لا يزال منذ 62 عاماً يشكل عقبة كبرى أمام الدولة المدنية

الزواج المدني قنبلة موقوتة في وجه رجال الدين والسياسيين اللبنانيين

نضال وخلود اول ثنائي يعقد زواجه المدني في لبنان لكشف هشاشة الموقف الرسمي الذي يقبل بتسجيل الزواج المدني المعقود في الخارج لكن يرفض عقده بلبنان!


سياسيون متنورون يدعون الى قوننة الزواج المدني وجعله اختيارياً

بيروت - ربيع دمج:

نضال درويش وخلود سكرية الثنائي الأكثر جدلاً في لبنان هذه الأيام, فبين ليلة وضحاها تحولا الى حديث البلد والناس, واحتلا بخبر زفافهما, غير العادي, شاشات المحطات التلفزيونية وعناوين الصحف, والمقالات والتحقيقات على المواقع الالكترونية.
خمس عشرة سنة مضت على اثارة موضوع الزواج المدني, منذ ان طرحه في العام 1998 الرئيس الراحل الياس الهراوي داعياً الى اقراره وصياغته في مشروع قانون متكامل, لكنه لم يجد طريقه الى الاقرار بفعل تحفظ الرئيس رفيق الحريري عليه في حينه ورفضه من عدد من القيادات الروحية الاسلامية والمسيحية.
التاريخ يعيد نفسه اليوم في العام 2013, انما مع اختلاف الظروف والأشخاص, حيث حمل رئيس الجمهورية الحالي ميشال سليمان هذه القضية ودافع عنها, معلناً تأييده لقوننة الزواج المدني, ومؤكداً أنه quot;غير موجه ضد الطوائف الاسلامية, بل هو من مسؤولياتي الدستورية, وفي مقدمها الحفاظ على الوحدة الوطنية, كما أنه ينسجم مع ما جاء في وثيقة الطائف لجهة حق شطب المذهب عن الهويةquot;.
منذ طرحه للمرة الأولى في لبنان العام 1951, أثار موضوع الزواج المدني جدلاً كبيراً فانقسمت الآراء حوله بين موالين ومعارضين حيث رفض من قبل رجال الدين في حين لقي تأييداً من قبل الساعين لبناء دولة مدنية علمانية ديمقراطية.
وارضاء لرجال الدين, عدل مشروع الزواج المدني في لبنان وجُعل اختيارياً وليس الزامياً, كما في الخارج, ولكنه لا يتم على الأراضي اللبنانية.

