سيناريو مثير: «الأنبار» خارج كعكة بغداد ومشايخها يجتمعون في عمان في نقاش «لأول مرة» يطال مستقبل العلاقة مع الأردن


بسام البدارين

&توحي الإجراءات الإقصائية التي يتخذها قادة الحشد الشيعي العراقي بتواطؤ مع الحكومة المركزية في بغداد ضد النازحين من محافظة الأنبار بأن الأطراف اللاعبة الأساسية مرحليا بدأت فعلا تتهيأ لفرض وقائع عزل الأنبار عن سياق الدولة العراقية الموحدة، الأمر الذي لا تحاول نفيه أو الوقوف بوجهه حكومة بغداد أو حتى بعض الأطراف الإقليمية النافذة داخل العراق مثل إيران.
على جبهة الأنبار نفسها تبدو مشاعر واتجاهات النخبة في هذه المحافظة المبتلاة بالحشد الشيعي والإقصاء وتنظيم داعش معا «ملتبسة» إزاء خيارات الواقع والمستقبل، الأمر الذي يمكن تلمسه بطبيعة الحال من طبقة الكريما العراقية المنتمية إلى قبائل وعشائر الأنبار والمتمركزة في العاصمة الأردنية عمان. أردنيا تراقب المؤسسات الرسمية والأمنية على مدار الساعة كل صغيرة وكبيرة في تطورات الملف العراقي، ويشغل ما يحصل في الأنبار تحديدا أوساط القرار الأردنية والمؤسسات السيادية حتى بعد تعزيز النقاط الحدودية بأفضل تجهيزات وأسلحة الحراسة والأمان.


وجهة نظر الأردن الرسمية في مسارات الأحداث في الأنبار بعد هجوم قوات تنظيم «الدولة» الفتاك على عاصمتها الرمادي ترتكز حول الاجتهاد الأمني والسياسي وحتى العسكري لمنع أو للاحتياط في منع حصول هامش أو فراغ جغرافي بين نقاط الحدود على الأرض الأردنية وبين قوات داعش، حيث لا يوجد جيش عراقي نظامي ولا فواصل جغرافية يعتد بها وحيث لا زالت حركة الشاحنات والعبور مشتغلة بصرف النظر عن تطورات الأحداث في الميدان.
ولا تخفي السلطات الأردنية جاهزيتها للتعامل مع سيناريوهات الوضع المحتمل في حال تزايد أعداد النازحين العراقيين من الأنبار بصورة مقلقة باتجاه الأراضي الأردنية، هنا حصريا تشمل الجاهزية سيناريوهات أمنية بعنوان تأمين لاجئي الأنبار المحتملين داخل الأراضي العراقية ومنعهم من التجاوز باتجاه الاراضي الأردنية. اتصالات رفيعة ونشطة تجري في هذا السياق مع مجموعة أصدقاء عمان من ممثلي محافظة الأنبار التي يعتبرها المراقبون ان للأردن خبرة قوية وصلات وثيقة بها.
وهذه الاتصالات تشمل نخبة من كبار رجال الاعمال وقادة عشائر الأنبار الاثرياء الذين يوجد لهم مقرات ومنازل ونشاطات استثمارية في عمان أو انطلاقا منها علما بأن التعاون مع هذه الحلقات والمجموعات من أبناء محافظة الأنبار هو المقصود عندما يتحدث الأردن رسميا عن ضرورة تسليح ابناء العشائر في مواجهة المجموعات الإرهابية في العراق وسوريا وعلى رأسها تنظيم داعش.
العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني كان قد أثار موجة من التساؤلات حتى في صفوف النخبة الأردنية عن الخلفيات والمسوغات عندما أعلن ان بلاده موجودة في الأرض والميدان مع قوات التحالف داخل العراق وكان قد سبق ان اشار إلى اهتمام عمان بأن يتولى أبناء عشائر الأنبار ودرعا مسؤولية التصدي للإرهاب الذي يرتكب باسمهم.
الجديد الطازج في مساحة التواصل بين الأردن ونخب الأنبار يتمثل في الاستعدادات التي تجري لعقد النسخة الثالثة من لقاء مشايخ الأنبار قريبا في العاصمة عمان. وهي النسخة التي ستناقش حسب معلومات وثيقة حصلت عليها «القدس العربي» محورا يتعلق بطبيعة العلاقة في ظل الفوضى القائمة بين الأنبار والدولة الأردنية، مما يفتح المجال لقراءات غير مسبوقة تتحدث عن مستقبل لهذه العلاقات وهو تطور لافت في مسار الاتصالات بين الجانبين لا يمكن قراءته خارج سياق توفير غطاء دولي أو اقليمي أو كلاهما لنقاش من هذا النوع.
مسارات الأحداث المتسارعة جدا خصوصا في محافظة الأنبار تسير بالتلازم مع نمو قواعد اللعبة الجديدة في حكومة بغداد والأطراف الشيعية الفاعلة فيها تحت عنوان عزل أبناء الأنبار، وهو الأمر الذي يعبر عنه النقاش الإقصائي المتنامي في بغداد حول منع مجلس محافظة صلاح الدين من دخول تكريت وحول سيناريو «الكفيل» الذي وضع في مواجهة أبناء الأنبار النازحين باتجاه عاصمتهم بغداد.
&