مشاري الذايدي

ما زال الإعلامي الأميركي الشعبوي فريد زكريا يواصل نفث غضبه على السعودية، في كل فرصة تتاح له. ويحار المرء في تفسير هذا الحنق المستديم ضد السعودية، رغم أن زكريا ينتمي لأصول هندية مسلمة.


ليس تجنيا على الرجل، ولكن من واقع عدة أمثلة، وعلى مدى السنوات القريبة، هو ينسج مقالاته ومقابلاته على نول الحقد ضد السعودية. في المقابل تجده هينا لينا فاهما متفهما، حين يكون الحديث عن إيران الخمينية، أو جماعة الإخوان. هل هو يعبر عن موقف سياسي مضمر، تجاه السعودية، و«الحزم» السعودي، خاصة وأنه يقدم بوصفه من نجوم الإعلام الليبرالي الموالي لأوباما؟
مناسبة هذا الكلام عن زكريا، هو ما كتبه مؤخرا في «الواشنطن بوست»، تعليقا على أن السعودية قد تسعى لامتلاك سلاح نووي، إذا ملكته إيران - لا يوجد موقف رسمي سعودي في هذا - شتم زكريا السعودية. وقال إن السعودية جاهلة عاجزة، وإن جل ما تفعله: «حفر ثقوب في الأرض لاستخراج النفط ليس أكثر».


أما سياسة الحزم العربي، بقيادة السعودية، ضد الغزوات الإيرانية، فرأى زكريا أنه ليس حزما بل مجرد: «تعبير عن جزع يتغذى من المشاعر المعادية لإيران».
ثم يخلص في نهاية تحليله إلى أن مشكلة السعودية ليست في النووي الإيراني، بل مشكلتها الحقيقية هي في تداعيات هذا الملف و: «خروج طهران قوية بعد الاتفاق بشكل يجعلها في موقع لمواصلة سياساتها للتدخل في شؤون المنطقة».


نعم صدق زكريا، هذا ما يقلق السعودية، فلمَ هو غاضب؟!
مارس (آذار) الماضي أعاد الحساب الرسمي للبيت الأبيض على «تويتر»، التغريد لمقالة هجومية على السعودية - لزكريا ما غيره - نصرة لإيران وسياسة أوباما الكريمة معها.


أثناء حكم الإخوان لمصر من خلال مرسي، نشرت مجلة «المجلة» تحليلا عن تخبطات فريد زكريا، جاء فيه سخرية الصحافي حسين عبد الحسين، الكاتب والصحافي العربي المقيم بأميركا، حول فريد زكريا، فقال حسين: «زكريا يتظاهر بالمعرفة أكثر مما يعرف فعلا؛ خاصة في قصص الشرق الأوسط». ومما جاء في قصة «المجلة» تلك، الإشارة لدليل على تعالم زكريا وجرأته في الحديث عن المنطقة، أثناء مقابلة له مع المذيع الأميركي الشهير جون ستيوارت، حيث أكد بكل ثقة، أن مرسي لن يعين رئيس حكومة من جماعة الإخوان، وأنه على الأرجح سيعين الاقتصادي الأميركي من أصل مصري محمد العريان، وأن من يقول خلاف ذلك أعداء للإخوان، في اليوم التالي عين مرسي «الأخ» هشام قنديل رئيسا للحكومة!
كان المتوقع هو أن يختفي فريد زكريا من المشهد الإعلامي قليلا بعدما أجبرته قناة «سي إن إن»، التي يقدم بها، وصحيفة «الواشنطن بوست»، التي يكتب فيها، في أغسطس (آب) 2012 على الاعتذار العلني، وقد فعل، بعد سرقته مقالا لغيره وانتحاله.


أو على الأقل، أن يخفف قليلا من هذه الثقة الساطعة التي يتحدث بها عن شؤون المنطقة العربية والإسلامية.


لكن.. لله في خلقه شؤون.