بالسؤال الصريح: ما هي الثقافة المجتمعية التي أوصلت قطاعا عريضا من مجتمعاتنا لأن تكون مجرد أسطوانات لنشر الكراهية لحد الشماتة من الموت؟ وأرجو ألا يعيد أحد منكم هذه البرمجة من الكراهية إلى هذا الدين العظيم، دين الحب والتسامح رسالة إلى خلقه في quot;خلقquot; المصطفى صلى الله عليه وسلم.
درسه الأخلاقي العظيم المدهش حين ndash; قام ndash; احتراما لجنازة تعبر الطريق وهو يعلم أنها ليهودي ثم يقول quot;أو ليست نفساquot;. جملته الشهيرة لصحبه في حادثة أسر بنت حاتم الطائي quot;دعوها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاقquot; وإذا لم يكن نيلسون مانديلا من أهل quot;مكارم الأخلاقquot; فمن هو الذي سيكون؟
عن دموعه عليه أفضل الصلاة والسلام وهو يشاهد قلادة أم المؤمنين حين أرسلتها ابنته من مكة المكرمة لتفتدي بها أسيرا، فرد بها الأسير ثم يترك لهم كل القرار ويطلب منهم إعادة القلادة. عن خلقه صلى الله عليه وسلم وهو يبسط بردته يوم الفتح الأكبر ليجلس بجوار أغلى وأعلى صديقات خديجة أم المؤمنين، وهو يعطي لأمته درسا في جذور الوفاء والحب ونبذ الكراهية. عن quot;اذهبوا فأنتم الطلقاءquot; ولو تأملنا في هذه الكلمات الثلاث لوجدناها درسا استثنائيا هائلا في عالم السياسة.
نعم وبالفم المليان.. نحب مانديلا لأن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام لم يعلمنا كراهيته.. نعم نحبه لأنه كان من أهل مكارم الأخلاق، وسنترك للمولى - عز وجل - في علاه محاسبته على نواياه. نعم، سأثني عليه احتراما لجنازته لو أنها مرت أمام بيتي لأنها صفة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
نعم نحترم مانديلا رغم هذه الرسالة المحملة بثورة الكراهية لأنني ما زلت أحفظ عن ظهر قلب ما قاله عنه الداعية الأسطوري.. أحمد ديدات.. ابن بلد. ولست أنت ولا أنت من أحمد ديدات، ولن أزايد على خطبه ومواقفه. هذا الدين العظيم لا يعلم الكراهية.