عبدالله العوضي


«داعش» اللغز «المبهم الواضح»، لم يُجب أي محلل حتى الآن عن حقيقة أنصار التنظيم، وما الهدف من تركهم يعيثون في الأرض الفساد باسم الإسلام النزيه والمبرئ من كل نقص لأنه دين الله سبحانه وتعالى القائل: «إن الدين عند الله الإسلام».

بعد مرور عام على غزو هذه الجرثومة القذرة العالم العربي في ظرفه الذي لا يسر صديقاً يقف الجميع بلا استثناء رافعاً راية التعجب والدهشة من مفاعيل هذه الحركة المخزية باسم أطهر دين على وجه الأرض بشهادة رب العالمين.

&


حركة متطرفة تحارب الكل على الأرض وفي الوقت نفسه تمتنع عن مقاتلة البعض الذي يقاتل شعبه بأفتك أنواع الأسلحة المتاحة.

فلنلق نظرة على سوريا التي احتلت من قبل أفراد يمكن عدهم على أصابع اليد الواحدة، وفي ظرف سنة تملك الآن أرضاً مساحتها قرابة نصف مليون كيلومتر مربع ولم يمس النظام السوري من هذه الحركة شعرة، بل كل ما نراه أطناناً من براميل البارود تُلقى على الشعب السوري في أي مكان وقع فأحرق الحرث والنسل في آن واحد.

في ذات الوقت يعلن النظام عن استعداده التام لترك سوريا تحت رحمة الإرهابيين بكل فصائلهم مقابل أن يسمح له العالم بأن يحكم فقط اللاذقية بإنشاء دويلة علوية حتى لو قامت على حساب سوريا الكبرى، فأين التصدي والمقاومة عندما يصل الحريق إلى الدار وقعرها؟

وفي العراق توالى مسلسل انسحابات الجيش من الموصل وأخواتها وترك كل الأسلحة والعتاد والعدة بين يدي «داعش» وتوابعها باردة ومبردة، وتذهب التحليلات يمنة ويسرة لتتهم رأس السلطة الذي يملك إصدار قرار الانسحاب ليضرب الكل رأسه بالأسداس والأخماس وتُسحب من الجيش العراقي إرادة القتال فجأة، لكي يعيد الكرة ويصدر مقولة أن المعركة بينهم وبين «داعش» ذات «الأفراد» المعدودة كر وفر فلمَ العجلة أيها الناس، فالنصر عليهم ما زال قاب قوسين أو أدنى، وهكذا تورد الإبل في العراق، عراق العروبة الذي لعبت في ساحته طائفية فارس عن طريق سليمان فمن يهتم بذلك.

فدخل «الحشد الشعبي» لكي ينقذ العراق من بطش «داعش» بالناس جميعاً بقوة قدرت بـ120 ألف فرد لم يجدوا أمامهم إلا نهب ما تبقى من بيوت المهجّرين السُّنة، الذين تقطعت بهم السبل فلم يجدوا جيشاً يحميهم من بطش «داعش»، ولا «الحشد الشعبي» فاتهموا بالولاء لـ«داعش» أو الولاء للطائفة السنية وليس الشيعية الحاكمة.

والعالم من حولنا ينشر التقارير تلو الأخرى عن قتل قرابة عشرة آلاف «داعشي» خلال عام من عمر احتلالهم لتلك البقاع الشاسعة وهو ما يفترض أن قدراتهم الذاتية قد تقلصت فعلاً خاصة إذا كانت قوات التحالف تقتل شهرياً ألف «داعشي» مع اعتراف أهل تلك التقارير بتجنيد ألف «داعشي» شهرياً أيضاً من مختلف بلدان العالم وأكثرهم من أوروبا وما حولها. ولو كان الهدف القضاء عليهم فإن العدد الأولي الذي قارب الخمسة آلاف «داعشي» قبل عام كان سهلاً، فلماذا انتظر العالم حتى فاقوا الخمسين ألف «داعشي» وفق آخر تصريحات أوباما، فمن سمح لهم بهذه الزيادة الخطيرة، وفي وقت قياسي، لا يمكن للعاقل إلا أن يقف عند ذلك أكثر من مرة.

فإلى هذه الساعة فالعالم يعترف بأن «داعش» مشروع «دولة» مزعومة! وليست حركة كما كانت «القاعدة» في سالف عهدها، والدليل أن المؤسسات «الداعشية» بدأت تطل برأسها وأبرزها «المؤسسة» التي تسرق الآثار وتبيعها في السوق السوداء لتضيف الملايين من الدولارات إلى ميزانيتها التي زادت عن المليار دولار في غمضة عين وانتباهاتها.

إذا كان الهدف من إنتاج مثل هذا «الغول» في المصانع الغربية، ومن داخل أجهزة الاستخبارات الخبيرة بمكامن ضعف هذا المنتج، هو ترهيب العالم العربي والإسلامي بهم لتحقيق غايات بعيدة المدى، فإن من يذهب إلى احتوائهم ويرفض القضاء عليهم حتى يتم استنفاد الغرض من وجودهم كما «القاعدة» في أفغانستان، فإن هذه الحيلة ألا ينبغي تحول بيننا وبين الإصرار على دحرهم قبل أن يصبحوا وسيلة سهلة في مشروع تقسيم العالم العربي وفق آخر مستجدات تقارير المخابرات المركزية الأميركية لمن ألقى السمع وهو شهيد.

&





&