عقل العقل

قبل فترة وجيزة تناقلت وسائل الإعلام الدولية والمحلية خبراً مفاده بأن مؤسسة مارس ون الهولندية غير الربحية قد وقع اختيارها على 100 شخص مناصفة بين الرجال والإناث، لرحلة إلى كوكب المريخ من دون عودة، وتخطط هذه المؤسسة لنقل هذه المجموعة البشرية إلى المريخ في عام 2013، وكان الإقبال على التسجيل -كما قرأت- في هذه المغامرة مرتفعاً، ووصل العدد إلى 100 ألف راغب في المشاركة في هذه الرحلة إلى كوكب الحرب عند الإغريق، كما كان يطلقون عليه.

&

من القائمة النهائية لمن وقع الاختيار عليهم للسفر، يتضح أن الجنس الأبيض الأوروبي والأميركي قد حصل على النسبة الأعلى، فمنهم 39 أميركياً و31 أوروبياً، والبقية موزعة على مواطني قارات العالم، أما نحن العرب فقد تم اختيار اثنين منا فقط، ولا أعرف سبب تواضع هذه النسبة للشعوب العربية؟ هل يرجع ذلك بسبب دورنا المتواضع في الحضارة الإنسانية المعاصرة، أم هي بسبب الإقصاء وهيمنة الرجل الأبيض على كوكبنا؟

&

وهل هذا الرجل الاستعماري المغامر يسعى ويعمل ويخطط؛ لنقل هيمنته واستعماره إلى الكواكب الأخرى أم هو روح المغامرة والاستكشاف المترسخة في الحضارة الغربية؟ ونحن نعرف أن هذا الرجل الأبيض هو من اكتشف بعض القارات على كوكبنا؛ من أميركا إلى أستراليا وغيرهما من المناطق والجزر والتي كلها -وللأسف- تحمل أسماء غربية.

&

أما المرشحان العربيان فأحدهما مصري، وكما نقل عنه موقع «العربية نت» فهو يخطط إلى زراعة الملوخية في كوكب المريخ، وسيأخذ معه بعض من وجبة الكشري؛ لأنه يحبها، أما المرشح العراقي فلم نعرف ما هي خططه التي سيطبقها هناك، ولن أستغرب أن هذا المواطن العراقي قد يكون مطلبه الأساسي ودوافعه من هذه الرحلة هو البحث عن السلام والحروب التي يشهدها العراق، ولكن مشكلته أن مستعمر ومحتل ومدمر بلاده موجود معه وبكثرة في هذه الرحلة الفضائية، ونتمنى ألا يلحق الدمار والخراب والحروب في كوكب المريخ في حال نجح الإنسان في استيطانه وبناء مستعمرات بشرية في المستقبل، وقد يكون هذا الغزو البشري للكواكب الأخرى هو تعبير حقيقي عما يعتقده بعض سكان الأرض بأننا قد نكون مهددين بأشكال حقيقية من حروب نووية، أو أمراض قد تقضي على الجنس البشري في عالمنا.

&

كنت أعتقد بأن الرحلة إلى المريخ لا تحتاج إلى تأشيرة سفر، كما يطبق على مواطني دول العالم الثالث في حال رغبتهم في السفر إلى الدول الغربية، ولكن يبدو أن القوى الغربية متمثلة بالمؤسسة الهولندية الراعية لهذه الرحلة تمارس دور القوى الغربية في سبيل هيمنتها على المريخ والكواكب الأخرى مستقبلاً، أهي بسبب هواجس الصراعات الدينية والمذهبية التي تعصف بمعظم الدول الإسلامية، أم أن السعوديين والذي وصل ستة منهم إلى التصفيات النهائية تم استبعادهم من هذه الرحلة ولا نعرف السبب الحقيقي لذلك؟

&

ولكن بعض القراء ومن خلال تعليقاتهم على الخبر في بعض المواقع الإلكترونية، قد تطرقوا إلى بعض الأسباب التي قد تكون وراء الاستبعاد، وعبَّروا عن ذلك بطريقة كلها سخرية وتهكم، وقد ذكروا مثلاً أن المؤسسة الراعية مثلاً تخوفت من أن يجلب السعوديين معهم (شبوك) لتشبيك أراضي المريخ، وبعض آخر ذكر أن السبب قد يكون هناك اختلاط بين الجنسين في هذه الرحلة وهؤلاء المواطنون يرفضون الاختلاط، أو بسبب بعض الفتاوى الدينية التي تحرم القيام بهذه الرحلة، وناشد أحد المواطنتين وزير الإسكان بأن يعجِّل ببناء مساكن وبسرعة للمواطنين قبل أن يهاجروا إلى المريخ، وقد يكون تملك المنازل فيها أرخص وأسرع من قوائم وزارة الإسكان.
&