قباني يشعل النيران

دفاع الرئيس سليمان عن ضرورة الاعتراف بالزواج المدني تزامن مع فتوى دينية أصدرها مفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني, جازماً بأن quot;كل من يوافق من المسؤولين المسلمين في السلطة التشريعية والتنفيذية على تشريع وقوننة الزواج المدني, ولو اختيارياً, هو مرتد وخارج عن دين الاسلام ولا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين, ويحمل أوزار كل من يدخل في هذه العلاقة غير المشروعةquot;.
وأشار المفتي الى أن quot;المسلمين لطالما كانوا رواداً للحضارة من خلال تطبيق شريعة الله وأن التصدي للمشاريع التي تحاول استهداف مؤسساتنا الدينية في دار الفتوى من خلال مشروع التعديلات الذي يعمل لطرحه في المجلس الشرعي ونقف له بالمرصادquot;.
بعد ساعات على اطلاق قباني فتواه, انطلقت عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تناهض وتستنكر ما جاء على لسان مفتي الجمهورية. وأولى الصفحات التي أنشئت على موقع quot;فيس بوكquot; حملت اسم quot;نحن تزوجنا مدني, وعقبالكمquot;, لتجمع في أقل من 3 ساعات نحو 1500 داعم, بينهم مئات الشبان ممن تزوجوا مدنياً, في قبرص وتركيا.
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أصبح كمثل الذي يمشي على الألغام, محاولاً النأي بنفسه كعادته, وبعد ضغوط من وسائل الاعلام وناشطين من المجتمع المدني خرج عن صمته بالقول: quot;موضوع الزواج المدني ليس مطروحاً, فهو أثير منذ سنوات ولا ضرورة للخوض في سجالات لا طائل منها في هذه الظروفquot;. أما رئيس مجلس النواب نبيه بري فلا يزال بعيداً عن الأضواء, ولم يخرج حتى الساعة ليعلن رسمياً رفضه أو تأييده لهذا المشروعquot;.
وانطلاقاً من النص الدستوري, لا يوجد في لبنان قانون يرعى أحكام الزواج المدني شكلاً أو مضموناً, ما يحول دون تسجيل هذا العقد على الأراضي اللبنانية, غير أن الزوجين نضال وخلود وجدا مخرجاً قانونياً أو ثغرة في الدستور اللبناني, مستندين الى القرار quot;60 ل.رquot; الذي أصدره المفوض السامي كونت دو مارتيل عام 1936 (فترة الانتداب الفرنسي) لتنظيم قانون زواج الأفراد الذين لا ينتمون الى أي طائفة ووفقا للقانون المدني الفرنسي.
وبعد اثارته في أكثر من مناسبة وآخرها في جلسة مجلس الوزراء اللبناني, سلك موضوع الزواج المدني في لبنان طريقاً جديداً وسط انقسام الآراء حوله بين موالين من مناصري بناء الدولة المدنية العلمية ومناهضين, وخصوصاً على مستوى المرجعيات الروحية على اختلافها, والتي عُدل المشروع ارضاء لها وتحول من الزامي الى اختياري من دون أن يجيز القانون عقده على الأراضي اللبنانية حتى الساعة, على رغم الاعتراف بالزواج المدني المعقود خارج لبنان ومفاعيله كافة.
أما آخر هذه الآراء, ما أعلنه الرئيس سعد الحريري, في مقابلة متلفزة مع برنامج quot;كلام الناسquot;, حيث أكد تأييده التام لحرية الفرد في الزواج كما يشاءquot;, معتبراً أننا quot;في بلد متعدد الطوائف ولا يمكن فرض أي مشروع ديني على المواطنين, ومن الأفضل أن تكون هناك دولة مدنيةquot;.
وقد جاء موقف الحريري بعد ساعات من بيان أصدره المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى برفض هذا الزواج لاعتبارات فقهية وأخلاقية ووطنية.
أما رجال الدين المسيحيين فأنهم بمعظمهم ضد الزواج المدني, وفي سياق متصل أكد مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الأب عبدو أبو كسم أن quot;الانسان الذي يتزوج مدنياً لا تعتبره الكنيسة مرتداً عن المسيحية, ويُدفَن في الكنيسةquot;, لافتاً الى أن quot;من يتزوج زواجاً مدنياً يُحرم من ممارسة الأسرارquot;. وأضاف: quot;الكنيسة تحترم حرية الشخص وتعطيه الحرية الكاملة لاختيار كيف يريد أن يتزوجquot;, بعدما سبق للبطريرك نصر الله صفير أن أعلن رفض الكنيسة المارونية لهذا الزواج.
من جهته, وفي خضم الحرب التي شنت عليه من قبل الكثير من المواطنين, ومن كافة الطوائف, لم يجد المفتي قباني حرجاً في أن تكون فتواه محط رفض من كثيرين, موضحاً أنه quot;عندما نزل الدين على النبي لم تؤمن كل الناس, وهذا أمر عاديquot;, وختم قائلاً: quot;الفتوى واضحة وصريحة, من كان له أذنان فليسمع ومن كان له عقل فليفهمquot;.

