تواصلت أمس التظاهرات الاحتجاجية ضد انقلاب الحوثيين على الرئيس اليمني المستقيل عبدربه منصور هادي وقمعت الجماعة لليوم الثاني تظاهرة أمام جامعة صنعاء، وشهدت مدن الجنوب عصياناً أدى إلى شل الحركة، فيما دان سفراء الدول الراعية للعملية الانتقالية في اليمن استخدام الحوثيين القوة لتحقيق مكاسب سياسية ووصفوهم في بيان مشترك بـ»المفسدين الساعين إلى حرف المسار الانتقالي».

وأعلنت السفارة الاميركية في صنعاء ليل أمس في بيان انها تغلق ابوابها امام العموم «حتى اشعار آخر».

واضاف البيان الموجه الى الرعايا الاميركيين «بسبب الاستقالة الاخيرة للرئيس ولرئيس الحكومة وللحكومة اليمنية، والمشاكل الامنية القائمة، لم تعد السفارة قادرة على تقديم الخدمات القنصلية الاعتيادية، كما ان قدراتها على تقديم المساعدة للمواطنين الاميركيين في حالات طارئة باتت محدودة للغاية».

وتجددت أمس غارات الطائرات الأميركية من دون طيار ضد عناصر تنظيم «القاعدة» بعد يوم من تأكيد واشنطن استمرار عملياتها في اليمن على رغم الفراغ الدستوري الناجم عن استقالة الرئيس هادي وحكومة خالد بحاح وسيطرة الحوثيين على الشأنين السياسي والأمني.

وجاءت هذه التطورات غداة فشل المفاوضات التي يرعاها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر بين الجماعة والأطراف السياسية في التوصل إلى حل للأزمة وإعلان ثلاثة أحزاب رئيسة في تكتل «اللقاء المشترك» الانسحاب من النقاش بسبب ما وصفوه «تعنت الحوثيين» وقمع الاحتجاجات السلمية.

وانتشر منذ الصباح مئات المسلحين الحوثيين في محيط جامعة صنعاء، واستعانوا بالشرطة التي يقودها في العاصمة ضابط موال للجماعة، لقمع تظاهرة حاشدة خرجت لليوم الثاني على التوالي للتنديد بالحوثيين ولمحاصرتهم الرئيس هادي وأعضاء الحكومة المستقيلة.

وقال شهود لـ»الحياة»» إن «الحوثيين استخدموا في قمع التظاهرة الهراوات والخناجر، كما اعتقلوا عدداً من الناشطين بعد مطاردتهم في الأزقة، وأغلقوا الطرق المؤدية إلى الجامعة وسيطروا على بوابات كليتي الآداب والعلوم».

إلى ذلك خرجت تظاهرة في مدينة تعز بالتزامن مع عصيان شمل معظم مدن الجنوب والشرق وأدى إلى شل الحركة في عدن والمكلا وإغلاق المحلات التجارية، وخلو الشوارع من المارة في فترة الصباح.

وجاء العصيان الذي ينظمه كل يوم اثنين ناشطو «الحراك الجنوبي» في سياق المطالب المتصاعدة للفصائل الجنوبية للانفصال عن الشمال واستعادة الدولة التي كانت قائمة في الجنوب قبل اندماجها مع الشمال سنة 1990.

ودان أمس سفراء الدول العشر الراعية للعملية الانتقالية، استخدام الحوثيين القوة لتحقيق مآرب سياسية، وقالوا في بيان مشترك وقّع عليه أيضاً سفراء ألمانيا اليابان وأسبانيا وهولندا «إن أعضاء المجتمع الدولي في صنعاء يشعرون بقلق عميق بسبب التطورات الأخيرة».

وأكدوا «أن استقالة هادي وأعضاء حكومة بحاح جاءت ردة فعل للضغوط التي تعرضوا لها من مفسدين يسعون إلى حرف العملية الانتقالية عن مسارها». وأضاف السفراء أن «ليس من المقبول استخدام العنف بغرض تحقيق مآرب سياسية أو إسقاط المؤسسات الشرعية».

وحمّل بيان السفراء الحوثيين مسؤولية ما آل إليه الوضع في البلد، وأكدوا أن اليمن «لا يزال يواجه تحديات إنسانية وأمنية كبيرة ومنها المليشيات المسلحة التي تعمل خارج إطار الدولة، ونقاط التفتيش غير النظامية، والتهديد من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب».

واعتبر السفراء « إبقاء أي من الوزراء أو مسؤولي الحكومة قيد إقامة جبرية أو اختطافهم أمر غير مشروع على الإطلاق»، وشددوا على «أن يكون هدف جميع اليمنيين استمرار العملية السياسية السلمية والشرعية بشفافية ووفق جدول زمني محدد استناداً إلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة الوطنية، والمهام المتبقية في مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، ومن ذلك الدستور والاستفتاء والانتخابات».

وقصفت طائرة من دون طيار يرجح أنها أميركية سيارة لتنظيم «القاعدة» في مديرية حريب التابعة لمحافظة مأرب، وأفادت مصادر قبلية لـ»الحياة» أن ثلاثة مسلحين قتلوا على متنها لم يتم التعرف بعد على هويتهم.

وفي مديرية شقرة التابعة لمحافظة أبين هاجم التنظيم موقعاً للجيش ما أدى إلى قتل جنديين وإصابة أربعة، كما واصل عملياته ضد مسلحي جماعة الحوثيين في محيط مدينة رداع التابعة لمحافظة البيضاء، باستهداف دورية حوثية ما أدى إلى قتل ستة أشخاص على الأقل.

وأكدت مصادر محلية «أن الحوثيين أرسلوا تعزيزات عسكرية إلى محيط مدينة رداع وبدأوا التحرك إلى المناطق القبلية المجاورة المتاخمة لمحافظة مأرب من جهة الجنوب في سياق تضييق الخناق على خصومهم القبليين المسنودين بمسلحي القاعدة».
&