رجا طلب

شعرت و من خلال متابعتي لتصريحات وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي على هامش laquo; حوار المنامة laquo; التى اعلن فيها رفض بلاده لفكرة الاتحاد بين دول مجلس التعاون وردود الافعال عليها وبخاصة في بعض وسائل الاعلام ومن قبل بعض الكتاب العرب ، شعرت وكأن مجلس التعاون بعد 34 عاما من عمره قد انهار وان قمة الكويت التى انعقدت الاسبوع الماضي كانت ستعلن وفاته .
الرغائبية لدى البعض ، وسوء التقدير التحليلي لدي البعض الاخر هما من اوصلا هؤلاء من كتاب ووسائل اعلام الى هذا الاستنتاج الخاطئ والى هذا الاعتقاد بان مجلس التعاون الخليجي سيصل لمثل هذه المرحلة من الفشل والانهيار، وقد تناسى هؤلاء عددا من الحقائق بشان المجلس وتاريخه وحتى مستقبله ومنها :


اولا : ان فكرة انشاء المجلس قامت اساسا على مبدأ التعاون وصولا للوحدة كما ورد في النظام الاساسي للمجلس ، وعندما طرح الشيخ جابر الاحمد الصباح امير الكويت السابق رحمه الله الفكرة في قمة عمان عام 1980 ، كانت فكرة للتداول بين الدول الخليجية ، استكملها لاحقا مع سمو الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رحمه الله الذي تبناها ، وبعدها تبناها السلطان قابوس وتبناها ايضا الملك خالد بن عبد العزيز ، وسمو الشيخ عيسى بن سلمان ال خليفة رحمها الله ، وسمو امير قطر الاسبق خليفة بن حمد ال ثاني ، اي ان الفكرة لم تفرض فرضا من دولة او دول على دول اخرى، لكنها كانت ناتجة عن حاجة ماسة للدول الست بضرورة حماية امنها وتعزيز قوتها العسكرية في ظرف اقليمي ساخن بسبب الحرب العراقية ndash; الايرانية ، ولان المجلس كان ومازال بحاجة ماسة لهذ التكتل فقد صمد الى الان ، وهو قادر على الصمود مستقبلا نتيجة لتزايد حاجات دول المجلس لبعضها البعض على الصعد كافة لمواجهة المخاطر المستجدة من التطورات الاقليمية المتسارعة في الملفات الايرانية والسورية والمصرية والتركية ايضا في قادم الايام .


ثانيا : التصور بان الدول الخليجية الست هي نسخة كربونية من بعضها البعض رغم نقاط التشابة والتقارب الكبيرة التى تجمعها هي سذاجة سياسية ، فلكل دولة وفي ظل المجلس خصوصيتها ومن هنا سنجد حكما ان هناك تباينا واحيانا هناك خلافات فيما بينها ، ولكن المهم هنا التوقف عند حقيقة ان المجلس يملك ادوات ومؤسسات تفريغ صواعق الخلاف ، والتفاهم بشان المسائل الخلافية وعقول سياسية كبيرة ومخضرمة لا يستهان بها ، وبالتالي القدرة على laquo; تصغيرها laquo; مع مرور الوقت ، وتعظيم القواسم والاهداف المشتركة ، فلو اتخذنا سلطنة عمان مثالا لوجدنا انها ومنذ نشأة المجلس عام 1981 كانت تتمايز بمواقفها السياسية عن بقية اعضاء المجلس ، ومن تلك القضايا التى كانت تتمايز بها السلطنة الموقف من الحرب العراقية ndash; الايرانية والعلاقة مع طهران حيث كانت السلطنة لها وجهة نظر سلبية تجاه النظام العراقي السابق ، وهو ما ثبت بالواقع ولاحقا وبعد انتهاء الحرب صحتها ، حيث غزا النظام السابق الكويت ، وكان احتلال الكويت من انجح الاختبارات لمدى صلابة وقوة المنظومة الخليجية وفكرة المجلس التى ومن باب المفارقة التاريخية انها كانت فكرة كويتية بحتة .


ثالثا : على عكس ما توقع البعض كانت قمة الكويت ناجحة وشكلت اضافة نوعية في مستوى التعاون والتحالف بين دول المجلس الخليجي من خلال قرار القمة انشاء القيادة العسكرية الموحدة لدول المجلس والتى تشكل الخطوة الاهم على طريق الوحدة ، تماما مثلما هو منتظر في المستقبل اقرار السوق الخليجية الموحدة والعملة الموحدة وهي مشاريع قيد الدراسة من اجل التنفيذ بعدما تم الموافقة عليها واقرارها مبدئيا .
بالنسبة لنا في الاردن يشكل مجلس التعاون ودوله عمقا استراتيجيا من مصلحتنا تعزيز قوته ودعمها بكل الوسائل ، وعندما طرحت الفكرة في عمان عام 1980 كان جلالة المغفور له الحسين بن طلال داعما قويا لها ، واليوم نجد ان علاقة الاردن في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني خطت خطوات عميقة واستراتيجية