نضال وخلود اسم على مسمى

ناضل الشاب نضال درويش وحبيبته خلود سكرية من أجل تحقيق هدفهما والزواج مدنياً, دون أي ضغوط من عائلتهما أو شروط من رجال الدين كما يؤكدان في حديث مع quot;السياسةquot;, معتبرين أن اسميهما يتطابقان مع حالهما, النضال في تحقيق الهدف والخلود في زواجهما الأبدي.
وأشارا الى أن quot;زواجهما جاء بناء على ايمانهما بالانتماء الى الدولة اللبنانية وليس الى طائفة, وأن عائلتيهما لم تعارضا زواجهماquot;.
واعتبر كلاهما بأن quot;الخطوة الجريئة التي أقدما عليها كانت الرائدة في هذا المجال ودفعت بمجموعة من الشبان والشابات من الطائفتين المسيحية والمسلمة لتنظيم حفل زواج مدني جماعي في احدى المناطق اللبنانية, مستندة وفق مصادرها الى مشروع قانون لبناني للأحوال الشخصية موجود في أدراج المجلس النيابي بعكس ما أوحى البعض لجهة صياغة قانون لهذا الزواج, والى مجموعة خطوات من شأن اعتمادها جعل الزواج المدني في لبنان ممكنا لمن يرغبquot;.
بين التأييد والرفض

من جهته أكد المحامي طلال الحسيني الذي عقد قران خلود ونضال لـquot;السياسةquot;, أنه quot;يحق لأي مواطن اختيار المعتقدات الخاصة به بحسب الدستورquot;, لافتا الى أن quot;المحاكم المدنية اللبنانية لها صلاحية النظر في عقود الزواج المدنيquot;.
أما القاضي الدرزي عباس الحلبي فقد أكد لـquot;السياسةquot; بأنه quot;مع هذا الزواج حتى النهاية, وأنه كقانوني من دعاة اعطاء الخيار للناس لمن يرغب أن يتزوج مدنياً أو غيره, وهذا أبسط حقوق الانسان في لبنان والعالم العربيquot;, مضيفاً بأن quot;قانون العام 1936 أقر بوجود طائفة تحت اسم الحق العام, أي لمن هم لا ينتسبون لدين معين, وهذه الثغرة تسمح لمن يريد الزواج الاستفادة منها, الا أن رجال الدين في لبنان سيفقدون مكاسب كبيرة في حال اقرار هذا الزواج, وأن همهم ليس على الدين وكتبه, بل على مصالحهم المادية والمعنويةquot;.
بدوره أكد لـquot;السياسةquot; النائب السابق والأمين القطري لحزب quot;البعث العربيquot; عاصم قانصوه تأييده الكلي لهذا الزواج, سيما أنه ينتمي الى حزب علماني لا يرى أي مشكلة في هذا الزواج, معتبراً بأن quot;فتوى قباني هي وجهة نظر تمثله هو, ولا تمثل المسلمين أبداً, ولا يحق له أو لغيره تكفيرهم, وأن الزواج المدني كان موجوداً قبل وبعد الاسلام, الا أن المحاكم هي التي أوجدت صيغة الزواج التقليديquot;.
أما النائب السابق مصباح الأحدب, فقال لـquot;السياسةquot; ان quot;أي قرار شخصي يتخذه المرء هو من حقه ومن حق كيانه كبشر, ولا يجوز تكفير الناس بهذه الطريقة, وكونه أمضى قسماً كبيراً من حياته في الخارج, لا يستغرب ولا يستنكر هذا الزواج اطلاقاًquot;.
وتحدث لـquot;السياسةquot; العلامة محمد حسن الأمين الذي اعتبر أن الزواج المدني لا يختلف عن الزواج الديني من حيث المبدأ ولكن هناك بعض البنود في المدني لا تتوافق مع الفقه الاسلامي, ولكن مهما كانت الظروف فان المسألة شخصية والانسان هو ولي أعماله, لذا لا يمكننا أو يحق لنا تكفير أي شخص. هناك معصية لأمر الله لكنها لا تدخل مرتكبها خانة الكفر.
أما النائب والمحامي بطرس حرب فأشار الى أن الأمر شخصي وللانسان حق في اختيار طريقة حياته كما يشاء ولا مانع من اقرار هذا الزواج بشكل اختياري لتجنب الكثير من المشاكل أبرزها تغيير الديانة.
ومن ناحيته قال الوزير السابق حسن منيمنة ان الاسلام دين سماحة ويسر, والزواج المدني لا يختلف في شروطه عن الزواج الديني اذ يحتاج كلاهما لشهود وموافقة الطرفين, وطالما أن الزواج المدني أقل كلفةً وتعقيداً ويسهل حياة الشباب, فلماذا لا نعترف به, سيما وأن الدولة تعترف به في حال تزوج الطرفان خارج لبنان, ما معناه بأنها تستطيع أن تقره اختياريا وليس الزامياً, كما أن هذا العقد لا يخرج المسلم عن دينه وأكبر دليل على ذلك النموذج التركي والاندونيسي, اذ أن الشعبين التركي والاندونيسي متمسكان بالدين الاسلامي ولكنهما يطبقان الدولة المدنية.
ردود فعل الشارع

