& فهد الطياش

قد يظن البعض أن المتابع من الخارج للمواجهات اللبنانية بسبب النفايات ينظر بذات العين اللبنانية في الداخل. فالمتابع من الخارج بات يرى أنواعاً أخرى من النفايات الخارجة من لبنان. ولا أبالغ كثيراً أن أهل الخليج هم الأكثر وضوحاً في التعامل مع هذه الأنواع من النفايات. فالعربي لا يرضيه ما آلت إليه الأمور في لبنان من أزمات تتكرر ولعل أوضحها مأزق الاستحقاق الرئاسي. فهناك قوى سياسية لبنانية تظهر للعالم الخارجي أن ما يهمها هو الفوز في خصومتها السياسية ولو حساب لبنان الوطن. وهناك محاولات عدة من بعض هذه القوى لاستعراض القوة في الشارع ففشلت وكأن رسالة النفايات أقوى من رسالة التيار السياسي. وبالعودة إلى النفايات اللبنانية التي طفحت إلى الخارج وعلت على صوت لبنان تقع في قمة تراكماتها تلك الخلية الإرهابية التي كشفت عنها الكويت وترتبط بحزب الله. ولو قارنا الوضع بين لبنان والكويت لوجدنا أن الأخيرة مع شقيقاتها الخليجيات أكثر تعاطفا وتعاوناً مع لبنان بل وحرصاً على أمنه واستقراره. ولكن الجزاء "جزاء سنمار". فيد الخليج دوماً هي الأكثر عوناً للاشقاء هناك ولم تضع دول الخليج الاختلاف المذهبي طيلة عقود طويلة من الزمن هي المحك في العلاقات مع اللبنانيين. ولكن عند اصطفاف اللبناني مع الفارسي كخنجر في ظهر أخيه العربي، بدأت دول الخليج في تنظيف تلك الأيدي القذرة قبل أن تبدأ مشوار نفث السموم ورمي نفايات الشر في شوارع الخليج. نعم تم وضع المتعاطفين والمنتمين لحزب الله تحت عين الرقيب. ولكن المفروض أن يكون تحت عين الرقيب اللبناني حتى لا تستدرج لبنان أكثر وأكثر إلى المستنقع السوري. ولكن لا فائدة سلاح المقاومة أصبح في وجه اللبناني ومع مواجهات النفايات أصبح استدراج الشارع إلى جعل قوى الأمن الداخلي هي عدو اللبناني وليس من عطل كل الاستحقاقات التي قادت إلى هذا الوضع المتردي. لبنان يئن من مشاهد النفايات المتعددة من بلطجة وسوء استغلال للسلطة جعل اللبناني يحلم بالهجرة والبعض بات يقولها علنا:" يا خيي بدنا نفل من هالبلد". وبالرغم من تردي هذه الأوضاع يبرز صوت الوطن وهو يدعو الأبناء:ريحتكم طلعت، فماذا أنتم فاعلون؟ أعتقد أن كل محب للبنان يتمنى عودة الوضع الآمن والاستقرار إلى كل ربوع لبنان. وأن تقف تدخلات حزب الله في سورية في جرّ المواجهات إلى الداخل اللبناني وهناك خلق تناحر في المخيمات الفلسطينة في عين الحلوة ونسأل الله اللطف بكم وبهم. فكم يفرح العدو الصهيوني من هذا الاقتتال . ولا أعتقد أن القابع بعيداً في فارس ببعيد عن بث الأحقاد وإيغار الصدور حتى بات اللبناني عدو اللبناني.

لبنان بلد الجمال والذوق، وبلد الجذب السياحي وبلد الفنون الجميلة سئم من استمرار النفايات السياسية والحزبية والمذهبية وحتى الاستئجار الإعلامي من أجل التناحر. لبنان سئم من كل هذا. ولن تقوم للبنان قائمة في ظل التشرذم وصراع القوى الزائف. المخرج الحقيقي قد يكون تحت ركام النفايات مع بداية عام دراسي جديد. أتمنى من كل قطاعات التعليم اللبنانية أن تعرض لمشاهد النفايات ومواجهة قوى الأمن على كل الطلاب عبر الشاشة أو الزيارة الميدانية. ويطرح على الطلاب هذا هو مشهدنا الحالي فماذا عساكم فاعلون. فربما يخرج من هذا الجيل جيل يحمل لبنان إلى آفاق المستقبل. أن يعرف هذا الجيل أن عمق لبنان العربي ليس في قم أو طهران. ان منظومة الاقتصاد اللبناني والمصرفية اللبنانية جاذبة وليست طاردة وأرض لبنان جاذبة وليست طاردة. وأن يد الخليج ممدوة لتقوى تلك المنظومة شريطة أن ترفع خناجر الغدر عن ظهورنا وأن تقف حدود النفايات إلى حدودها الطبيعية التي يمكن أن تجمع وتحرق قبل أن تحرق الأخضر واليابس. وراجع راجع يتعمر لبنان. أحد الزملاء اللبنانين اختصر حاله في الغربة ومشاهدة ما يدور في لبنان بترديد:

إني لأبذل أنفاسي بلا ثمنٍ

حتى أراك كما أهواك يا وطني

الحب لله ثم الحب للوطن

حكاية الناس في الدنيا وفي الزمن