&

&بدر الديحاني

& حرب اليمن أو الحملة العسكرية "عاصفة الحزم "، (تدخل عسكري وعمليات جوية موجهة ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران)، التي تقودها السعودية وتشارك فيها دول مجلس التعاون باستثناء سلطنة عُمان، بناء على طلب رسمي من السلطة الشرعية في اليمن، بالإضافة إلى بعض الدول العربية والإسلامية، فضلا عن دعم أميركا ودول أوروبية، لها، أي للحرب، عدة أهداف سياسية واقتصادية، حيث إن الصراع في المنطقة صراع سياسي لا طائفي أو مذهبي كما يُروّج الطائفيون، من خلال بعض وسائل الإعلام، بُغية جرّ الناس البسطاء إلى خلافات مذهبية جانبية تُلهيهم عن قضاياهم الوطنية الكثيرة المشتركة.
في مقدمة الأهداف التي تطمح السعودية والدول المشاركة إلى تحقيقها من عملية "عاصفة الحزم"، تأتي حماية أمن السعودية، أو بشكل أدق وجودها ككيان متماسك، وأمن دول مجلس التعاون أيضا لأن الاضطرابات السياسية والأمنية في اليمن لها تأثير مباشر على أمن المنطقة، ولا سيما بعد سيطرة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران على صنعاء، وتمددها إلى معظم محافظات اليمن؛ وصولا إلى مدينة عدن في الجنوب، وما رافق ذلك من تصريحات استفزازية وتهديدات غير مسؤولة صادرة عن بعض القيادات الحوثية والإيرانية موجهة للسعودية بشكل خاص ودول المنطقة بشكل عام.
يضاف إلى ذلك أن سيطرة ميليشيات الحوثيين المدعومين من إيران على اليمن وانفرادهم بالسلطة معناه عمليا التحكم في مضيق "باب المندب" الذي يعتبر المنفذ الرئيسي للطاقة العالمية (النفط) بين أوروبا وشرق آسيا من خلال قناة السويس، وهو الأمر الذي يمثل تهديدا للمصالح الاقتصادية لدول مجلس التعاون ومصر أيضاً، وهناك بالطبع أهداف سياسية يبدو أن السعودية تطمح إلى تحقيقها من خلال عملية "عاصفة الحزم" تتعلق بتحقيق توازن إقليمي في القوى لمواجهة النفوذ الإيراني الذي بدأ يتمدد شمالا (العراق وسورية ولبنان) وجنوبا (اليمن)، وما قد يحمله ذلك من تهديد مباشر لأمن المنطقة، لا سيما أن إيران لديها مشروع توسعي، يستهدف مد نفوذها في المنطقة من خلال جماعات مذهبية تابعة لها، وهو المشروع الذي بات يعلن عنه، بكل عنجهية، بعض قياداتها كلما سنحت لهم الفرصة، وآخرهم "علي يونسي" مستشار الرئيس الإيراني عندما قال، قبل بضعة أسابيع، بحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانيين "إيسنا" خلال منتدى "الهوية الإيرانية" في طهران "إن إيران أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي"!
هل الحرب هي الخيار الأوحد لتحقيق هذه الأهداف؟! كلا بالطبع، فالحلول السياسية هي الخيار الأفضل على الدوام، فالحرب، أي حرب، ليست نزهة، وليست هناك حرب نظيفة، فكل الحروب مدمرة بشرياً ومادياً ونفسياً، ولها تأثيراتها السلبيّة الكثيرة التي تمتد إلى سنوات قادمة، ولكن يبدو أن تعنُت الحوثيين المُستند إلى الدعم الإيراني الذي يعتبر تدخلا في الشأن الداخلي اليمني هو الذي عجّل باندلاع حرب "عاصفة الحزم"، التي ينبغي على الجميع العمل الجاد على وقفها على وجه السرعة وعودة جميع الفرقاء السياسيين في اليمن، تحت ضمانات دولية، إلى طاولة الحوار الوطني.
أما فيما يتعلق بوضعنا الداخلي الذي يعاني استقطابا طائفيا حادا فإنه لا فائدة البتة من الكلام الإنشائي المُرسل أو الأغاني العاطفية لمنع تأثر مجتمعنا بتداعيات الحرب، وبالذات التأجيج الطائفي البغيض، وما يترتب عليه من أعمال متطرفة كما حصل في ثمانينيات القرن المنقضي أثناء الحرب العراقية-الإيرانية؛ لهذا فإنه من الأهمية بمكان اتخاذ قرارات سياسية جريئة تتضمن الاعتراف بالأخطاء التي ترتب عليها استقطاب طائفي حاد ومعالجتها، ثم طرح مشروع إصلاح سياسي وديمقراطي شامل، يستهدف قيام دولة مدنية ديمقراطية عصرية يشارك الجميع في بنائها، وهو الأمر الذي من شأنه تهدئة الجبهة الداخلية وتقويتها، ومنع تأثرها بالضجيج الطائفي الصاخب المرافق للحرب والصادر عن بعض الأصوات الطائفية والانتهازية.
&