وأجرت quot;السياسةquot; لقاءات مع عدد من الشباب الذين بمعظمهم أبدوا تأييدهم للزواج المدني, اليسار جهاد نافع وهي صحافية ومخرجة أفلام وثائقية (29 عاماً) أكدت أن والدها يشجعها في حال أقدمت على مثل هذه الخطوة, وانها شخصياً لا تجد مانعاً من الزواج برجل من غير ديانتها وعلى الطريقة المدنية, لأنها الحل للخلاص من عقدة الطائفية في لبنان.
عبير حمدان (32 عاماً) تفتخر بأنها مسلمة شيعية, وتجزم أنها لن تتزوج الا في المحكمة الجعفرية, غير أنها لا ترى أي مشكلة في هذا الزواج, وأنه يشبه الزواج الديني, ولكنها تفضل أن تتزوج تقليدياً.
عبد الكريم غدار (35 عاماً) يؤكد انه تزوج مدنياً في السويد, حين كان يعيش هناك, الا أنه بعدما استقر في لبنان ثبت زواجه في المحكمة الجعفرية من أجل أوراق أولاده, مشيراً الى أنه الزواج مهما كان شكله ونوعه هو قرار شخصي لا يحق لأحد فرضه على الآخر.
ريما اسطفان, طبيبة أسنان (42 عاماً) تفضل الزواج الكنسي, كونه يعطي الآمان العائلي, ونحن في الشرق لم يبق لدينا سوى الدين والترابط العائلي, لا نريد أن نذهب كما ذهب الغرب الى التفكك والانحلال. ولكن لا أهتم اذا قرر احد من عائلتي الزواج مدنياً فهذا خياره.
أما الشاب نادر السوقي المنتمي الى الطائفة الدرزية لا ينكر اقدامه على الزواج مدنياً من زميلته في العمل المسيحية ليزيت سركيس, والسبب بأن دينه لا يسمح له الارتباط بفتاة غير درزية, وهذه مشكلة لأن المشاعر والتوافق, حسب قوله, لا ينتميان الى دين محدد.

الدولة.. تعترف به

وعلى رغم أن الزواج المدني لا يتم رسمياً في لبنان, الا أن الدولة اللبنانية تعترف بالزواج المدني المنعقد في البلاد المجاورة وعليه فمن الممكن أن يتقابل اللبنانيون في مكتب الأحوال الشخصية للزواج في قبرص, وهذا الزواج ليس ممنوعاً في لبنان فقط بل أيضاً في اسرائيل والأردن وسورية.
وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته quot;الشركة الدولية للمعلوماتquot; أن 51 في المئة من الذين شملهم مع الزواج المدني الاختياري و46 في المئة مع الزواج الديني, كما أظهر أن 31 في المئة من السنة مع الزواج الاختياري و66 في المئة مع الديني, وأن 42 في المئة يعارضون فتوى المفتي قباني و26 في المئة يؤيدونها و22 في المئة غير معنيين وأن 53 في المئة من السنة مع فتوى المفتي و27 في المئة ضدها.
ويقول في هذا السياق الدكتور نادر عبد العزيز شافي, انه لا يوجد في لبنان حتى اليوم قانون موحد للأحوال الشخصية. فلكل طائفة قوانينها الخاصة ومحاكمها الروحية والشرعية والمذهبية.
ويستنتج من مختلف أحكام التشريعات لدى الطوائف اللبنانية, أن الزواج هو عقد ثنائي علني ذو صفة دينية, يتفق فيه رجل وامرأة على الحياة معاً بغية تكوين أسرة. وهو يختلف عن غيره من العقود لأن مفعوله لا ينحصر بطرفيه, بل هو نظام اجتماعي ذو قدسية خاصة, هدفه تكوين الأسرة والتناسل وتبادل التعاون في جو عائلي قوامه الحب والاستقرار والطمأنينة, وهو النطاق الوحيد للعلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة تحت رعاية الشرائع السماوية.
الا أن الشروط التي تفرضها التشريعات الدينية قد تكون عقبة أمام بعض الرجال والنساء المنتمين الى طوائف مختلفة, والذين يريدون الزواج, فيقف عائقاً أمام ارتباطهم, اضافة الى صعوبة الطلاق لدى بعض الطوائف وكلفته الباهظة التي قد تصل الى آلاف الدولارات, ما دفع بالبعض الى اقتراح الأخذ بالزواج المدني بهدف ايجاد الحلول القانونية لتلك المشاكل.

