شملان يوسف العيسى

رحبت الجامعة العربية بإقرار وثيقة الإصلاح في العراق، وعدّت المصادقة البرلمانية عليها تحركاً نحو المسار الصحيح، وشدد الأمين العام للجامعة نبيل العربي على أهمية هذه الخطوات التي تأتي تلبيةً لمطالب قطاعات واسعة من الشعب العراقي، مشيداً باستجابة الحكومة العراقية لهذه المطالب وبما أعلنه رئيس الوزراء حيدر العبادي من عزم على تكريس دولة المواطنة وإبعاد الهيمنة الفردية والحزبية والطائفية والمحاصصة عن مؤسسات الدولة، كما دعا العربي جميع الأطراف والقيادات السياسية العراقية للتوافق من أجل إنجاح عملية الإصلاح وتوحيد الجهود الوطنية لمحاربة الفساد ودحر الإرهاب.

دعوة الجامعة العربية تمثل وجهة النظر العربية التي تتمنى استقرار العراق وازدهاره الاقتصادي ووضع حد لمآسي شعبه الشقيق.. لكن يبقى التساؤل: هل ينجح رئيس الوزراء العراقي في سعيه للإصلاح؟ وما هي المعوقات الرئيسية التي سوف تعترض طريقه؟ هذا مع العلم أن الدولة العراقية انهارت ولم يعد لها وجود فعلي، فالجيش العراقي تم حله ولم يتم استبداله على أسس وطنية فعلية، حيث حلت مكانه المليشيات الحزبية الدينية التي يترأسها المراجع وقادة الأحزاب الطائفية.

&


لنكن واقعيين وعمليين، كيف ستتم الإصلاحات المطلوبة إذا لم يتم التوافق بين القوى السياسية المختلفة؟ منذ فترة طويلة والسياسيون العراقيون، بمن فيهم رئيس الوزراء، يتحدثون عن أهمية الوحدة الوطنية وضرورة التوافق على برنامج عملي وطني يرضي الجميع.

واقع الحال يؤكد أن السياسيين العراقيين يملكون ميليشيات مسلحة وتنظيمات عسكرية مدربة لا يمكن أن تمنح الولاء السياسي للعبادي من دون ثمن، والمصيبة أن هذه المليشيات، سواء أكانت سنية أم شيعية أم كردية، يحركها سياسيون في البرلمان أو الحكومة أو المرجعيات الدينية.

رئيس الوزراء اليوم، وبعد أن أعلن عن إصلاحاته، أصبح في مفترق طرق، إما أن يظل في «حزب الدعوة» الذي ينتمي إليه والذي أوصله إلى سدة الحكم، أو يبادر بالتخلي عنه وكشف جميع أخطائه منذ استلم زعيمه نوري المالكي رئاسة الوزراء.

الكاتب العراقي رشيد الخيون.. كتب هنا في هذه الصفحات قائلا إن تظاهرات صيف 2015 جاءت بعد تراكم من الاستهتار لا يتوقف عند الخدمات، وإن ما يحدث بحاجة إلى حل جذري، لهذا خرج خطيب الحسينية «الفاطمية» بالنجف كاشفاً عن وجه الدولة الدينية المقامة بلا إعلان، يوم الجمعة 7-8-2015، مكرراً النعوت التي أُطلقت ضد تظاهرات ربيع 2011 بوصفها «مؤامرة ضد تجربة الحكم» في العراق، وكمحاولة لإفشالها، لكن «صدر الدين القبانجي، أحد نشطاء حزب الدعوة الإسلامية سابقاً وفي المجلس الإسلامي الأعلى لاحقاً، تناسى أن تجربته الإسلامية فاشلة منذ يومها الأول وبعد فشل دام اثني عشر عاماً حق لها أن تسمى بالكارثة».

ما يدعونا للتفاؤل في مستقبل العراق هو أن المظاهرات السلمية ذات طابع وطني، مما يجعلنا نفخر بالقائمين عليها، والمطلوب من العبادي حالياً أن يبادر بمشاريع جديدة يمكن تطبيقها فعلياً، وبتلبية المطالب الشعبية المشروعة بتوفير الخدمات المطلوبة من كهرباء وماء وصحة وتعليم وعمل وكرامة إنسانية.. لكن هل السياسيون اللذين يحكمون العراق اليوم مستعدون لعمل كل ما يمكن عمله لمصلحة العراق، أم أنهم سيحاولون حماية مصالحهم وجماعاتهم ومليشياتهم ورجالهم الفاسدين؟
&