الزواج المدني

يمكن تعريف الزواج المدني بأنه عقد ثنائي بين رجل وامرأة, بالغين, يتم بالرضاء والقبول, كسائر العقود المدنية, موضوعه الاتفاق على اقامة حياة زوجية مشتركة دائمة بين الزوجين.
وقد أقرت معظم الدول الأجنبية وبعض الدول الاسلامية الزواج المدني, اما بشكل الزامي واما بشكل اختياري. وهو يعتبر الزامياً في كل من فرنسا وألمانيا وسويسرا وبلجيكا والسويد وايطاليا ورومانيا والنروج وموناكو واللوكسمبورغ والبرازيل وأميركا اللاتينية وروسيا. لكنه يعتبر اختيارياً في انكلترا والولايات المتحدة الأميركية واليونان واسبانيا.
أما القانون اللبناني, فلا يجيز عقد زواج مدني في لبنان, الا أنه يعترف بالزواج المدني المعقود خارج الأراضي اللبنانية سنداً للمادة 25 من القرار رقم 60 ل.ر. وعليه, فان الزواج المدني لا يعتبر مخالفاً للنظام العام.

الشروط القانونية

طالما أن الزواج المدني هو عقد ثنائي, يجب أن تتوافر فيه الشروط القانونية العامة للعقود, وهي: الرضا والأهلية والموضوع والسبب والشكل في الحالات التي يفرضها القانون, سنداً للمادة 177 من قانون الموجبات والعقود. الا أن الطبيعة الخاصة لعقد الزواج المدني, تفرض شروطاً خاصة لكل ركن من أركان هذا العقد, اضافة الى وجوب أن يكون معقوداً خارج الأراضي اللبنانية لكي يتم الاعتراف به وتسجيله في دوائر النفوس والأحوال الشخصية الرسمية في لبنان.
ولكن سنداً للمادة 25 من القرار رقم 60 ل.ر. (13/3/1936) يعتبر عقد الزواج المدني صحيحاً من حيث الشكل, كل زواج معقود في الخارج وفقاً للأصول القانونية الشكلية المطبقة في البلد الذي عُقد فيه.
وحيث أنه يستفاد ما تقدم أن المشروع اللبناني اعتمد من حيث المبدأ أحكام القانون الدولي الخاص ان لجهة اخضاع زواج اللبنانيين لقانونهم الوطني أو لجهة القول بصحة شكل الزواج الحاصل في الخارج وفقاً لأحكام البلد الذي تم فيه, الا انه راعى استثناء الخصوصية اللبنانية من حيث كون نظام الأحوال الشخصية في لبنان هو نظام تعددي طائفي, فاستدرك عدم اخضاع المسلمين اللبنانيين لأحكام القرار الرقم 60 تاريخ 1936 وتعديلاته.
وبالتالي, لكي يتم الاعتراف في لبنان بعقد الزواج المدني المعقود في الخارج, يجب أن يكون متوافقاً مع الشروط الشكلية التي يحددها القانون الأجنبي للبلد الذي جرى فيه هذا الزواج, فاذا كان ذلك القانون الأجنبي يفرض شكلية معينة, ككتابته خطياً أو رسمياً لدى كاتب العدل أو دائرة مختصة بقضايا الأحوال الشخصية أو أي مرجع رسمي آخر, يجب أن يكون عقد الزواج المدني مستوفياً تلك الشروط الشكلية.